تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الحقائق الجلية لفهم الصفات الالهية]

ـ[وليد البورسعيدى]ــــــــ[28 - 11 - 05, 05:56 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد: فقد ورد لدى اذهان بعض الناس استشكال لتفسير حديث النزول الالهى فى الثلث الاخير من الليل والاستشكال هو ان الكرة الارضية تنقسم الى قسمين او نصفين نصف ليل ونصف نهار وذلك يعنى ان الكرة الارضية لن تكون كلها توقيت واحد فأردنا توضيح هذه المسألة بغرس قواعد الايمان بصفات الله تعالى على ما يقتضيه منهج اهل السنة والجماعة وتبيين خمس حقائق فى هذه المسألة والله المستعان؛

الحقيقة الأولى: أن الله تعالى أمرنا أن نؤمن بما أنزله في كتابه في القرآن، وبما أوحى به إلى نبيه صلى الله عليه وسلم في السنة، حتى لو لم تدركه عقولنا القاصرة، قال تعالى (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) و قال تعالى (والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب)، وهذا هو سبب تسمية اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إيمانا، لان كلمة الإيمان تشتمل على بعد غيبي يصدق به المصدق، وهو لا يشاهده بعينه، فلم يطلق عليه (تصديق) في الكتاب والسنة لهذا السبب، لان المطلوب أن يسلم المؤمن بما جاء به الرسول حتى لو كان غيبا مغيبا.

الحقيقة الثانية: أنه يجب الإيمان بصفات الله تعالى الواردة في القرآن والسنة بلا تحريف لمعانيها، أو تعطيل لما تدل عليه من أنها صفات الله تعالى الكاملة، ولا إدعاء المعرفة بكيفياتها، ولا تمثيل بينها وبين صفات المخلوق، وعلى هذا الأصل العظيم مضى الصحابة الكرام، ومن تبعهم من أهل الإسلام، الذين ساروا على طريق الصحابة وهم أهل السنة والجماعة.

الحقيقة الثالثة: أن الله تعالى موصوف بصفات الكمال المطلق، لا يتطرق إليه نقص بأي وجه من الوجوه، واعتقاد النقص في صفاته كما فعلت اليهود والنصارى بعد تحريفهم لما جاءت به أنبياؤهم عليهم السلام، هو شرك وكفر به سبحانه.

الحقيقة الرابعة: أننا مع إيماننا بكل صفات الله تعالى الواردة في الكتاب والسنة، وان اتصاف الله تعالى بها هو على الحقيقة، غير أننا نجهل كيفيتها، لان عقولنا القاصرة عاجزة عن ذلك، ولهذا قال تعالى (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما) أي أن علمه سبحانه محيط بالإنسان وبكل خلقه، غير أن الإنسان لا يمكنه أن يحيط علما بالله تعالى.

ومن الأمثلة التي توضح هذه الحقيقة أننا نؤمن بالأحلام والرؤى التي نراها في منامنا، غير أننا عاجزون تماما عن معرفة كيفيتها، ونؤمن بوجود الروح في أجسادنا مع أننا عاجزون تماما عن معرفة كيفيتها، ونؤمن بوجود الجن كذلك، وأنهم يأكلون ويشربون ويتناكحون ويؤمنون ويكفرون، كما ذكر الله تعالى ذلك في القرآن، ونعجز عن معرفة كيفية أداءهم لعملياتهم العضوية عجزا تاما، فإذن يمكن أن ينفصل الإيمان بوجود الشيء وأنه حقيقة قائمة، عن الإحاطة بكيفيته.

ولله المثل الأعلى، فالله تعالى نؤمن بذاته ولكننا نجهل كيفيتها، ونؤمن باتصاف الذات الإلهية بصفاتها العليا، مثل السمع والبصر والعلم، ولكننا نجهل تماما كيفية اتصاف الذات الإلهية بتلك الصفات، مع أننا نجزم أن ذلك الاتصاف، يختلف تماما عن اتصاف ذواتنا بصفاتها، مع أن الأسماء متحدة متشابهة، فنحن أيضا لدينا ذوات تسمع وتبصر وتعلم، لكن الحقائق مختلفة تماما، فالله تعالى لا يماثل خلقه، ولايمكن معرفة كيفية صفاته سبحانه.

ونحن نرى أن المخلوقات أحيانا تتشابه في إطلاق الأسماء والصفات عليها، وتختلف الكيفيات اختلافا كليا، فمثلا نطلق صفة اليد على يد البعوضة، ويد الفيل، ويد الباب، ويد الإنسان، بينما الكيفيات تختلف اختلافا عظيما، مع أن الاسم الذي فهم منه الصفة، اسم واحد، فإذا كان هذا الاختلاف بين المخلوقات، فكيف بالاختلاف بين الخالق والمخلوق، ولهذا فنحن نؤمن باتصاف الله تعالى بصفة اليد كما ورد في القرآن والسنة، ولكن نجهل كيفيتها، ولا نمثلها بأيدينا، تعالى الله عن ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير