ثالثا: قال بعض الصحابة: (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشي-[الظهر أو العصر]- وهو حامل حسنا أو حسينا، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه [عند قدمه اليمنى]، ثم كبر للصلاة فصلى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها، قال: فرفعت رأسي [من بين الناس]؛ فإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال الناس: يا رسول الله! إنك سجدت بين ظهراني صلاتك [هذه] سجدة أطلتها؛ حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك! قال: (كل ذلك لم يكن؛ ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته). رواه ابن خزيمة في صحيحه، وصححه الألباني.
وفي حديث آخر: (كان صلى الله عليه وسلم يصلي؛ فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره، فإذا منعوهما؛ أشار إليهم أن دعوهما، فلما قضى الصلاة وضعهما في حجره وقال: (من أحبني فليحب هذين) رواه ابن خزيمة في صحيحه، وصححه الألباني.
قلت: فمن هذا الحديث يتبين أن الحسن والحسين وقد كانا صغيرين كانا يلعبان في المسجد لدرجة أنهما كانا يثيبان على ظهر النبي وهو ساجد وهو الإمام ولم ينههما عن ذلك، ربما لو حدث ذلك مع أحد الأئمة في هذا الزمان لفعل وفعل.
رابعا: عن أبا قتادة قال: بينا نحن في المسجد جلوس خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع، وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي صبية يحملها على عاتقه، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي على عاتقه: يضعها إذا ركع، ويعيدها إذا قام، حتى قضى صلاته، يفعل ذلك بها.
قلت: يفهم من هذا الحديث جواز اصطحاب الأطفال للمسجد وجواز حملهما في الصلاة للإمام والمأموم وأن ذلك لا ينافي الخشوع.
وذكر الألباني في الثمر المستطاب من فقه السنة والكتاب تعليقا على هذا الحديث:
وفي هذه الأحاديث جواز إدخال الصبيان المساجد ولو كانوا صغارا يتعثرون في سيرهم حتى ولو كان من المحتمل الصياح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر ذلك ولم ينكره، بل شرع للأئمة تخفيف القراءة لصياح صبي خشية أن يشق على أهله.
ولعل من الحكمة في ذلك تعويدهم على الطاعة وحضور الجماعة منذ نعومة أظفارهم؛ فإن لتلك المشاهد التي يرونها في المساجد وما يسمعونه ـ من الذكر وقراءة القرآن و التكبير والتحميد والتسبيح ـ أثرا قويا في نفوسهم ـ من حيث لا يشعرون ـ لا يزول أو من الصعب أن يزول حين بلوغهم الرشد ودخولهم معترك الحياة وزخارفها،
ومن هذا القبيل الأذان في أذن المولود؛.
سُأل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
هل نمنع الأطفال من المجيء للمسجد في التراويح مع الأمهات لكثرة الإفساد والإزعاج؟
فأجاب: يُتركون كما جاء في الأحاديث، (ويسع الآخرين ما وسع الأولين). والله أعلم.
قلت: قول الشيخ رحمه الله (يُتركون) أي لا يمنعون من المساجد.
وقوله: (ويسع الآخرين ما وسع الأولين) أي أن الصحابة كانوا يحضرونهم المساجد فلنفعل مثلهم.
قال المحقق ابن القيم في (تحفة المولود): وسر التأذين ـ و الله أعلم ـ أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المنتظمة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام. أ هـ
وأخيرا أذكر لكم كلمات لصاحب كتاب تحفة العروس وذلك بتصرف: قال الشيخ: لو أن الأمر بيدي لأقمت بالمساجد ألعاب للأطفال حتى تكون المساجد محببة لقلوبهم فينشئوا على حبها وحب الصلاة وحب الإسلام. أ هـ
قلت: ولكم أن تعلموا أن النصارى في كنائسهم يفعلوا كل ما يجذب الأطفال إليها، ونحن للأسف نفعل كل ما ينفر الأطفال من المساجد بدعوى الخشوع، فإن الخشوع مطلوب ولكن يطلب من مظانه بالطرق الشرعية كالابتعاد عن زخرفة المساجد وغيرها مما هو معلوم عند الفقهاء.
همسة في أذن كل إمام ينهي الأطفال من دخولهم المساجد ـ بحجة بكائهم ولم يفعل ذلك الإمام الأول محمد صلي الله عليه وسلم ـ أليس كان الأولى أن ينهي حاملي الجوالات ذات النغمات الموسيقية من دخول المسجد إنك لو فعلت ذلك لكان لك وجه.
وأخيرا أوصيكم ونفسي بتقوى الله و التحاكم إليه عند الاختلاف والرجوع للحق إذا تبين لنا، والله الموفق إلى سواء السبيل.
والأذان في إذن المولود ضعيف
ـ[علاء بن جوده النادي]ــــــــ[26 - 11 - 05, 11:55 م]ـ
ورد في الأذان في أذن المولود حديث أبي رافع رضي الله عنه قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة " أخرجه الترمذي بإسناد ضعيف، وله شاهد من حديث ابن عباس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي يوم ولد، وأقام في أذنه اليسرى " أخرجه البيهقي في الشعب وإسناده ضعيف كما قال ابن القيم في تحفة المودود. وقد رأى الألباني أن الحديثين يقوي أحدهما الآخر وأنه قد يرتقي إلى درجة الحسن (دون الإقامة) ولذلك قال في الإرواء عن حديث أبي رافع: " حسن إن شاء الله ".
¥