تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لي تعليق على فتوى فضيلة الشيخ الرشيد، وأرجو من الشيخ أن يتسع صدره لجهلي، والتي على العنوان التالي:

أولا: هل هناك مجال لوظيفة المحامي المتعارف عليها في ظل تحكيم الشريعة الإسلامية؟ وإذا كان كذلك فهناك فرع في علوم الشريعة يهتم بتدريس هذا المجال وفق الضوابط الشرعية وهنا لا خلاف إذا كان الجواب بنعم.

ثانيا: إذا لم يكن كذلك فالشيخ تجاهل كون وظيفة المحاماة التي يتخرج صاحبها بعد دراسة القوانين الوضعية من الجامعة، ومن ثم هي تتحاكم إلى القوانين الوضعية، والقضايا المتصلة بها بالمحاكم يتم التعامل معها وفق الدستور والقوانين القضائية للدولة التي لا تستند إلى الشريعة الإسلامية، فضلا عن إقصائها لها، إلا ما حصر في شيء من القوانين المدنية أو المحاكم الأسرية إذا صح الاصطلاح وغير ذلك في الدوائر المختلفة بالمحاكم، ووفق ذلك فالأساس الشرعي لهذه الوظيفة يكون ساقطاً شرعا لتحاكمه للطاغوت واعتماده عليه، وجزاكم الله خيراً.

أجاب عن السؤال الشيخ/ أحمد بن عبدالرحمن الرشيد (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن وظيفة المحاماة المشهورة في العصر الحاضر لا يمكن إطلاق القول فيها بأنها حلال أو حرام؛ لأنه ليس لها حكم في ذاتها، ولكن حكمها يتبع الأمر الذي يقوم المحامي بالدفاع عنه، فإن كان أمراً واجباً أو جائزاً فإن المحاماة حينئذٍ تكون مشروعة، وإن كان الأمر الذي يقوم المحامي بالدفاع عنه محرماً فإن المحاماة حينئذٍ تكون غير مشروعة.ولذلك فإنه إذا طلب أحدٌ من المحامي الدخول في أي قضية، فإن عليه أن ينظر: فإن كان الحق معه دخل فيها، وإلا فإنه يحرم عليه أن يدافع عن باطل، بل ويجب عليه أن ينصحه ويبين له بطلان دعواه. ومن خلال ما سبق يتبين أن المحاماة عن الحق والدفاع عنه له أصل في الشريعة، وذلك داخل في أمر الشريعة بمساعدة المظلوم والانتصار له، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً " رواه البخاري، وفي هذا العمل ردٌ للأمانات لأهلها والله سبحانه وتعالى يقول:" إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها"، وفي العموم فإن في المحاماة عن الحق والدفاع عنه تعاوناً على البر والتقوى، والله سبحانه وتعالى يقول:" وتعاونوا على البر والتقوى ". أما ما سألت عنه حول وجود فرع في علوم الشريعة يهتم بتدريس هذا المجال وفق الضوابط الشرعية، فالجواب: نعم، وذلك من خلال معرفة الأحكام الشرعية للأمور التي يُحَامَى عنها، وما هو حلالٌ منها وما هو حرامٌ، ومن خلال معرفة الأصول والقواعد العامة التي تراعيها الشريعة وتأمر بها، وكذلك فإن المحامي يستفيد مما كتبه العلماء فيما يتعلق بدلالات الألفاظ والتراكيب؛ ليعرف ما تدل عليه الألفاظ الدائرة بين الناس، وكذلك ما كتبه العلماء فيما يتعلق بالتعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية ومدلولاتها، ونحو ذلك، وكل ما سبق ذكره يجده الإنسان في المؤلفات التي كتبها العلماء في مجالات: الفقه، وأصول الفقه، والقواعد الفقهية. وكذلك من الكتب المهمة في هذا الجانب ما كتبه العلماء في الطرق الشرعية للقضاء، ومن ذلك: كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن القيم (ت:751)، وكتاب: تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام لابن فرحون المالكي (ت:799هـ)، وكتاب: معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام للطرابلسي الحنفي (ت:844هـ)، وغيرهم. أما إذا كان الإنسان يعيش في بلد يُتحاكم فيه إلى القوانين الوضعية، فإنه يجب عليه ألّا يدخل في أي قضيةٍ إلا بشرط أن يعرف أن الحكم الذي يطالب به لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك لأنه لا تعارض بين جميع القوانين الوضعية وأحكام الشريعة الإسلامية، فما كان منها موافقاً جاز للمحامي المطالبة به، وما كان منها مخالفاً حرم عليه المطالبة به؛ عملاً بما دل عليه الكتاب والسنة من وجوب التحاكم إلى ما شرعه الله ورسوله عليه الصلاة والسلام. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

******************

وللفائدة:

العمل في المحاماة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير