هل هذا يعني انه قد يضم اناسا من غير امته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - .............. !؟
او هل هذا يعني انهم ليسوا من امته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ................... !!؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[28 - 04 - 05, 11:45 ص]ـ
الأخ الكريم محمد الأثري، هؤلاء السبعون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لا غير، تفيد ذلك ألفاظ الحديث الأخرى.
ويدل عليه قول عكاشة: أدعو الله أن يجعلني منهم.
وجواب النبي صلى الله عليه وسلم عليه: أنت منهم.
وجاء في بعض طرقه: "إن الله عز وجل وعدني من أمتي سبعين ألفاً لا يحاسبون".
وأما مناسبة ذكر لفظ معهم فسياق الحديث وقد جاء في بعض طرقه الثابتة ما يوضح ذلك ومن ذلك ما جاء عند أحمد: "قال: فقلت: فأين أمتي؟ فقيل: انظر عن يمينك فنظرت فإذا الظراب قد سد بوجوه الرجال ثم قيل لي: انظر عن يسارك فنظرت فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال فقيل لي: أرضيت؟ فقلت رضيت يا رب ـ قال ـ فقيل لي: إن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فداكم أبي وأمي إن استطعتم أن تكونوا من السبعين ألفا فافعلوا فإن قصرتم فكونوا من أهل الظراب فإن قصرتم فكونوا من أهل الأفق".
ثم إن (مع) في اللغة إذا جاءت ظرفية كما في الحديث فتفيد المصاحبة في المكان أو الزمان أو بمعنى عند، وهي هنا تفيد المصاحبة في المكان، فذلك السواد العظيم الذي سد الأفق من أهل الجنة، ومعهم فيها هؤلاء السبعون، ثم إن مع تفيد اختلاف الأعيان ولاتقتضي اختلاف الأجناس بلقد يكون وقد لايكون، فإذا قلت جئت مع ( .... )، أفاد ذلك أنك قد أتيت وجاءت معك عين أخرى غيرك، ولا يقتضي أن تكون العين الأخرى من خلاف جنسك، بل قد يكون ( ... ) زيد وهو من جنسك، وقد يكون ( .... ) حصاني وليس من جنسك.
وعوداً على بدء من الأسباب أيضاً التي تبين بعد حمل الاسترقاء على اتخاذ الرقى الشركية أيضاً:
4 - عدم وجود معنى ظاهر في الرقى الشركية لتميز به فتخص بالذكر من جملة أنواع الشرك الأكبر الأخرى، ثم لو قيل أريد به التمثيل على نفي الشرك الأكبر لما ناسب فقد نفى قبلها بقوله (ولا يتطيرون) عنهم الشرك الأصغر، ونفي غيره مفهوم من باب أولى.
5 - ومما يدل عليه أيضاً أن السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب هم قوم غير أهل الجنة من المؤمنين المبرءون من الشرك والذي منه اتخاذ الرقى الشركية، وقد جاء عد مسلم في الحديث الآنف قوله صلى الله عليه وسلم: "عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي ليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل لي هذا موسى صلى الله عليه وسلم وقومه، ولكن أنظر إلى الأفق فنظرت فإذا بسواد عظيم فقيل لي أنظر إلى الأفق الآخر فإذا بسواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير نجاسة ولا عذاب".
وثبت في الصحيح كذلك أن هذه الأمة هم نصف أهل الجنة. وفي هؤلاء قوم غير السبعين ألفا، وجميع هؤلاء سلموا من الشرك لأن الله لايغفره وقد حرم الله الجنة على الكافرين، وإذا كان الأمر كذلك فوجب أن يكون هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب انفردوا بخصائص غير التي اتصف بها غيرهم من عموم الأمة من أهل الجنة وإلاّ لما كان ذكر الخصيصة المشتركة كبير معنى. ونحو هذا الجواب نقله ابن حجر في الفتح فقال: "الحديث يدل على أن للسبعين ألفا مزية على غيرهم وفضيلة انفردوا بها عمن شاركهم في أصل الفضل والديانة ومن كان يعتقد أن الأدوية تؤثر بطبعها أو يستعمل رقي الجاهلية ونحوها ما فليس مسلما فلم يسلم هذا الجواب" 10/ 211، وأشار إليه أيضاً النووي في شرح مسلم فقال في رده: "ولا يستقيم هذا التأويل وإنما أخبر صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء لهم مزية وفضيلة يدخلون الجنة بغير حساب وبأن وجوههم تضئ إضاءة القمر ليلة البدر ولو كان كما تأوله هؤلاء لما اختص هؤلاء بهذه الفضيلة لأن تلك هي عقيدة جميع المؤمنين ومن اعتقد خلاف ذلك كفر" شرح مسلم3/ 90. فإذا اعترض بذكر الطيرة رد بأن الأصل في التطير أنه شرك أصغر غير مخرج من الملة إلاّ إذا اعتقد أن لما تطير به تأثير بذاته وليس هو مجرد سبب، بخلاف الرقى الشركية فهي شرك أكبر مخرج عن الملة، وإنما خص التطير من الأمور المحرمة لمناسبة تركه تمام التوكل وهو معنى ظاهر فيه ومرعي في الخصال المذكورة.
6 - قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا يسترقون) يشمل طلب الرقى الشركية وطلب الرقى الشرعية، فمن خص اللفظ بإحداهما خالف الأصل ولزمه الدليل، ولادليل ظاهر يدل على هذا التقييد، فأدلة جواز طلب الرقية، مطلقة أو عامة والمطلق لايقيد المطلق، كما أن العام لا يخصص بعام، ولا تعارض يدعوا للجمع بحمل الحديث الأول على بعض معناه، فكون الشيء جائزا لايمنع أن يكون تركه أولى، وقد مضت الإشارة إلى هذا وإذا فتشت عن قول الفقهاء "تركه أولى" فسوف تجد نماذج كثيرة.
والله أعلم ..
¥