تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[10 - 05 - 08, 08:36 م]ـ

الفائدة الخامسة والثلاثون: الإشكالات الواردة على حديث: [يا عم قل: لا إله إلا الله ... ]

في باب: إنك لا تهدي من أحببت.

قال – رحمه الله تعالى -:

[الإشكالات الواردة في الحديث:

الإشكال الأول: الإثبات والنفي في الهداية، وقد سبق بيان ذلك.

الإشكال الثاني: قوله لما حضرت أبا طالب الوفاة يشكل مع قوله تعالى: {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن} [النساء: 18]، وظاهر الحديث قبول توبته.

والجواب عن ذلك من أحد وجهين:

الأول: أن يقال لما حضرت أبا طالب الوفاة، أي ظهر عليه علامات الموت ولم ينزل به، ولكن عرف موته لا محالة، وعلى هذا، فالوصف لا ينافي الآية.

الثاني: أن هذا خاص بأبي طالب مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويستدل لذلك بوجهين:

أنه قال: "كلمة أحاج لك بها عند الله"، ولم يجزم بنفعها له، ولم يقل: كلمة تخرجك من النار.

أنه سبحانه أذن للنبي - صلى الله عليه وسلم - بالشفاعة لعمه مع كفره، وهذا لا يستقيم إلا له، والشفاعة له ليخفف عنه العذاب.

ويضعف الوجه الأول أن المعنى ظهرت عليه علامات الموت: بأن قوله: "لما حضرت أبا طالب الوفاة" مطابقٌ تماماً لقوله تعالى: {حتى إذا حضر أحدهم الموت}، وعلى هذا يكون الأوضح في الجواب أن هذا خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - مع أبي طالب نفسه.

الإشكال الثالث: أن قوله تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} [التوبة: 113] في سورة التوبة، وهي متأخرة مدنية، وقصة أبي طالب مكية، وهذا يدل على تأخر النهي عن الاستغفار للمشركين، ولهذا استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - للاستغفار لأمه وهو ذاهب للعمرة.

ولا يمكن أن يستأذن بعد نزول النهي، فدل على تأخر الآية، وأن المراد بيان دخولها في قوله تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}، وليس المعنى أنها نزلت في ذلك الوقت.

وقيل: إن سبب نزول الآية هو استئذانه ربه في الاستغفار لأمه، ولا مانع من أن يكون للآية سببان.

الإشكال الرابع: أن أهل العلم قالوا: يسن تلقين المحتضر لا إله إلا الله، لكن بدون قول:" قل "، لأنه ربما مع الضجر يقول: لا، لضيق صدره مع نزول الموت، أو يكره هذه الكلمة أو معناها، وفي هذا الحديث قال: "قل".

والجواب: إن أبا طالب كان كافراً، فإذا قيل له: قل وأبَى، فهو باق على كفره، لم يضره التلقين بهذا، فإما أن يبقى على كفره ولا ضرر عليه بهذا التلقين، وإما أن يهديه الله، بخلاف المسلم، فهو على خطر لأنه ربما يضره التلقين على هذا الوجه].

قلت (علي): وهنا تعليقان على الإشكال الرابع:

الأول: أن المقصود بتلقين الميت إنما هو قول: " لا إله إلا الله " لا قول " محمد رسول الله " كما دلت عليها الأحاديث النبوية، ومنها حديث أبي طالب آنف الذكر، قال العلامة الألباني – رحمه الله تعالى – في الشريط (361) من سلسلة الهدى والنور:

[والمقصود فقط قول: " لا إله إلا الله "، دون قول " محمد رسول الله " فهي التي جاء بها النص، وإن كانت هي تمام الشهادة، لكن لا تقال في حال الاحتضار، لأنها أولا: مخالفة للسنة،؛ وثانيا: لكي يكون الميت متوجها بقلبه كله إلى عبادة الله وحده لا شريك له.

فعند حضور الموت لا يلقن إلا شهادة التوحيد فقط] اهـ.

الثاني: أن ما ذكره العلامة ابن عثيمين عن بعض أهل العلم هنا مِن أنّ المُلقِّن لا يقول للميت: " قل " خلاف الثابت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، قال العلامة الألباني في " أحكام الجنائز ":

[- وليس التلقين ذكر الشهادة بحضرة الميت وتسميعها إياه، بل هو أمره بأن يقولها خلافا لما يظن البعض، والدليل حديث أنس رضي الله عنه:

" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من الانصار، فقال: يا خال! قل: لا إله إلا الله، فقال: أخال أم عم؟ فقال: بل خال، فقال: فخير لي أن أقول: لا إله إلا الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم ".

أخرجه الامام أحمد (3/ 152، 154، 268) بإسناد صحيح على شرط مسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير