تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأيضا فإنه إذا كان فقد المفتي يسقط التكليف، فذلك مساو لعدم الدليل، إذ لاتكليف إلا بدليل، فإذا لم يوجد دليل على العمل سقط التكليف به، فكذلك إذا لم يوجد مفت في العمل فهو غير مكلف به. فثبت أن قول المجتهد دليل العامي. والله أعلم.) (الموافقات) 4/ 292 ــ 293.

2 ــ أدلة القائلين بوجوب التقليد والرد عليها.

اعلم أن أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم قد ذموا التقليد ونهوا عنه، ثم توسع ابن حزم (456هـ) في نقض التقليد، وكذلك ابن عبدالبر (463 هـ)، إلا أنه لايوجد أحد استوفى حجج المقلدين ورد عليها كما فعل ابن القيم رحمه الله (751هـ). وذلك في (اعلام الموقعين) جـ 2 صـ 182 ــ 260، وبدأ كلامه بقوله (فصل في عقد مجلس مناظرة بين مقلدٍ وبين صاحب حجة ــ وذكر ثمانين وجهاً في الرد على المقلدين ونقض التقليد، إلى أن قال ــ وقد أطلنا الكلام في القياس والتقليد وذكرنا من مآخذهما وحجج أصحابهما ومالهم وماعليهم من المنقول والمعقول مالا يجده الناظر في كتاب من كتب القوم من أولها إلى آخرها، ولايظفر به في غير هذا الكتاب أبداً) أهـ. وهو كما قال. ويلي ابن القيم في الجودة والاتقان ماذكره ابن حزم في إبطال التقليد (الباب السادس والثلاثون من كتابه الإحكام) جـ 5 صـ 59 ــ 182.

ثم إن جميع من تكلموا في الرد على المقلدين بعد ذلك هم عالة على هؤلاء. فالفلاّني (1218هـ) في كتابه (ايقاظ همم أولي الأبصار)، والشوكاني (1250هـ) في كتابه (القول المفيد) وغيره، وصديق حسن خان في كتابه (الدين الخالص) جـ 4، والشنقيطي في (أضواء البيان) جـ 7، كلهم نقلوا عن ابن عبدالبر وابن القيم، وكذلك فعل المعصومي في كتابه (هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين؟).

ولسنا هنا بصدد بسط أدلة من أوجبوا التقليد فمن أراد ذلك فليطالع (اعلام الموقعين) لابن القيم، ولكنا نوجز هنا أهم مااستدلوا به. فقد قالوا إن وجوب التقليد يدل عليه النص والإجماع والمعقول (الإحكام) للآمدي، 4/ 234.

أ ــ أما النصوص التي استدلوا بها على وجوب التقليد.

فمنها قوله تعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون) النحل 43، قالوا فيجب على العامي الذي لايعلم أن يقبل ماأجابه به المفتي، وأجاب مَن منع مِن التقليد: بأن الذكر هو الكتاب والسنة، بدليل قوله تعالى ــ في الآية التالية لهذه ــ (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس مانزل إليهم) النحل 44، فأهل الذكر هم العالمون بالكتاب والسنة وأنهم يجب عليهم إذا سُئلوا أن يجيبوا بما علموه منهما كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (ليبلغ الشاهد الغائب) فعليهم تبليغ ماشاهدوه من العلم لا آراءهم المجردة.

ومنها قوله تعالى (فلولا نفر من كل فرقة ٍ منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) التوبة 122. قال أنصار التقليد: فأوجب الله على الناس قبول قول الفقهاء، فأجاب مَن منع مِن التقليد: بأن الله أوجب على الفقهاء أن ينذروا قومهم، والإنذار لايكون إلا بالدليل الشرعي كما قال تعالى (قل إنما أنذركم بالوحي) الأنبياء 45.

وفي الجملة فما مِن نص استدل به أنصار التقليد إلا وقد رد عليه مَن منع مِن التقليد.

ب ــ وأما الإجماع: فقال الآمدي (فهو أنه لم تزل العامة في زمن الصحابة والتابعين قبل حدوث المخالفين يستفتون المجتهدين ويتبعونهم في الأحكام الشرعية، والعلماء منهم يبادرون إلى إجابة سؤالهم من غير إشارة إلى ذكر الدليل، ولا ينهونهم عن ذلك من غير نكير، فكان إجماعا على جواز اتباع العامي للمجتهد مطلقاً) (الإحكام) 4/ 235. وهذا القول رد عليه ابن القيم بقوله (قولكم «إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحوا البلاد، وكان الناس حديثي عهد بالإسلام، وكانوا يفتونهم، ولم يقولوا لأحد منهم عليك أن تطلب معرفة الحق في هذه الفتوى بالدليل» جوابه أنهم لم يُفْتُوهم بآرائهم، وإنما بلغوهم ماقاله نبيهم وفعله وأمر به، فكان ماأفْتَوْهم به هو الحكم وهو الحجة، وقالوا لهم: هذا عهد نبينا إلينا، وهو عهدنا إليكم، فكان مايخبرونهم به هو نفس الدليل وهو الحكم، فإن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الحكم وهو دليل الحكم، وكذلك القرآن، وكان الناس إذ ذاك إنما يحرصون على معرفة ماقاله نبيهم وفَعَلَه وأَمَر به، وإنما تُبَلغهم الصحابة ذلك، فأين هذا من زمان ٍ إنما يحرص

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير