قواعد الفقه تشبه الأدلة وليست بأدلة لكن مضمونها بالدليل وصارت يقضى بها في جزئياتها كأنها دليل على ذلك الجزئي فلما كانت كذلك تاسب ذكرها في باب الاستدلال) ثم شرع بذكر القواعد الفقهية وقال القرافي رحمه الله: (فإن الشريعة المعظمة المحمدية زاد الله تعالى منارها شرفا وعلوا اشتملت على أصول وفروع، وأصولها قسمان أحدهما المسمى بأصول الفقه وهو في غالب أمره ليس فيه إلا قواعد الأحكام الناشئة عن الألفاظ العربية خاصة وما يعرض لتلك الألفاظ من النسخ والترجيح ونحو الأمر للوجوب والنهي للتحريم والصيغة الخاصة للعموم ونحو ذلك وما خرج عن هذا النمط إلا كون القياس حجة وخبر الواحد وصفات المجتهدين، والقسم الثاني قواعد كلية فقهية جليلة كثيرة العدد عظيمة المدد مشتملة على أسرار الشرع وحكمه، لكل قاعدة من الفروع في الشريعة ما لا يحصى ولم يذكر منها شيء في أصول الفقه. وإن اتفقت الإشارة إليه هنالك على سبيل الإجمال فبقي تفصيله لم يتحصل، وهذه القواعد مهمة في الفقه عظيمة النفع وبقدر الإحاطة بها يعظم قدر الفقيه، ويشرف ويظهر رونق الفقه ويعرف وتتضح مناهج الفتاوى وتكشف، فيها تنافس العلماء وتفاضل الفضلاء، وبرز القارح على الجذع وحاز قصب السبق من فيها برع، ومن جعل يخرج الفروع بالمناسبات الجزئية دون القواعد الكلية تناقضت عليه الفروع واختلفت وتزلزلت خواطره فيها واضطربت، وضاقت نفسه لذلك وقنطت، واحتاج إلى حفظ الجزئيات التي لا تتناهى وانتهى العمر ولم تقض نفسه من طلب مناها ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات لاندراجها في الكليات، واتحد عنده ما تناقض عند غيره وتناسب. وأجاب الشاسع البعيد وتقارب وحصل طلبته في أقرب الأزمان وانشرح صدره لما أشرق فيه من البيان فبين المقامين شأو بعيد وبين المنزلتين تفاوت شديد ... ) الفروق ((1/ 2 - 3)
وأضرب لك مثلا لاستدلال الأئمة بالقواعد الفقهية:
سئل الإمام الشافعي رحمه الله إذا فقدت المرأة وليها في سفر فولَّت أمرها رجلا فقال: يجوز؟ قيل له: كيف هذا؟ قال: إذا ضاق الأمر اتسع) المنثور في القواعد للزركشي (1/ 120 - 121)
القسم الثاني: قواعد فقهية إجتهادية فهذه لاتعتبر دليلا مستقلا فتبقي محل اجتهاد.
ينظر للفائدة حول الاستدلال بالقواعد الفقهية: الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية لشيخنا الدكتور محمد صدقي البورنو (ص 38 - 43) مجلة الأحكام العدلية ص 10 مع شرح علي حيدر المسمى درر الحكام شرح مجلة الحكام. غمز عيون البصائر للحموي (1/ 37) المدخل الفقهي (2/ 934) القواعد الفقهية ت علي بن أحمد الندوي (ص 329 - 332) شرح الكوكب المنير (4/ 439) حاشية البناني على جمع الجوامع (2/ 290)
ـ[أبو هاني الأحمد]ــــــــ[08 - 09 - 06, 04:27 م]ـ
اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم
الأخ الكريم أبو حازم حفظه الله
اعذرني فلي مع وقفاتك وقفات أيضا.
1 - قلتَ ما نصه:
( ... القسم الثاني: قواعد فقهية إجتهادية فهذه لاتعتبر دليلا مستقلا فتبقي محل اجتهاد ... )
قد كانت هناك أمور "تؤكد" لك أن كلامي عن هذا القسم الثاني لا عن القسم الأول الذي الأصل فيه آياث وأحاديث ولذا سميت قواعد قطعية شرعية ... الخ
ومن تلك الأمور المؤكدة ما يلي:
أولا - قيدتُ القواعد المعنية بكلمة "البشرية" فهذا "يؤكد" لك أني لا أعني بحال تلك القواعد الشرعية المنصوص عليها حرفيا
ثانيا- السائل سأل عن قاعدة فقهية "التابع تابع " ولم يسأل عن آية أو حديث فهذا يبين لك أن المقصود من الكلام هو القواعد الفقهية البشرية لا الشرعية.
ثالثا- بما أنه ليس لأحد أن يجرؤ فيتكلم عن القواعد الشرعية _الآيات والأحاديث_ فهذا يؤكد لك أن كلامي منصرف للقواعد الفقهية البشرية.
فإذا تبين لك وضوح مقصدي وأني أعني القواعد الفقهية البشرية لا الشرعية من آيات وأحاديث، فبإمكانك أن تعد قراءة ردي مرة أخرى لترى انتظامه مع هذا المقصد، فإن لم تعد قراءته فدونك خلاصة كلامي عن القواعد الفقهية البشرية الاجتهادية:
عدم وضعها في مصاف الأدلة الشرعية بل فقط الاستئناس بها مع الاحتراس أثناء التعامل معها
¥