تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا وقد أجمع العلماء من سلف الأمة ومن بعدهم، على أن القاعدة العامة التي تضبط هذا الباب الجليل، هي التي أطلقها الإمام مالك رحمه الله، إمام دار الهجرة، عندما سأله سائل عن استواء الله على عرشه، فقال قولته المشهورة: (الاستواء معلوم، والإيمان به واجب، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة) وكذلك يقال في كل صفات الله تعالى الواردة في الكتاب والسنة.

وقال العلماء من أهل السنة والجماعة أن أسماء الله تعالى وصفاته تفهم على ضوء ثلاثة أصول:

الأول: الإيمان بكل ما ورد في الكتاب والسنة من أسماء الله وصفاته، إثباتا ونفيا، فنثبت ما أثبته الله ورسوله من الأسماء والصفات، وننفي ما نفاه الله ورسوله من الأسماء والصفات، من غير اعتراض على شيء من ذلك بعقولنا، فذلك مقتضى الإيمان والتسليم، قال تعالى (والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا) وقال تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسماءه).

الثاني: نفي التمثيل والتشبيه بين أسماء الله وصفاته، وأسماء المخلوقين وصفاتهم قال تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).

الثالث: قطع الطمع عن إدراك كيفية صفات الله تعالى قال تعالى (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما).

وقد أخذت هذه الأصول الثلاث من طريقة الصحابة التي أجمعوا عليها، فلم تكن طريقتهم في فهم نصوص صفات الله تعالى إلا بالإيمان بها وإمرارها كما جاءت من غير تأويل ولا تحريف ولا تعطيل ولاتمثيل ولا تكييف، وقد حكى إجماعهم على ذلك عامة العلماء من أهل السنة والجماعة.

قال الإمام الاوزاعي (كنا والتابعون متوافرون نقول إن الله عز وجل فوق عرشه ونؤمن بما ورد في السنة من صفاته) رواه البيهقي في الأسماء والصفات، وصححه ابن القيم رحمه الله.

وقال الإمام الشافعي رحمه الله (القول في السنة التي أنا عليها، ورأيت عليها الذين رأيتهم مثل مالك وسفيان وغيرهما ... وأن الله تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف يشاء، وينزل إلى السماء الدنيا كيف يشاء .. وذكر سائر الاعتقاد على هذا النحو) ذكره الذهبي في العلو للعلي الغفار.

وقال الحافظ الخطيب رحمه الله (أما الكلام في الصفات، فأما ما روي منها في السنن والصحاح، فمذهب السلف (أي الصحابة والتابعون وأتباعهم من علماء القرون الثلاثة المفضلة) إثباتها، وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها) ذكره الذهبي في المصدر السابق.

وبهذا يعلم انه لاوجه لإثارة السؤال بأن النزول الإلهي في الثلث الأخير من الليل، يلزم منه كونه يحصل على مدار الساعة، لان ذلك إنما يحصل لو كان النزول يشبه نزول البشر، أما وهو أمر لانعلم كنهه، ولاندرك كيفيته، فليس علينا إلا الإيمان به والتسليم بأنه حق على الكيفية التي تليق بالله تعالى، ويعلمها هو ولا نعلمها، قال تعالى (سبحانك لاعلم لنا إلا ما علمتنا) وقال: (والله يعلم وأنتم لاتعلمون) والله أعلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير