2 - ان القول بثبوت الحكم في موضع النزاع اما ان يكون لدليل او لغير دليل والثاني غير جائز فتعين الاول، والدليل اما نص من كتاب وسنة او قياس او اجماع، فان كان الحكم ثابتا بنص او قياس لم يكن الحكم ثابتا باستصحاب الاجماع في موضع النزاع بل باستصحاب النص او القياس في موضع النزاع، وان كان الحكم ثابتا بالاجماع فلايوجد اجماع في موضع الخلاف فكيف يقال بحجية ذلك؟
3 - ان استصحاب النص او القياس في مواضع النزاع يختلف عن استصحاب الاجماع في مواضع النزاع، والفرق بينهما ان الدليل في حالة النص والقياس مازال قائما، فيجوز الاعتماد عليه، ونقول ان الاصل بقاء ماكان على ماكان، اما الاجماع فلم يعد قائما في موضع النزاع فلايعتمد عليه فلا يجوز ان نقول ان الاصل بقاء ماكان على ماكان لان ذات الاجماع لم يعد باقيا، اذ كيف يعتمد عليه وهو لم يعد موجودا، بخلاف النص والقياس فانه مازال موجودا فيصح استصحابه في موضع النزاع.
قال الحافظ ابو يعلى الحنبلي رحمه الله:
الاستدلال بالاحماع لايصح بعد زواله وانما يصح الاحتجا ج به مع بقائه لان الدليل اذا زال زال الحكم المتعلق به. العدة (2/ 275) ط دار الكتب العلمية.
4 - اننا في حالة استصحاب النص او القياس (الانواع الاخرى) نقول بحجية الاستصحاب اعتمادا على القاعدة ان الاصل عدم تغير الحكم ولاينتقل عن الاصل الابدليل، فنتستصحب بقاء الامر على ماهو عليه، وقد اتفق القائلون بحجية الاستصحاب على انه لايقال به اذا ورد شيء يدل على تغيير الاصل، مثل ورود نص مخصص او ناسخ ... اي وجود قرينة تدل على عدم استمرار الدليل، والقرينة موجود في حالة استصحاب الاجماع، وهي حصول الخلاف، فهو قرينة دالة على عدم بقاء الحكم على ماهو عليه.
والفرق بين القرينة المغيرة للاصل في الحالات الاخرى انها تاتي من خارج الدليل اما في حالة الاجماع فانها تاتي من ذات الدليل هي انه لم يعد هو موجودا بنفسه، بينما في الادلة الاخرى تكون القرائن خارجية تدل على انها لم تعد موجودة.
ووجود القرينة الدالة على عدم بقاء الاصل يمنع من الاستصحاب بالاتفاق.
وبهذا يظهر لنا ان قول القائل ان الاصل بقاء ماكان على ماكان حتى يرد مايغيره انما هو في الدليل الذي يمكن بقاؤه، مثل النص او القياس، اما الاجماع فقد اختفى في موضع النزاع فكيف يستصحبه المحتج به؟
واذا تاملت ادلة من قال بحجية ذلك وجدتها تدور حول استصحاب الادلة الاخرى غيردليل الاجماع، ووجدتها تدور حول الانواع الاخرى من انواع الاستصحاب.
هذا والله تعالى اعلم.
ينظر:
البحر المحيط (4/ 331)، احكام الامدي (2/ 374)، ارشاد الفحول (2/ 177)، الابهاج للسبكي (3/ 140)، قواطع الادلة (2/ 35)، العدة (2/ 274)، اصول الجصاص (2/ 167)، المسودة (ص343)، تشنيف الاسماع للزركشي (2/ 145)، المذكرة (ص180).
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[20 - 11 - 06, 12:20 م]ـ
الصحيح أنه حجة والجواب عن الاعتراضات أن دليل المسألة المجمع عليها هو الإجماع ولا دليل معتبر ومؤثر في التفريق بين محل الإجماع والمحل الذي يستصحب فيه الإجماع.
- المسألة التي يستصحب فيها الإجماع إما أن تكون هي نفسها المسألة التي وقع عليها الإجماع أولا, فإن كانت نفسها فدليلها الإجماع لا استصحابه, وإن لم تكن نفس المسألة فإما أن يكون بينهما فرق مؤثر أو لا, فإن كان بينهما فرق مؤثر فلا يكون استصحاب الإجماع حجة باتفاق, وإن لم يكن بين المسألتين فرق مؤثر فهذا هو محل النزاع, والذي يظهر والله أعلم أنه ليس بحجة, وهذا لما يلي:
(1) أن الاستصحاب عموما ليس دليلا مستقلا بل يرجع إلى أحد الأدلة المتفق عليها, ولهذا استصحاب البراءة الأصلية هو استصحاب لعدم الدليل المنافي للدليل الذي ثبتت به المسألة الأولى, إذ لا يخلو شيء من حكم لله فيه, إذن قد حكمنا في استصحاب البراءة الأصلية بالدليل الذي ثبتت به أولا, وأما استصحاب الدليل كاستصحاب العموم فالأمر فيه واضح أنه استدلال بالدليل نفسه, ولهذا أثبتهم بعضهم وقال لا نسميه استصحابا كالسمعاني, أما استصحاب الإجماع في محل النزاع فالأمر فيه مختلف, فالمتمسكون به يقولون من جهة أنه يرجع إلى أحد الأدلة وهو الإجماع (وهذا مقتضاه أن يكون الدليل في المسألة هو الإجماع لما قلناه من قبل أن الاستصحاب
¥