تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحقيقة المكر: إيصال الأذى، أو الضرر، بطريقة خفية. فإن كان مستحقاً له فهو مكر محمود، وإن كان غير مستحق له فهو مكر مذموم. فلو أن لصاً، صار يخادع الناس ويسرق أموالهم بطريقة خفية، فصنيعه مكر مذموم. ولو قدرنا أن رجل أمن، احتال عليه بحيله، وأوقعه في كمين، ليقبض عليه، كما يفعلون عند القبض على أصحاب المخدرات وما شابه، فصنيعه هذا مكر محمودا، لأنه أوصل الأذى إلى مستحقه.

فبهذا يتبين أن صفات الله عز وجل، المضافة إليه، كلها كمال، لا نقص فيها بوجه من الوجوه. فإذا رأيت الله سبحانه وتعالى، أضاف إلى نفسه فعلاً، أو وصف نفسه بوصف، فاعلم، وأنت في غاية الطمأنينة، أنه لا نقص فيه بوجه من الوجوه، ولا يمكن أن يتضمن نقصاً، ولا عيباً، ولا مماثلة للمخلوقين.

القاعدة الثانية: أسماء الله وصفاته توقيفية.

يعني أننا تقف فيها على ما جاءت به النصوص، لا نتعدى القرآن والحديث كما قال الإمام أحمد: لا يتجاوز القرآن والحديث. لأن الكلام فيها عن الله سبحانه وتعالى! فلا سبيل لنا، إلى أن نسمي الله، أو نصفه، إلا بما سمى به نفسه، أو وصف به نفسه. لأن هذا ليس شيئاً داخلاً تحت الحواس فنبصره، ونفحصه، ونحيط به.

لكن (باب الأخبار أوسع من باب الأسماء والصفات) فقد يخبر المتكلم عن الله عز وجل بشيء، ولا يكون هذا الشيء اسماًَ ولا صفة، ولا يدل على نقص بحد ذاته، فيسوغ التعبير به إخباراً. مثاله في باب الأسماء لو قال الإنسان عن الله عز وجل أنه (المريد) فنقول: يسوغ التوسع في هذا، مع أنه ليس من أسماء الله الحسنى المريد، لكن حيث أن الله عز وجل أضاف الإرادة إلى نفسه، وجعلها من صفاته، ساغ أن نقول: المريد، من باب الأخبار، لأن باب الأخبار أوسع من باب الأسماء.

واحتمل العلماء أن يجاروا المتكلمين في وصف الله عز وجل بأنه (واجب الوجود) لأن هذا من باب الخبر، يعني أن وجوده واجب بذاته، ليس ممكناً، ولا مستحيلاً. فيسوغ استخدام مثل هذا التعبير لأن معناه صحيح، لا يتضمن نقصاً، ولكن لا نعده من أسماء الله الحسنى.

ومن هذا دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، اهْزِمْ الْأَحْزَابَ. اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ) وفي رواية: (هازم الأحزاب) وفي أخرى: (مجري السحاب) رواهن مسلم - (ج 9 / ص 171)، وليس من أسمائه (المنزل) و (السريع) و (الهازم) و (المجري).

القاعدة الثالثة: أسماء الله سبحانه وصفاته المضافة إليه حق على حقيقتها.

أي أن ما سمى الله به نفسه، أو سماه به نبيه صلى الله عليه وسلم، أو وصف الرب به نفسه، أو وصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم، حق، على ما دل عليه النص والخبر، فليس لأحد أن يقول: لا، ليست على ظاهرها. بل الواجب أن بجري أسماء الله وصفاته على ظاهرها اللائق به سبحانه وتعالى، فلذلك نقول: هي حقيقة، وليست مجازاً.

لأن من ضل في باب الأسماء والصفات من المعطلة، زعم أن صفات الله عز وجل ليست من باب الحقيقة بل من باب المجاز.فسلطوا معاول التأويل، على صفات الله عز وجل، وصاروا يقولون: المراد بالوجه الثواب، والمراد باليد القدرة، والمراد بالاستواء الاستيلاء، والمراد بالنزول نزول أمره، أو رحمته، أو ملك من ملائكته، وأنها ليست على حقيقتها! يا سبحان الله! كيف لا تكون على حقيقتها؟ والمتحدث بها هو الحق سبحانه، الذي هو أصدق قيلاًَ، وأحسن حديثاً، أو المخبر بها عن الله، نبيه صلى الله عليه وسلم الذي هو أعلم الناس، وأصدقهم، وأفصحهم، وأنصحهم للأمة.

إذاً من هذه القاعدة نسد الباب على سائر العابثين الذين يعمدون إلى أسماء الله وصفاته فيسلطون عليها معاول التحريف، والتعطيل، ونقول: بل الواجب أن نقبل ما جاء عن الله، أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم، ونعتقد أنها حق على حقيقتها اللائقة به

ولا يلزم من اعتقادنا أنها حق على حقيقتها أن يكون ذلك كما نعهده في المخلوقين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير