ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - 09 - 06, 04:25 ص]ـ
وهل نلغي عقولنا و نفهم بفهم غيرنا؟
قال تعالى (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)
فلم نشك في قدرتنا على الفهم و التدبر، هل على قلوبنا أقفال؟
سبحان الله!
أخي الكريم، هل أنت مستيقن أنك تفكر فيما تكتب قبل أن تكتبه؟!
العقل عقلان: مطبوع ومصنوع، ولا ينفع أحدهما بغير الآخر، ولو كان كل إنسان يستقل بالفهم كما يشاء لما كان لأهل العلم فضل، ولماذا نتناظر إذن ما دمت تريد كل إنسان أن يفهم بفهمه، إذن فافهم ما تشاء ودعني أفهم ما أشاء؟
يعني هل ترى أن فهمك حجة عليَّ؟!!
وهل فهمي ليس بحجة عليك؟!
لو قلت بذلك فما أنصفت والله العظيم.
وأما فهمك بفهم لم تسبق إليه، فقد سبق أن وضعنا موضوعا مستقلا عن هذه المسألة، وفيه الكفاية والقناعة لمن كان له قلب.
كنت قد وعدتك بكتابة موضوع عن مشروعية الفهم بفهم غيرنا لأن هذا هو نقطة الخلاف بيننا الآن، فأنت حجتك في رد أي قول أنك لم تقف على قائل به، أو لم يقل الجمهور به، و هناك فرق بين (لم تقف على قائل به) و (لم يقل به أحد) لأنك لا تستطيع الوقوف إلا على أقوال جمع قليل من أهل العلم و هم الذين وصلتك مؤلفاتهم.
سبحان الله!!
طيب أنا لم أقف على قائل به، فهل وقفتَ أنت على قائل به؟!
وإذا لم أقف لا أنا ولا أنت على قائل به، فهل يحل لنا أن نخترع أقوالا في دين الله لم يعرفها المسلمون أربعة عشر قرنا!!
يعني أنت تقول: يحتمل أن يكون هناك من قال به ولم نقف عليه؟!
هذا يحتمل عقلا؛ لكن لا يقول هذا الكلام إلا أهل البدع؛ لأننا لو فتحنا هذا الباب فكل شيء محتمل.
فيحتمل أن يكون هناك من أنكر حجية الكتاب والسنة ولم نسمع به، ويحتمل أن يكون هناك من النصوص ما علمه بعض العلماء ولم يصلنا.
ولو فتحنا هذا الباب لفتحنا بابا للزندقة في دين الله!!
عندما أقول لك: لم يقل به أحد، فقد علم كل عاقل أنني لم أقف على أقوال الناس جميعا، ولكن هذه طريقة أهل العلم قديما وحديثا في المناظرة، وابن حزم كثيرا ما يقول: (لا يختلف فيه مسلمان) فهل وقف ابن حزم على أقوال جميع المسلمين؟!
إذا قلت لك: لم يقل به أحد، فلا يصح أن تقول: يحتمل أن يكون قيل به ولم يصلنا؟ فهذا كلام معدوم لا قيمة له؛ ولا فرق بينه وبين أن أقول لك: يحتمل أن يكون في المسألة نص ولم يصلنا؟
فإما أن تأتيني بمن قال به من أهل العلم، وإما أن تسلم لي أنه لم يسبقك إلى القول به أحد.
وإني لأعجب ممن يتجرأ على الكلام في دين الله عز وجل ولا يتردد في القول بقول لا يعلم هو أحدا من أهل العلم قال به في ألف وأربعمائة سنة!!! ثم لا يكتفي بذلك بل يقول: هذا هو الدين الحق الذي لا حق غيره؛ وكأن هذا الحق غاب عن الأمة مئات السنين، وكان المسلمون على ضلال مبين طوال هذه القرون حتى ظهر القائل بذلك في عصرنا هذا؟
ويا ليت الأمر كان مقتصرا على مسألة من المسائل الخفية التي يحتمل ألا تشتهر بين أهل العلم ولا يتداولوا القول فيها، لا، بل الأمر في مسألة أساسية تكلم فيها العلماء وقتلوها بحثا، وبنوا عليها ألوف المسائل، ومع ذلك فكل هذه القرون كانت في ضلال وما عرفنا الحق إلا الآن؟!
هذا الكلام السابق ليس عن القياس، ولكنه رد على كلامك بجواز إحداث قول لا تعلم أحدا سبقك إلى القول به، فهذا القول أشنع جدا من إنكار القياس، فيا ليتك اقتصرت على ذلك.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - 09 - 06, 04:41 ص]ـ
طيب يا أخي الكريم
أنت تقول: (هذه أمثلة ضربها النبي صلى الله عليه وسلم لتقريب المراد وتفهيم المعنى)
لماذا تكون هذه الأمثلة المضروبة مفيدة في تقريب المراد وتفهيم المعنى؟
لماذا تشعر في نفسك أن هذه الأمثلة المضروبة تزيدك فهما للمعنى؟
أليس المراد بضرب الأمثلة إيضاح ما يكون فيها من التشابه؟
فإذا كان العقل يستطيع فهم هذه النصوص التي فيها بيان التشابه بين بعض الأمور وبعض، أفلا يستطيع العقل أن يضم إلى هذه المتشابهات ما يشبهها؟
وماذا يقصد الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث عمر بقوله: (فمه؟)
وهل الفهم الذي فهمتَه أنت للحديث نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم؟ وكيف عرفتَ أن هذا الفهم صحيح؟
ومن قال لك: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قاس القبلة على الجماع؟ وهل كان عمر أصلا يعرف القياس؟ ألم تقل من قبل: إن القياس هذا ضلال مبين وباطل في الشرع؟ فمتى سمع عنه عمر بن الخطاب أو عرفه؟
طيب نتنزل قليلا:
لماذا لم يقل له النبي صلى الله عليه وسلم: (اتق الله يا عمر؛ ودع القياس فإنه ضلال مبين ومحرم) فعلى كلامك أنه بين له أن العلة التي ظنها علة خطأ، فيكون قد أنكر عليه صحة العلة وهذا ليس إنكارا لأصل القياس، كما لو أعطى الطبيب المريض دواء خاطئا فيكون الخطأ في الدواء لا في أصل التداوي.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - 09 - 06, 04:49 ص]ـ
السؤال: هل نستطيع أن نفهم النص كاملا بفهم العرب للكلام أم لا؟
إن قلت نستطيع .. فإنك تبطل تعلقك بالفهم بفهم غيرنا.
و إن قلت قد لا نستطيع أحيانا، فإنك تنكر تكفل الله بحفظ الذكر كاملا لنا، إذ لا يمكن وصف ما نعجز عن فهمه من الذكر بأنه محفوظ.
أو أنك تحكم بأن على قلوبنا أقفال لقوله تعالى (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)!!!
سبحان الله!! هل أنت حقا تتفكر قبل أن تكتب؟!
هل الناس تتساوى في فهم النصوص، وهل العامي والجاهل يستوي مع العالم الذي أفنى عمره في درس الشريعة؟!
هل حفظ الله الذكر معناه أن يكون كل إنسان على وجه الأرض قادرا على فهمه استقلالا؟
أتحداك أن تجيء بعالم واحد على ظهر الأرض قال هذا الكلام؟!
وكلامك له وجه من الصحة، ولكن إذا وجهناه لعموم الأمة وليس لفرد من أفرادها، بمعنى أن فهم الأمة مجتمعة للنصوص يكون معصوما من الخطأ، وبذلك يحفظ الله الذكر.
أما أن تقول: إن فهم كل إنسان هو حجة في دين الله؛ ويستطيع كل من هب ودب أن يفهم النصوص كما يشاء، فهذا قول واضح البطلان يغني إيراده عن رده.
المشكلة أنك ترد فهم الحديث لأن غيرك فهموه على نحو ما و ليس لقناعة منك برد هذا الفهم.
سبحان الله!!
من أخبرك بذلك، أتنكر القياس، ثم تدخل في قلوب الناس؟!
¥