تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

aa ج - الجهل بالسّنّة aa

17 - من الأمور المؤدّية إلى البدعة الجهل بالسّنّة.

والجهل بالسّنّة يعني أمرين

الأوّل: جهل النّاس بأصل السّنّة.

والثّاني: جهلهم بالصّحيح من غيره، فيختلط عليهم الأمر.

أمّا جهلهم بالسّنّة الصّحيحة، فيجعلهم يأخذون بالأحاديث المكذوبة على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم.

وقد وردت الآثار من القرآن والسّنّة تنهي عن ذلك، كقوله تعالى: {ولا تَقْفُ ما ليس لَكَ بهِ عِلْمٌ إنَّ السّمعَ والبصرَ والفؤادَ كلُّ أولئك كان عنه مَسْئولاً} وقول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " من كَذَبَ عليَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبوّأ مَقْعَدَه من النّارِ ".

ومن جهلهم بالسّنّة، جهلهم بدورها في التّشريع، وقد بيّن اللّه سبحانه وتعالى مكانة السّنّة في التّشريع: {وَمَا آتاكم الرّسولُ فَخُذُوه وما نَهَاكم عنه فانتهوا}.

aa د - تحسين الظّنّ بالعقل aa

18 - عدّ العلماء من دواعي البدعة تحسين الظّنّ بالعقل، ويتأتّى هذا من جهة أنّ المبتدع يعتمد على عقله، ولا يعتمد على الوحي وإخبار المعصوم صلى الله عليه وسلم فيجرّه عقله القاصر إلى أشياء بعيدةٍ عن الطّريق المستقيم، فيقع بذلك في الخطأ والابتداع، ويظنّ أنّ عقله موصّله، فإذا هو مهلكه.

وهذا لأنّ اللّه جعل للعقول في إدراكها حدّاً تنتهي إليه لا تتعدّاه، من ناحية الكمّ ومن ناحية الكيف.

أمّا علم اللّه سبحانه فلا يتناهى، والمتناهي لا يساوي ما لا يتناهى.

ويتخلّص من ذلك

- 1 - أنّ العقل ما دام على هذه الصّورة لا يجعل حاكماً بإطلاقٍ، وقد ثبت عليه حاكم بإطلاقٍ، وهو الشّرع، والواجب عليه أن يقدّم ما حقّه التّقديم، ويؤخّر ما حقّه التّأخير.

- 2 - إذا وجد الإنسان في الشّرع أخباراً يقتضي ظاهرها خرق العادة المألوفة - الّتي لم يسبق له أن رآها أو علم بها علماً صحيحاً - لا يجوز له أن يقدّم بين يديه لأوّل وهلةٍ الإنكار بإطلاقٍ، بل أمامه أحد أمرين

الأوّل: إمّا أن يصدّق به ويكل العلم فيه للرّاسخين في العلم والمتخصّصين فيه متمثّلاً بقوله تعالى: {والرّاسخونَ في العلمِ يقولون آمَنّا به كُلٌّ من عند ربّنا}

الثّاني: يتأوّل على ما يمكن حمله عليه من الآراء بمقتضى الظّاهر.

ويحكم هذا كلّه قوله تعالى: {ثمّ جَعَلْناك على شَرِيعةٍ من الأَمْرِ فاتَّبِعْها ولا تَتَّبِعْ أهواءَ الّذينَ لا يعلمون} وقوله {يَا أيّها الّذينَ آمنوا أطيعُوا اللّه وأطيعُوا الرّسولَ وأُولي الأمرِ منكم فإنْ تَنَازَعْتُمْ في شيءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللّه والرّسولِ إنْ كنتم تُؤْمنونَ باللّه واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلاً}.

aa هـ – اتّباع المتشابه aa

19 – قال بعض العلماء: المتشابه هو ما اختلف فيه من أحكام القرآن، وقال آخرون: هو ما تقابلت فيه الأدلّة.

وقد نهى الرّسول صلى الله عليه وسلم عن اتّباع المتشابه بقوله: " إذا رأيتم الّذينَ يَتَّبِعُون ما تَشَابَهَ منه فأولئك الّذين سمّى اللّه فاحذَرُوهم " وقد ذكرهم القرآن في قوله تعالى: {هو الّذي أنزل عليك الكتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكتابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهاتٌ فَأَمّا الّذينَ في قُلوبِهم زَيْغٌ فَيَتَّبِعُون ما تَشَابه مِنه}.

فليس نظرهم في الدّليل نظر المستبصر حتّى يكون هواه تحت حكمه، بل نظر من حكم بالهوى.

ثمّ أتى بالدّليل كالشّاهد له.

aa و - اتّباع الهوى aa

20 - يطلق الهوى على ميل النّفس وانحرافها نحو الشّيء، ثمّ غلب استعماله في الميل المذموم والانحراف السّيّئ.

ونسبت البدع إلى الأهواء، وسمّي أصحابها بأهل الأهواء، لأنّهم اتّبعوا أهواءهم فلم يأخذوا الأدلّة مأخذ الافتقار إليها والتّعويل عليها، بل قدّموا أهواءهم واعتمدوا على آرائهم، ثمّ جعلوا الأدلّة الشّرعيّة منظوراً فيها من وراء ذلك.

21 - مداخل هذه الأهواء

أ - اتّباع العادات والآباء وجعلها ديناً.

قال تعالى في شأن هؤلاء: {إنّا وَجَدنا آباءنا على أُمَّةٍ وإنّا على آثارِهم مُهْتَدون} فقال الحقّ على لسان رسوله {قال أَوَلَوْ جِئْتُكم بأَهْدَى ممّا وَجَدْتُم عليه آباءَكم}.

ب - رأي بعض المقلّدين في أئمّتهم والتّعصّب لهم، فقد يؤدّي هذا التّغالي في التّقليد إلى إنكار بعض النّصوص والأدلّة أو تأويلها، وعدّ من يخالفهم مفارقاً للجماعة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير