تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قراءة ابن مسعود: والذكر والأنثى]

ـ[محمود شعبان]ــــــــ[26 - 11 - 05, 06:33 م]ـ

العنوان هل صح أن ابن مسعود قرأ الآية هكذا؟!

المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف القرآن الكريم وعلومه/ مسائل متفرقة في القرآن

التاريخ 24/ 10/1426هـ

السؤال

السلام عليكم

ذكر الحافظ الزيلعي في كتاب "نصب الراية" رواية عن مؤلف كتاب "التنقيح" ان عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- نسي كيف كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتلو قول الله تعالى: "وما خلق الذكر والأنثى" فما صحة ذلك؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة السلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الغر الميامين، وبعد:

فقد ذكر هذا القول الزيلعي في نصب الراية (1/ 397 - 402)، نقلاً عن كتاب تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي، وهو فيه (2/ 778) نقلاً عن الإمام أبي بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب النيسابوري الصِّبغي (ت342هـ).

وهو قول ذكره هذا الإمام ليُقابل به قَوْلَ من ردَّ رفع اليدين في الصلاة قبل الركوع وبعد التشهد الأوّل، وهو ثابت من حديث عدد من الصحابة، ذكر البخاري في جزء (رفع اليدين) أنهم سبعة عشر صحابياً، فأراد ذلك الرادُّ أن يدفع هذا كُله لمجرّد أن ابن مسعود –رضي الله عنه- لم يحفظ عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلا رفعاً واحداً عند تكبيرة الإحرام.

فأراد هذا الإمام أن يُقابل غُلُوَّ هذا الرادّ بقول يردعُه، وهو أن هذا النقل عن ابن مسعود –رضي الله عنه- لو ثبت (لأن في ثبوته خلافاً)، فيبقى احتمال نسيان ابن مسعود -رضي الله عنه- وارداً.

فإن قيل: كيف ينسى ابن مسعود –رضي الله عنه- هذا الأمر المشهور من أمر الصلاة المتكررة أمامه من فعل رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.

فيُجاب عليه بما ذكره أبو بكر الصِّبغي: أن ابن مسعود –رضي الله عنه- نسي ما لا ينساه أحدٌ، بمعنى أن الحافظ القوي الحفظ قد ينسى ما لا ينساه أحد، كما أنّ الذكي الشديد الذكاء قد يغفل ويستغلق عليه ما لا يستغلق على بُلداء الخلق أحياناً.

هذا هو قول هذا الإمام، وهو قول غير مرضي، وبيان ذلك كالآتي:

1 - أما تطبيق ابن مسعود –رضي الله عنه- في الركوع، وهو أن يشبك بين أصابع كفّيه، ويضعهما بين فخذيه، وأنه لم يكن يأخذ بركبته، وهو ثابت من فعله وحثه عليه، كما في صحيح مسلم (534). فهو محمول على أنه كان يرى جواز التطبيق، وجواز الأخذ بالركب، لا على النسيان، إذ كيف ينسى هيئة الصلاة وسبع عشرة ركعة يصليها مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ومع أبي بكر وعمر –رضي الله عنهما-.

أما ما جاء من حثِّه على هذا الفعل، فلا يقطع بأنه كان لا يُجَوِّزُ الأخذ بالركب، ولكنه خشيّ –حسب اجتهاده في المسألة- أن يُظنَّ عدمُ جواز التطبيق، ورأى كثرة الآخذين بالركب وغلبتهم، فرأى أن يحث على التطبيق، ليتقرّر جوازه عند الناس.

ولولا أن هذا الاجتهاد كان سائغاً في زمن الصحابة، وإن كان عندهم مرجوحاً لما سكتوا عنه، ولألزموه الحجّة بعدم صحّة فعله هذا.

2 - وأمّا وضع المرافق في السجود، فهو ثابت أيضاً عن ابن مسعود –رضي الله عنه- أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2670، 2676)، بإسنادين صحيحين عنه، أنه قال: "هُيّئت عظامُ بني آدم للسجود، فاسجدوا حتى بالمرافق"، وأحد الإسنادين اقتصر على العبارة الأخيرة.

وهذا القول ليس شاذاً غريباً، ولابن مسعود –رضي الله عنه- من يوافقه من السلف، كما تراه في المصنّف لابن أبي شيبة (2/ 104 - 106).

وإذا حمل قول ابن مسعود هذا على الجواز عند الإعياء والتعب من طول السجود، فهو قول وجيه لأهل العلم.

3 - وأمّا أن ابن مسعود –رضي الله عنه- كان يقرأ سورة الليل: "والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى" دون أن يقرأ "وما خلق الذكر والأنثى" فهو أيضاً ثابتُ عنه في صحيح البخاري (3742، 3743، 3761، 4943، 4944، 6278)، وفي صحيح مسلم (824).

ولكن أوّلاً: لم ينفرد بها ابن مسعود –رضي الله عنه- بل وافقه على ذلك أبو الدرداء –رضي الله عنه- كما في الصحيحين (المواضع السابقة).

وهذا يدلّ على أن هذه القراءة إحدى الأحرف السبعة التي تنزل بها القرآن، وليست خطأ ولا نسياناً من هذين الصحابيين الجليلين القارئين –رضي الله عنهما-.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير