تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الشوكاني أيضا (وأما ماذكروه من استبعاد أن يفهم المقصِّرون نصوص الشرع وجعلوا ذلك مسوّغا للتقليد، فليس الأمر كما ذكروه، فههنا واسطة بين الاجتهاد والتقليد، وهى سؤال الجاهل للعالم عن الشرع فيما يعرض له، لا عن رأيه البحت واجتهاده المحض. وعلى هذا كان عمل المقصِّرين من الصحابة والتابعين وتابعيهم، ومن لم يسعه ماوسع أهل هذه القرون الثلاثة الذين هم خير قرون هذه الأمة على الإطلاق فلا وسَّع الله عليه. وقد ذم الله تعالى المقلدين في كتابه العزيز في كثير من (إنا وجدنا آباءنا على أمة) و (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) و و (إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا) (ارشاد الفحول) صـ 249ــ250.

وقال الشوكاني أيضا (إذا تقرر لك أن العامي يسأل العالم، والمقصر يسأل الكامل، فعليه أن يسأل أهل العلم المعروفين بالدين وكمال الورع عن العالم بالكتاب والسنة العارف بما فيهما المطلع على مايحتاج إليه في فهمهما من العلوم الآلية حتى يدلّوه عليه ويرشدوه إليه، فيسأله عن حادثته طالبا منه أن يذكر له فيها مافي كتاب الله سبحانه أو مافي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحينئذ يأخذ الحق من معدنه، ويستفيد الحكم من موضعه، ويستريح من الرأي الذي لايأمن المتمسك به أن يقع في الخطأ المخالف للشرع) (ارشاد الفحول) صـ 252.

فهذه أقوال من أوجبوا الاتباع وحرّموا التقليد البته، وملخصها أن المستفتي يجب عليه أن يسأل المفتي عن حكم الشرع في مسألته وأن يسأله عن دليل قوله أو يكتفي بقول المفتي إن هذا حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في مسألته وإن لم يذكر له عين الدليل. فإن لم يفعل المستفتي هذا فهو آثم.

خامسا: القائلون بوجوب الاتباع مع جواز التقليد للضرورة

وهؤلاء منهم: ابن عبدالبر وابن تيمية وابن القيم والشنقيطي، وإليك أقوالهم:

1 ــ قال ابن عبدالبر رحمه الله (باب فساد التقليد ونفيه، والفرق بين التقليد والاتباع).

(قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه فقال (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله)، وروى عن حذيفة وغيره قالوا لم يعبدوهم من دون الله ولكنهم أحلوا لهم وحرموا عليهم فاتبعوهم، وقال عدي بن حاتم: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب فقال لي «ياعدي ألقِ هذا الوثن من عنقك وانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة حتى أتى على هذه الآية (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) قال: قلت يارسول الله إنا لم نتخذهم أرباباً قال: بلى أليس يحلون لكم ماحرم عليكم فتحلونه ويحرمون عليكم ماأحل الله لكم فتحرمونه، فقلت: بلى، فقال: تلك عبادتهم»، حدثنا عبدالوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا يوسف بن عدي قال حدثنا أبو الأحوص عن عطاء بن السائب عن أبي البختري في قوله عزوجل (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) قال إما أنهم لو أمروهم أن يعبدوهم من دون الله ماأطاعوهم ولكنهم أمروهم فجعلوا حلال الله حرامه وحرامه حلاله فأطاعوهم فكانت تلك الربوبية، قال وحدثنا ابن وضاح حدثنا موسى بن معاوية حدثنا وكيع حدثنا سفيان والأعمش جميعا عن حبيب ابن أبي ثابت عن أبي البختري قال: قيل لحذيفة في قوله (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) أكانوا يعبدونهم، فقال لا ولكن كانوا يحلون لهم الحرام فيحلونه ويحرمون عليهم الحلال فيحرمونه. وقال جل وعز (وكذلك ماأرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم) فمنعهم الاقتداء بآبائهم من قبول الاهتداء فقالوا (إنا بما أرسلتم به كافرون) وفي هؤلاء ومثلهم قال الله جل وعز (إن شر الدوابَّ عند الله الصم البكم الذين لايعقلون) وقال (إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم) وقال جل وعز عائبا لأهل الكفر وذاما لهم (ماهذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون قالوا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) وقال (إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا) ومثل هذا في القرآن كثير من ذم تقليد الآباء والرؤساء وقد احتج العلماء بهذه الآيات في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير