تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأقول: منها: أطفال المؤمنين، أجمع العلماء إلا من شذ أنهم مع آبائهم في الجنة لقوله ما سئل عنهم قال: (في الجنة مع آبائهم)، ذلك لأنهم تبع لآبائهم في الوجود فيتبعونهم في الحكم لأن التابع في الوجود تابع في الحكم، ولعل قائل أن يقول: ذلك يقتضي أن أطفال المشركين مع آبائهم في النار؟ قلنا: نعم، قاعدتنا تقتضي ذلك، وقال به بعض أهل العلم، لكن هذا لا يلزمنا؛ لأننا قلنا في نص القاعدة (إلا بدليل) فإذا وجد عندنا دليل يفك هذا التلازم فإننا نعمل به، وقد وجد عندنا دليل يفك هذا التلازم، وهو قوله لما سئل عنهم: (الله أعلم بما كانوا عاملين) وفي الحديث الآخر الصحيح أثبت أنهم: (يمتحنون في عرصات يوم القيامة)، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنهم يمتحنون في الآخرة والله أعلم بما كانوا عاملين، وهو القول الذي توجهه الأدلة وتدل عليه وبالتالي فلا تجري عليه قاعدتنا لوجود الدليل الذي يفصل بين أولاد المشركين وآبائهم أي قد وجد الدليل الفاصل بين التابع ومتبوعه.

ومنها: أن الولد ذكرًا كان أو أنثى يتبع في الرق والحرية والإسلام والكفر والنسب أبويه، فيتبع في الرق أمه، ويتبع في النسب أباه، ويتبع في الإسلام من أسلم من أبويه؛ لأنه تابع لهما، والتابع في الوجود تابع في الحكم.

ومنها: اللقيط: إذا وجد في بلادٍ إسلامية، أو يغلب فيها المسلمون فإنه يحكم بإسلامه؛ لأنه تابع لأهلها في الوجود إذ هو موجود بينهم فيكون تابعًا لهم في الحكم وهو الإسلام، وكذلك إذا وجد في ديار كفارٍ ليس فيها مسلم فإنه يحكم بكفره؛ لأنه تابع لهم في الوجود، والتابع في الوجود تابع في الحكم.

ومنها: الحمل في البطن: إن بيعت أمه دخل معها في البيع تبعًا مع وجود الجهالة لكنه لا يفرد بثمن خاص، ذلك لأنه مجهول والمجهول لا يصح بيعه؛ لأنه من الغرر وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، لكن لما بيعت أمه فإنه يدخل معها تبعًا مع أنه لو أفرد بالبيع لم يصح لأنه تابع لها في الوجود فيكون تابعًا لها في الحكم.

ومنها: إذا بيع القفل فإنه يدخل معه مفتاحه في البيع تبعًا له؛ لأن المفتاح تابع للقفل في الوجود، والتابع في الوجود تابع في الحكم.

ومنها: إذا بيعت الدار فإنه يدخل في بيعها ما كان من ضروراتها كالجدران والسقف والأرض وما كان متصلاً بها لمصلحتها كالأبواب والنوافذ والسلم والخابية المدفونة؛ لأن هذه الأشياء تتبع الدار في الوجود، والتابع في الوجود تابع في الحكم، وتغتفر الجهالة في أساساتها وحيطانها؛ لأنها تابعة للدار في الوجود فتتبعها في الحكم.

ومنها: جلد الحيوان يتبع حكم الحيوان نفسه، فإن كان الحيوان طاهرًا فإن الجلد طاهر، وإن كان نجسًا فهو نجس؛ لأنه تابع، بل هو تابع للحيوان في الحكم حيًا أو ميتًا، فبهيمة الأنعام طاهرة في الحياة ويحلها الذكاة فجلدها طاهر، والحمار الأهلي نجس فكذلك جلده نجس وإذا ماتت بهيمة الأنعام حتف أنفها أي بلا ذكاة شرعية فإنها تكون نجسة وجلدها كذلك ينجس تبعًا لها، ذلك لأن الجلد تابع للحيوان في الوجود فيكون تابعًا له في الحكم، ولا يشكل على ذلك طهارة الجلد بالدبغ من الحيوان الطاهر في الحياة؛ لأن طهارته دل عليها الدليل، وكذلك الآدمي طاهر في الحياة فجلده كذلك طاهر، وطاهر بعد الموت على القول الصحيح، فكذلك جلده طاهر تبعًا له، لأن التابع في الوجود تابع في الحكم.

ومنها: إذا ضحى الإنسان عنه وعن أهل بيته أجزأ عن الجميع على القول الصحيح، أما هو فلأنه الأصل، وأما هم فلأنهم تبع له في الوجود فيتبعونه في الإجزاء.

ومنها: قال الفقهاء: (إذا برئ الأصيل برئ الضامن) والمراد بالأصيل صاحب الدين، والضامن من ضمن الدين الذي في ذمته، فإذا سدد الأصيل وبرئت ذمته فإنه تبعًا تبرأ ذمة الضامن؛ لأن الضامن تابع للأصيل في التحمل، فإذا برئت ذمة الأصل برئت ذمة الفرع، ويدخل هذا الفرع تحت قاعدة أخرى وهي قولهم: (إذا سقط الأصل سقط الفرع إلا بدليل).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير