أولا: أن الرسول – عليه الصلاة والسلام – خلفه على أمته في إمامة الصلاة، والصلاة أفضل شعائر الإسلام، فجعله خليفة له عليهم في أعظم شعائر دينهم وهي الصلاة، فكيف لا يكون خليفة بأمور دنياهم.
ثانيا: أن الرسول – عليه الصلاة والسلام – خلفه على أمته في قيادة الحجيج سنة تسع من الهجرة، حيث جعله الأمير على الحجاج، والحجاج كما تعلمون دائرتهم أوسع مما في المدينة، فجعله هو الأمير عليهم.
ثالثا: أن الرسول قال: " لا يبقى في المسجد باب إلا سُد إلا باب أبي بكر "؛ مما يدل على أنه الخليفة بعده، حتى يسهل وصول الناس إليه، لأن بابه في المسجد، وحتى يسهل وصوله أيضا إلى الناس.
رابعا: أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال لامرأة أتته في حاجة، فوعدها القادم، فقالت: أرأيت إن لم أجدك؟! قال: " فأت أبا بكر " وهذا كالنص الصريح على أنه الخليفة من بعده.
وأيضا قال – صلى الله عليه وسلم -: " يأبى الله ورسوله والمؤمنون إلا أبا بكر ".
والأدلة على هذا كثيرة.
فلا شك أن أبا بكر – رضي الله تعالى عنه – هو أفضل الأمة، وأحقهم بخلافة النبي – صلى الله عليه وسلم -.
الفائدة 36:
الحسن – رضي الله عنه – هو حقيقة الذي فدى الناس بتنازله عن الخلافة، وهو أفضل من الحسين – رضي الله عنه -.
قال – رحمه الله تعالى -:
[ ... لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – أشار إلى ذلك في قوله للحسن: " إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين "، فنال السيادة في الدنيا والآخرة، - رضي الله عنه -، وأخوه الحسين شاركه في السيادة في الآخرة، حين قال الرسول – عليه الصلاة والسلام -:
" الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة "، ولكن السيادة في الدنيا والآخرة إنما هي للحسن – رضي الله عنه -، وهو أفضل من الحسين بلا شك، لما له من الآيات الفاضلة، والمنة على المؤمنين عموما، حيث تنازل عن الخلافة التي يسعى إليها أكثر الناس، تنازل عنها من أجل الإصلاح، وحقن الدماء، فهو حقيقة الذي قد فدى الناس بتنازله عن الخلافة، فجزاه الله خيرا عن أمة محمد.].
الفائدة 37:
حجة عقلية في ترتيب الأفضلية بين الخلفاء الراشدين، نوقش فيها الشيخ.
قال – رحمه الله تعالى -:
[وما كان الله تعالى – وله الحكمة البالغة – ليولي على خير القرون رجلا وفيهم من هو خير منه، وأجدر بالخلافة، هذا احتجاج بمقتضى الحكمة، وقد ورد فيه نقاش، فبعض العلماء أو بعض الإخوان يقول: أليس قد وُلّي على المسلمين في الخلافة، وفيهم من هو خير منه؟! نقول: بلى، لكن ليس في زمن خير الأمة، صحيح أنه ولي بعد الخلفاء الراشدين على الأمة الإسلامية من ليس هو خير الأمة، لكن نحن نتكلم على خير الأمة، فما كان الله ليولي على هذا الشعب المختار رجلا، وفيهم من هو خير منه، لأن هذا تأباه حكمة الله – عز وجل، وأما بعد ذلك، فلا شك أن من الخلفاء من هو أدون، وأدون بكثير من كثير من الشعوب].
الفائدة 38:
مسألة مهمة ينبغي أن نتنبه لها متعلقة بالتفضيل بين الصحابة، والمناقب: الفضل المقيد لا يستلزم الفضل المطلق.
قال – رحمه الله تعالى -:
[ونؤمن بأن المفضول من هؤلاء قد يتميز بخصيصة يفوق فيها من هو أفضل منه، المفضول من هؤلاء ربما يكون له خصيصة يتميز بها عن غيره، لكن الفضل المقيد لا يستلزم الفضل المطلق، وهذه مسألة ينبغي أن نتنبه لها، حتى تزول عنا إشكالات كثيرة، الفضل المطلق شيء، والمقيد شيء، فلا يتعارضان، فلا يلزم من ثبوت الفضل المقيد أن يثبت الفضل المطلق، ولا يلزم من الفضل المطلق بأن ينتفي الفضل المقيد، فمثلا من الصحابة من له ميزة خاصة، فمثلا: الشيطان يفر من عمر، ولكنهم لم يلمسوا ذلك في أبي بكر، مع أن أبا بكر أفضل منه؛ عثمان – رضي الله عنه – قال له الرسول – صلى الله عليه وسلم – حينما جهز جيش العسرة: " ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم "، وقال: " من يشتري بئر رومة، وله الجنة "، اشتراها عثمان، وتزوج عثمان اثنتين من بنات الرسول – عليه الصلاة والسلام -، ولم يحصل ذلك لغيره، فله ميزات، ولا نقول: إنه يلزم من ذلك أن يكون أفضل من عمر، لأن عمر فضله مطلق، وهذا فضل مقيد؛ علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – له ميزات أيضا، قال النبي – صلى الله
¥