وقد تبع الخوارج والجهمية والمعتزلة على إنكار خروج الدجال كثير من المنتسبين إلى العلم في زماننا وقبله بزمان، وأنكر بعضهم كثيرا من أشراط الساعة مما هو ثابت عن النبي، وبعضهم يتأولها على ما يوافق عقليته الفاسدة. ولو كان الذين أشرنا إليهم أهل علم على الحقيقة لما ردوا شيئا من الأحاديث الثابتة عن النبي، ولكانوا يقابلونها بالرضا والقبول والتسليم
ثانيا الأعجاز العلمى فى حديث الدجال
مقدمة لا بد منها
يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا
يتساءل قاريء القرآن الكريم عن الوصف حثيثا الذي جاء في الآية (رقم 54) من سورة الأعراف ولم يذكر في بقية آيات تغشية الليل النهار , أو التغشية بغير تحديد , وللإجابة علي ذلك أقول إن آية سورة الأعراف مرتبطة بالمراحل الأولي من خلق السماوات والأرض , بينما بقية الآيات تصف الظاهرة بصفة عامة.
واللفظة (حثيثا) تعني مسرعا حريصا , يقال (حثه) من باب رده و (استحثه) علي الشيء أي حضه عليه (فاحتث) , و (حثثه تحثيثا وحثحثة) بمعني حضه , و (تحاثوا) بمعني تحاضوا.
والدلالة الواضحة للآية الكريمة (رقم 54) من سورة الأعراف أن حركة تتابع الليل والنهار (أي حركة دوران الأرض حول محورها أمام الشمس) كانت في بدء الخلق سريعة متعاقبة بمعدلات أعلي من سرعتها الحالية وإلا ما غشي الليل النهار يطلبه حثيثا , وقد ثبت ذلك أخيرا عن طريق دراسة مراحل النمو المتتالية في هياكل الحيوانات وفي جذوع الأشجار المعمرة والمتأحفرة , وقد انضوت دراسة تلك الظاهرة في جذوع الأشجار تحت فرع جديد من العلوم التطبيقية يعرف باسم علم تحديد الأزمنة بواسطة الأشجار أو
( Dendrochronology)
وقد بدأ هذا العلم بدراسة الحلقات السنوية التي تظهر في جذوع الأشجار عند عمل قطاعات مستعرضة فيها وهي تمثل مراحل النمو المتتالية في حياة النبات (من مركز الساق حتي طبقة الغطاء الخارجي المعروفة باسم اللحاء) , وذلك من أجل التعرف علي الظروف المناخية والبيئية التي عاشت في ظلها تلك الأشجار حيث أن الحلقات السنوية في جذوع الأشجار تنتج بواسطة التنوع في الخلايا التي يبنيها النبات في فصول السنة المتتابعة (الربيع , والصيف , والخريف , والشتاء) فترق رقة شديدة في فترات الجفاف , وتزداد سمكا في الآونة المطيرة.
وقد تمكن الدارسون لتلك الحلقات السنوية من متابعة التغيرات المناخية المسجلة في جذوع عدد من الأشجار الحية المعمرة مثل أشجار الصنوبر ذات المخاريط الشوكية المعروفة باسم
( Pinusaristata)
إلي أكثر من ثمانية آلاف سنة مضت , ثم انتقلوا إلي دراسة الأحافير عبر العصور الأرضية المتعاقبة , وطوروا تقنياتهم من أجل ذلك فتبين لهم أن الحلقات السنوية في جذوع الأشجار
( AnnualRings)
وخطوط النمو في هياكل الحيوانات
( LinesofGrowth)
يمكن تصنيفها إلي السنوات المتتالية , بفصولها الأربعة , وشهورها الاثني عشر , وأسابيعها الستة والخمسين , وأيامها , ونهار كل يوم وليلة وأن عدد الأيام في السنة يتزايد باستمرار مع تقادم عمر العينة المدروسة , ومعني ذلك أن سرعة دوران الأرض حول محورها أمام الشمس كانت في القديم أسرع منها اليوم , وهنا تتضح روعة التعبير القرآني يطلبه حثيثا عند بدء الخلق كما جاء في الآية رقم (54) من سورة الأعراف.
تزايد عدد أيام السنة بتقادم عمر الأرض وعلاقتها بالسرعة الفائقة لدوران الأرض حول محورها عند بدء الخلق
في أثناء دراسة الظروف المناخية والبيئية القديمة كما هي مدونة في كل من جذوع النباتات وهياكل الحيوانات القديمة اتضح للدارسين أنه كلما تقادم الزمن بتلك الحلقات السنوية وخطوط النمو زاد عدد الأيام في السنة , وزيادة عدد الأيام في السنة هو تعبير دقيق عن زيادة سرعة دوران الأرض حول محورها أمام الشمس.
وبتطبيق هذه الملاحظة المدونة في الأحافير (البقايا الصلبة للكائنات البائدة) بدقة بالغة أتضح أن عدد أيام السنة في العصر الكمبري
CambrianPeriod))
أي منذ حوالي ستمائة مليون سنة مضت ـ كان 425 يوما , وفي منتصف العصر الأوردوفيشي
( OrdovicianPeriod)
أي منذ حوالي 450 مليون سنة مضت ـ كان 415 يوما , وبنهاية العصر التراياسي
( TriassicPeriod)
¥