تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومنها: إن حق النفقة الزوجية والسكنى والمعاشرة الحسنة وحق المبيت والطاعة، كل هذه تتبع عقد الزواج في الوجود، فإذا وجد وجدت، ولا يحتاج إلى النص عليها إلا إذا كان في شيءٍ زائدٍ على العرف فلا يلزم المرأة أن تشترط النفقة ولا السكنى ولا المعاشرة الحسنة، ولا يلزم الزوج أن يطأها ولا أن تطيعه إلا فيما كان عرفا؛ لأن ذلك كله يثبت بمجرد العقد، ويحدده العرف فإذا وجد العقد وجدت هذه الأشياء، وإذا انفسخ بخلعٍ أو طلاق سقطت هذه الأشياء فلا يحتاج إلى التنصيص عليها في العقد، والله أعلم

ومنها: من اشترى أرضًا دخل في الشراء غراسها وبناؤها وحشيشها وما فيها من الآبار؛ لأنها تابعة للأرض في الوجود، والتابع في الوجود تابع في الحكم إلا بدليل.

ومنها: الحائض والنفساء لا تصلي بالدليل الصحيح والإجماع، فالصلاة المفروضة قد سقطت عن الحائض والنفساء، فتسقط نوافلها تبعًا لسقوطها؛ لأن النافلة شرعت لإتمام نقص الفرائض، فإذا سقطت الفرائض أصلاً فتسقط النوافل تبعًا؛ لأن النافلة تتبع الفريضة في الوجود فتتبعها في الحكم، وقد حكمنا على الفرائض بالسقوط فكذلك نعدي الحكم على نوافلها وهذا واضح جلي.

ومنها: إذا توضأ الإنسان عن حدثٍ أصغر فإنه يرتفع الحدث عن هذه الأعضاء الأربعة؛ لأنها مغسولة، ويرتفع الحدث عن بقية البدن تبعًا لارتفاع الحدث عن هذه الأعضاء الأربعة، وهذا من باب التفريع فقط، وإلا ففيه نقاش عريض.

ومنها: المأموم تابع لإمامه في الصلاة فإذا سها الإمام فعليه وعلى من خلفه لكن لو سها المأموم فإنه لا يفرد بحكم بل يتحمله الإمام، وكذلك لا يجوز للمأموم أن يسابق الإمام أو يوافقه في أفعال الصلاة وإنما الواجب المتابعة؛ لأنه تابع له، ولو مَرَّت امرأة أو كلب أسود أو حمار بين يدي الإمام بطلت صلاته وصلاة من خلفه وإن مرت بين يدي المأمومين لم تبطل صلاتهم؛ لأنهم تبع للإمام، ولذلك قضت السنة أن سترة الإمام سترة لمن خلفه وأن الإمام جُنَّة للمأمومين وكل ذلك مفرع على قاعدة التابع في الوجود تابع في الحكم فإن قلت: فما الحكم لو صلى الإمام محدثًا ولا يعلم به المأموم فهل تبطل صلاتهم أعني صلاة المأمومين؛ لأنهم تبع له أم لا؟ وإذا كان الجواب لا؟ فما الذي فصل التابع عن متبوعه في هذه الحالة؟

فالجواب: فيه خلاف بين العلماء، والمذهب أن من صلى محدثًا فإن صلاته تبطل وكذلك صلاة من خلفه تبطل؛ لأنهم تبع له ولأن كل من لم تصح صلاته في نفسه لم تصح بغيره، والمحدث لا تصح صلاته لنفسه فلم تصح بغيره، وهذه هي الرواية المشهورة.

والرواية الثانية: أن صلاة المأموم تصح إن لم يعلم بحدث إمامه و هي اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأن الله تعالى لم يكلف المأموم أن يتأكد من طهارة إمامه؛ ولأن عمر رضي الله عنه صلى بأصحابه الفجر ثم رأى أثر جنابة فأعاد هو ولم يأمر أحدًا بالإعادة، وكذلك يروى هذا عن علي رضي الله عنه؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الأئمة: (يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم) وهذا القول هو الذي لا يسع الناس العمل بغيره، وأما وجه الفصل بين التابع ومتبوعه على هذا القول فهو ما مرَّ من الأدلة، والله أعلم.

ومنها: البيعة لولي الأمر تتم بأمور كثيرة، منها أن يبايعه الناس ويكفي مبايعة أهل الحل والعقد له، ذلك لأن هؤلاء هم الأصل والبقية تبع لهم، ولا يلزم كل واحدٍ منا مبايعة ولي الأمر حتى تكون في عنقه بيعه، بل البيعة تثبت في عنق كل واحدٍ من الناس بمجرد مبايعة أهل الحل والعقد، فالناس تبع لأهل الحل والعقد في الدرجة فيكونون تابعين لهم في الحكم، فمن بايعه أهل الحل والعقد فكأننا بايعناه نحن، ومن فسخوا بيعته فقد فسخناها نحن، فإن بعض الجهال قد يقول: إنه ليس لولي الأمر في عنقي بيعة فإني لم أضع يدي في يده وأبايعه.

فنقول: لا بل في عنقك بيعة؛ لأن أهل الحل والعقد في بلادك بايعوه وأنت تبع لهم في الدرجة فتتبعهم في الحكم، والله أعلم.

ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: (ذكاة الجنين ذكاة أمه) وهو عند الترمذي والدارقطني وابن حبان فإذا ذكيت أمه ذكاة شرعية وخرج ميتًا فهو حلال؛ لأن ذكاتها قامت مقام ذكاته؛ لأنه يتبعها في الوجود فيكون تابعًا لها في الحكم، والله أعلم.

ومنها: نماء العين المرهونة، فإنه يكون رهنًا تبعًا للعين؛ لأنه تابع لها في الوجود فيتبعها في الحكم.

ومنها: السجود على الأعضاء السبعة إنما هو تبع للسجود على الوجه، فالوجه هو أس الأعضاء ورأسها فإذا لم يستطع الإنسان السجود عليه لعذرٍ ما سقطت المطالبة بالسجود على بقية الأعضاء؛ لأنها تتبعه في السجود فتتبعه في الحكم، والله أعلم.

ولعل هذه الفروع فيها كفاية وغنية عن ذكر باقيها، وأحسب أن القاعدة بذلك قد اتضحت وضوحًا لا التباس فيه، وعلى ذلك فقس

والحمد لله رب العالمين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير