ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[20 - 08 - 07, 06:48 م]ـ
فتتلخص أصول القول بحجية استصحاب الإجماع في محل النزاع عند الظاهرية ومن يقترب من مذهبهم فيما يلي:
*إنكار القياس
*ما ثبت بإجماع لا يترك إلا بإجماع
* عدم اعتبار الفروق والأوصاف الطارئة على المجمع عليه مؤثرة ناقلة للحكم حتى يرد النص أو الإجماع بانتقال الحكم
وبغض النظر عن مسألة استصحاب الإجماع، لا يخالف المثبتون للقياس الظاهريةَ في هذه الأصول من كل وجه، بل يوافقونهم في قدر منها، فالجمهور على أنه يترك الحكم الثابت بإجماع لإجماع مثله، ولكن يجوز أن يترك أيضا بقياس صحيح ناقل للحكم إلى أصل آخر، والمنصفون من القائسين يثبتون القياس الصحيح أيضا بشروطه، ويطرحون القياس الفاسد، بل ضيق بعض أئمة أهل الأثر من استعمال القياس جدا حتى جعلوه منزلة ضرورة كالميتة للمضطر، والقائسون أيضا لا يعتبرون الفروق والأوصاف الطردية والأشباه المحضة، ولكن يعتبرون الأوصاف التي ثبت تأثيرها في الأحكام في عرف الشرع، فمن أثبت استصحاب حكم الإجماع ممن أثبت القياس فقد وافق الظاهرية في الاستدلال به بقدر ما وافقهم من هذه الأصول، وله أن يخالفهم في الاستدلال به بالقدر الذي يخالفهم من الأصول المذكورة،يستخلص من هذا:
-لا يستلزم أن يكون المستدل باستصحاب الإجماع ظاهريا صرفا وأن يلزم بإبطال القياس
-لمثبت حجية هذا الدليل أن ينكر الاستدلال المتعسف للظاهرية به مع القول بحجيته
والحاصل أن الظاهرية يسرفون في استعمال هذه الدليل ويحملونه ما لا يتحمل وهذا ليس مسوغا لإنكاره عند من أنكره
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[20 - 08 - 07, 06:55 م]ـ
6 - نموذجين من استدلال غير الظاهرية بهذا الدليل
سبق وأن بينا أصول استدلال الظاهرية باستصحاب الإجماع في محل النزاع وموافقة القائسين لهم في قدر من هذه الأصول،وسنحاول الآن بيان كيفية استدلال غير الظاهرية بهذا الدليل وقبل ذلك أعرض هذين المثالين مع التنبيه إلى أن المهم هنا الاستدلال وليس الراجح في المسألة
*ذهب الإمام مالك الثوري وأبو ثور وهو اختيار ابن المنذر إلى أن الخليطين لا يزكيان زكاة الواحد حتى يكون لكل واحد منهما نصاب (الاستذكار 3/ 194 المغني 2/ 476) قال ابن عبد البر في الاستذكار 3/ 195: " ومن حجة من قال بقول مالك أيضا في الخلطاء إجماع الجميع على أن المنفرد لا تلزمه زكاة في أقل من أربعين من الغنم واختلفوا في الخليط بغيره لغنمه ولا يجوز أن ينقض أصل مجتمع عليه برأي مختلف فيه"
الإجماع: لا زكاة على المنفرد إلا في أربعين الغنم
تغير الصفة ووقوع الخلاف: المنفرد إذا خلط غنمه بغنم شريكه
الحكم: استصحاب حكم الإجماع على أن المنفرد لا يزكي إلا إذا ملك النصاب في الغنم في محل النزاع وهو الخليط بغيره هل يجب أن يملك النصاب حتى يزكي مع الخليط الآخر زكاة الواحد= لا يزكي الخليطين زكاة الواحد إلا إذا بلغ كل واحد منهما النصاب عند مالك وأبي ثور
*ذهب مالك والليث وربيعة إلى أن البهيمة الداجن إذا استوحشت والبعير إذا شرد لا تؤكل حتى تذكى (الاستذكار 5/ 268 - 269) ثم قال ابن عبد البر في الاستذكار 5/ 269:"وحجة مالك أنهم قد أجمعوا أنه لو لم يند الإنسي أنه لا يذكى إلا بما يذكى به المقدور عليه ثم اختلفوا فهو على أصله حتى يتفقوا "
الإجماع: وجوب تذكية الإنسي إذا لم يند والوحشي إذا قدر عليه
تغير الصفة ووقوع الخلاف: الإنسي إذا ند هل حكمه حكم الصيد؟
الحكم:استصحاب حكم الإجماع على وجوب تذكية الإنسي الذي لم يند في محل النزاع وهو الإنسي إذا ند=وجوب تذكية الناد عند مالك والليث وربيعة
قال ابن عبد البر معلقا على حجة مالك (الاستذكار 5/ 269):" وهذا لا حجه فيه لأن إجماعهم إنما انعقد على مقدور عليه وهذا غير مقدور عليه"
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[20 - 08 - 07, 07:02 م]ـ
مما سبق يتبين لنا أن الإجماع يقع على معنى من المعاني المطلقة كحد أدنى، ثم على صفة زائدة على هذا المعنى المطلق تكون محل اتفاق الخصمين على الأقل، ثم يقع الخلاف فيما عدا هذه الصفة الزائدة:
-فمن لمح المعنى المطلق الأصلي الذي وقع عليه الاتفاق، ورأى أن الصفة الزائدة لم يعتبرها الشرع،أو أهملها مستند الإجماع، أو لم يبلغه الدليل الناقل، أو لم تنهض عنده الأدلة المفرقة كأن يكون القياس الذي استدل به الناقل للحكم ضعيفا في نظره، بقي على الأصل من عدم التفريق.
- ومن لمح علة تلحق الحالة المختلف فيها بما قبل التغير ألحقها بها قياسا.
-ومن ثبت عنده الدليل من الشرع أن الصفة الزائدة معتبرة مع المعنى الأصلي، مقصودة بالإجماع أو مستنده، أو دل دليل خارجي من قياس أو غيره على نقلها عن حكم الأصل، ألحقها بحكم الدليل الناقل لها.
فلاحظ كيف عدل مالك رحمه الله عن إلحاق الانسي الناد بالصيد متمسكا بالأصل لأن القياس لم يقو عنده لنقل الحكم، ولاحظ في المثال الذي ذكره ابن رشد في بداية المجتهد 1135 حيث أن جماعة من السلف وأهل الظاهر أبوا إلحاق هبة المريض بالوصية وجعلوها تخرج من رأس ماله لا من الثلث،ثم بين أصل أهل الظاهر أنهم اعتمدوا على استصحاب حال الإجماع هو عندهم مبني على نفي القياس، فما هي عمدة الطائفة من السلف، أظن أنها أيضا استصحاب حال الإجماع،لا لأنهم ينكرون القياس، ولكن لأن قياس الجمهور الهبة في المرض بالوصية لم يقو عندهم استصحبوا الأصل المجتمع عليه
¥