ليس دليلا مستقلا) , ومن جهة أخرى يقولون ليس إجماعا.
(2) أن المسألة المختلف فيها مهما كان اختلافها عن مسألة الإجماع فهي مسألة أخرى لا يصح استصحاب الإجماع فيها وإن كان الاختلاف غير مؤثر, وأما تشبيهها بالقياس فلا يصح كما سبق أن ذكر الشيخ أبو مالك, وهذا لأنهم اختلفوا في القياس بنفي الفارق هل هو من القياس أو لا فعلى القول بأنه من القياس يكون استدلالنا صحيحا لأنا استدللنا بالقياس وهو حجة مستقلة بخلاف الاستصحاب, وعلى القول بأنه ليس من القياس نكون قد استدللنا بالنص فيلزمهم أن يستدلوا هم بالإجماع في محل النزاع لا باستصحابه.
(3) أن الإجماع كالنص الخاص في المسألة, حيثما ورد لا يجوز أن يعمم ويستدل به في غيرها, فالإجماع لا عموم له, وأما المتمسكين باستصحاب الإجماع فإنه يلزمهم أن يكون للإجماع عموم, إذ لولا عمومه لما استطاعوا تعديته إلى المسألة المختلف فيها.
(4) أن الاستصحاب يكون في المسألة الواحدة يختلف فيها أو لا يعثر فيها عن دليل فيستصحب فيها دليل من الأدلة, وهذا ما نراه في استصحاب البراءة الأصلية واستصحاب الدليل, ولهذا كانا حجة, أما استصحاب الإجماع في محل النزاع فقد وقع في مسألتين مختلفتين انتقل فيه من مسألة إلى أخرى, فهذا الأولى أن يسمى انتقالا لا استصحابا, ومثل هذا الانتقال لا يكون إلا في القياس بوجود علة وشروط, ولهذا المسألة المختلف فيها -والتي يدعون فيها استصحاب الإجماع- إذا لم نجد لها دليلا فدليلها هو البراءة الأصلية وهو نوع من الاستصحاب وهو أقوى من استصحاب الإجماع في محل النزاع, والله أعلم.
وإن كان لديك شبهة فاعرضها، أو فائدة فاكتبها، وجزاك الله خيرا
شيخنا أبا مالك منكم نستفيد إنما أردت من سؤالي التوضيح فقط, وقد فعلتم ذلكم مشكورين, وكلامك واضح جزاك الله خيرا ولا عدمنا منك فائدة.
والذي يبدو لي من خلال مقارنة ادلة الفريقين ان الراجح هو القول الثاني، اي عدم حجية ذلك، للادلة التالية:
1 - ان القول باستصحاب الاجماع في مواضع النزاع يؤدي الى تكافؤ الادلة.
هذا الدليل الذي يذكره الأصوليون هو في الحقيقة لا شيء, وإن كان يبدو في أول وهلة أنه قوي, وقد ذكر "مهدي الجزائري" الرد على هذا الدليل في ثنايا الجواب والرد على المثال الذي مثلت به, وأزيده بيانا:
1 - أن تكافؤ الأدلة يعني تعارضها بشكل لا يمكن معه الترجيح, وتعارض الدليلين الجزئيين ليس دليلا على عدم حجية الدليل الكلي, مثاله أن كثيرا من المسائل نرى فيها اختلافا بين العلماء وكل فريق يستدل بالقياس, ولم يقل أحد أن تعارض الأقيسة دليل على أن القياس ليس بحجة, فكذلك هنا تعارض الاستصحابين ليس دليلا على عدم حجية الاستصحاب.
2 - أن الترجيح أمر نسبي يختلف من شخص لآخر فما رآه أحدهم متعارضا لا يمكن معه الترجيح يراه غيره ممكنا.
3 - أن قولهم أنه "مامن شخص يستصحب الاجماع في مسالة، الا وخصمه يستطيع قلب ذلك عليه." هذا مجرد ادعاء, ولم يجدوا له مثالا إلا مسألة التيمم التي ذكرتها, فمثلا: مسألة رؤية الهلال في النهار بعد الزوال هل هو لليلة الماضية أو القادمة, استدل بعضهم باستصحاب الإجماع, وذلك أنهم أجمعوا على أنه إذا رئي قبل الزوال فهو لليلة الماضية فاستصحبوا هذا الإجماع لما بعد الزوال لعدم الفارق المؤثر, فهنا نقول لمن استدل بتكافؤ الأدلة ائتنا باستصحاب لإجماع معارض. والله تعالى أعلم.
أما الدليل الثاني والثالث فهما ينصبان في مجرى واحد وكلاهما يقصد منه أن وقوع الخلاف دليل على عدم وجود إجماع مستصحب, وهذا يسلمه لك الخصم لأنه لا يستدل في موضع الخلاف بالإجماع وإنما يستدل باستصحابه, ولكن الأمر الذي ينبغي أن يناقش فيه المخالف هو هل الاستصحاب دليل مستقل أو لا؟ فالخصم لا يقر أنه دليل غير مستقل بمعنى أنه يعود إلى أحد الأدلة المتفق عليها, وأحسن شيء يمثل به لبيان المقصود هو بيان الفرق بين استصحاب البراءة الأصلية واستصحاب الإجماع, ليظهر وجه حجية الأول وعدم حجية الثاني وقد ذكرت الفرق بينهما في أول الكلام, والله تعالى أعلم.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[25 - 11 - 06, 12:55 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أشكر الإخوة والمشايخ الكرام على تجاوبهم مع الموضوع المطروح ومناقشتهم العلمية لهذه المسألة
¥