تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

انعقد إجماع المسلمين على تحريم لبس الإزار المخيط على الُمحرم، نقل هذا الإجماع جماعة من أهل العلم كابن عبد البر (انظر فتح البر في ترتيب التمهيد (8/ 198) وابن بطال في شرحه لصحيح البخاري (4/ 216،214) والقرطبي في المفهم شرح صحيح مسلم (3/ 256) وابن قدامة في المغني (5/ 119،118) وشيخ الإسلام في شرح العمدة (2/ 21) والعراقي في طرح التثريب (5/ 45) وابن مفلح في الفروع (3/ 368) والمرداوي في الإنصاف (3/ 466) والنووي في المجموع (7/ 236) وابن هبيرة في الإفصاح (1/ 283) رحمهم الله، ومن المعلوم لدى كافة المسلمين أنه لا يجوز مخالفة الإجماع، بل لقد شدد آل تيمية رحمهم الله في النهي عن ذلك كما في المسودة (ص308).

2/ دلت السنة على تحريم لبس السراويل وغيرها مما يخاط على قدر البدن أو على قدر عضو من أعضائه وقد تنوعت دلالات السنة في ذلك فمنها ما جاء بِعدّ المنهي عنه ومنها ما جاء ببيان ما يجوز لبسه من الإزار والرداء. والواجب العمل بجميع دلالات سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجوز الاحتجاج ببعضها وعدم الاحتجاج ببعضها الآخر.

3/ دلت السنة أيضاً على أن المشروع لبسه للمحرم هو الإزار. والإزار عند الإطلاق غير مخيط. كما جاء في لغة العرب وذلك أنه يعرف عندهم بأنه الملحفة ثم جاء في تعريف الملحفة بأنها الملاءة كما جاء في تعريف الملاءة بأنها الربطة ثم جاء تعريف الربطة بأنها ليست ذات لفقين أي غير مخيط وبهذا يتحدد لنا من لغة العرب أن الإزار غير مخيط وهو ما انعقد عليه الإجماع.

4/ دل القياس على تحريم ما صنع على قدر البدن أو على قدر عضو من أعضائه لأن الأمور التي ورد النهي عنها تجتمع بهذا الوصف فالواجب فيما لم يرد ذكره بالاسم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلحاقه بما يتفق معه بالوصف وهذا هو شأن الإزار المخيط. فهو يتفق مع ما نهى عنه لأنه قد خيط على قدر النصف الأسفل من البدن فهو كالسراويل.

5/ مخالفة قاعدة من قواعد الترجيح، وذلك أن إلحاق الإزار المخيط بالإزار غير المخيط، بناء على قاعدة الأصل في الأشياء الحل. غير صحيح بل الواجب إلحاق الإزار بالسراويل بناء على قاعدة تقديم الحاظر على المبيح عند التنازع، لأن الإزار المخيط له شبه بالإزار غير المخيط كما أن له شبهاً بالسراويل. فهو بهذا تنازعه دليلان أحدهما مبيح وهو إلحاقه بالإزار والآخر حاظر وهو إلحاقه بالسراويل وعند التنازع يجب إلحاقه بالحاظر براءة للذمة ودفعاً للريبة، ثم إن إعمال قاعدة الأصل في الأشياء الحل إنما يكون في أمر لم ينازعها فيه الأدلة، أما عند التنازع فيجب تقديم الحاظر على المبيح، والله أعلم وأحكم.

6/ مخالفة اللغة العربية وذلك أن اسم الإزار المخيط عند العرب: هو النُقبة، وهي نوع من أنواع السراويل كما قال ابن الأثير رحمه الله، وقد وقفت على هذا الاسم من خلال مطالعتي لكتاب المخصص لابن سيده رحمه الله، فقد ذكر في فصل السراويل أن من أنواعه، النُقبة، وأنها خرقة يجعل أعلاها كالسراويل وأسفلها كالإزار. أ. هـ. ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلبس الإزار ولم يأمر بلبس النُقبة كما أنه يشبه النطاق، والنطاق لباس مخيط مخصص للنساء يشبه التنورة. إلا أنه ليس له تكة بل يثبت من أعلاه بخيط يدار على البدن، وأول من انتطق أم إسماعيل عليه السلام، وقد عُرِفَتْ أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها بأنها ذات النطاقين.

وبناء على هذا فالإزار المخيط محرم بنص السنة، فلا يجوز إلحاقه بالألبسة المباح لبسها للإحرام احتجاجاً بما يعرف به من اسمه عند العوام في هذا الزمن ولو تم الرجوع إلى الاسم الذي أطلقته عليه العرب قبل الإسلام لما حصل هذا الاختلاف في الفتوى لوجود الفارق بين الإزار غير المخيط والنُقبة التي هي الإزار المخيط وذلك في: الاسم والوصف وكيفية الاستعمال ثم إن الإزار المخيط صار من ألبسة النساء في هذا الزمن وهو المعروف لديهن بالتنورة وقد بحثت عن هذا الاسم فيما لدي من كتب اللغة فلم أقف عليه إلا أني وقفت عليه في كتاب رحلة ابن بطوطة فقد ذكر أن أحد شيوخ الصوفية بمصر كان يلبس التنورة وهو ثوب يستر من سرته إلى أسفل كما ذكر أن بعض الصوفية كان يلبسوها أيضاً في الهند. ص (552).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير