د ــ " الظبية ": الإنسان يرجع إلى الحيوان كما يرجع النوع إلى الجنس، بل لا يختلف الإنسان عن الحيوان إلا بامتلاكه للحقيقة العقلية، لذلك نجد من المفكرين الإسلاميين من يحرم على نفسه أكل اللحوم، لاعتقاده هذا الاعتقاد، وتأثرا ببعض المذاهب الهندية. و ابن طفيل عندما يصنف المآكل المباحة لـ" حي " فإنه يضع لحم الحيوان في الدرجة الأخيرة، و لا يبيحها له إلا إذا عدم المأكل: "فإن عدم هذه فله أن يأخذ من الحيوان أو من بيضه، و الشرط عليه في الحيوان أن يأخذ من أكثره و جودا، و لا يستأصل منه نوعا بأسره " أليس في هذا القول، صياغة لقانون في الرفق بالحيوان؟
انظر "منتدى علم المنطق والكلام والفلسفة" بحث في الرمزية في قصة " حي بن يقظان "
6 - يلحظ في القصة التركيز على مسألة الطبيعة والاستقاء منها وهذا مذهب من مذاهب الفلاسفة بل قول الملاحدة الذين يجعلون أصل كل شيء الطبيعة.
يقول الأستاذ أنور أبو البندورة: كانت المعرفة بالصيغة التي سُميت علوماً طبيعية هي أول ما وصل إليه حي بن يقظان، وقد باشر بعلم الحيوان والطب إذ قام بتشريح الظبية وتعرف إلى أعضائها الداخلية عضواً عضواً ودقق في أوصافها ووظائفها، ومن ذلك ينتقل إلى النبات والمعادن وأصناف الحجارة والتربة والماء والبخار والدخان.
وبالنسبة إلى صفات الأجسام وخواصها نجد حياً يكتشف الأحجام في الأجسام، وإلى الحرارة والبرودة وتحولاتها ونحو ذلك من الاختلافات. ويبدو أن حياً اكتشف الجاذبية وأثرها على الأجسام من حيث ثقلها.
أما مسألة النشوء، فنراه في ولادة حي بن يقظان نفسه حيث يعرض ابن طفيل النشوء المرتجل لحي بن يقظان على أساس أنه عمل طبيعي يلتزم بمسألة النمو الطبيعي أي البيولوجي من خلال التغذية والحفاظ على صحة المولود.
والجدير بالذكر هنا أن المكان الذي ذكره ابن طفيل عن حدوث النشوء الطبيعي فيه جزيرة من جزر الهند تحت خط الاستواء هو نفسه الذي يشير إليه إنجلز في بحثه تحت عنوان: "دور العمل في تحول القرد إلى إنسان"!؟.
من مقال لأبي البندورة " الأبعاد الفلسفية في قصة " حي بن يقظان"
7 - في القصة إشارات إلى مذهب الحلول والاتحاد بعبارات خفية
وقد أشار شيخ الإسلام إلى ذلك قال رحمه الله: وأما التي يسميها علوم المكاشفة ويرمز إليها في الإحياء وغيره ففيها يستمد من كلام المتفلسفة وغيرهم كما في مشكاة الأنوار والمضنون به على غير أهله وغير ذلك وبسبب خلطه التصوف بالفلسفة كما خلط الأصول بالفلسفة صار ينسب إلى التصوف من ليس هو موافقا للمشائخ المقبولين الذين لهم في الأمة لسان صدق رضي الله تعالى عنهم بل يكون مباينا لهم في أصول الإيمان كالإيمان بالتوحيد والرسالة واليوم الآخر ويجعلون هذه مذاهب الصوفية كما يذكر ذلك ابن الطفيل صاحب رسالة حي بن يقظان وأبو الوليد ابن رشد الحفيد وصاحب خلع العلم وابن العربي صاحب الفتوحات وفصوص الحكم وابن سبعين وأمثال هؤلاء ممن يتظاهر بمذاهب مشايخ الصوفية وأهل الطريق وهو في التحقيق منافق زنديق ينتهي إلى القول بالحلول والاتحاد وأتباع القرامطة أهل الإلحاد ومذهب الإباحية الدافعين للأمر والنهي والوعد والوعيد ملاحظين لحقيقة القدر التي لا يفرق فيها بين الأنبياء والمرسلين وبين كل جبار عنيد وقائلين مع ذلك بنوع من الحقائق البدعية غير عارفين بالحقائق الدينية الشرعية ولا سالكين مسلك أولياء الله الذين هم بعد الأنبياء خير البرية فهم في نهاية تحققيهم يسقطون الأمر والنهي والطاعة والعبادة مشاقين للرسول متبعين غير سبيل المؤمنين ويفارقون سبيل أولياء الله المتقين إلى سبيل أولياء الشياطين ثم يقولون بالحلول والاتحاد وهو غاية الكفر ونهاية الإلحاد.
العقيدة الأصفهانية (173)
8 - التركيز على مسألة الوجد والتصوف وأن هناك حقائق وبواطن لا يصل إليها إلا أهل الحقيقة والباطن أما أهل الظاهر فلا.
ولذلك جاء في كتاب "حي بن يقظان" بيان حال أهل الظاهر: "لا يزدادون بالجدل إلا إصرارا، وأما الحكمة فلا سبيل لهم إليها"
وقد ذكر الأستاذ محمود قاسم أن الغاية التي قصد إليها ابن طفيل من رسالته هي "تمجيد المعرفة الصوفية وتقديمه لها على كل معرفة سواها"
مجلة التاريخ (13416) الحاشية
¥