وقال الحسين الجعفي: دخلت على الأعمش أنا وزائدة في اليوم الذي مات فيه، والبيت ممتلئ من الرجال، إذ دخل عليه شيخ، فقال: سبحان الله! تَرَون الرجل وما هو فيه وليس أحد منكم يلقِّنُه؟! فقال الأعمش هكذا!، فأشار بالسبابة وحرك شفتيه.
رواه عبد الله بن أحمد في كتاب أبيه " العلل ومعرفة الرجال " (2/ 76/462) بسند صحيح] اهـ.
الفائدة السادسة والثلاثون: خطأ وخطر من يترحم على زعماء الكفار، ويعمل لهم الحداد.
في باب: إنك لا تهدي من أحببت.
قال – رحمه الله تعالى – في المسألة الثانية: تفسير قوله: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) الآية، قال:
[وقد سبق تفسيرها وبيان تحريم استغفار المسلمين للمشركين ولو كانوا أولي قربى.
والخطر من قول بعض الناس لبعض زعماء الكفر إذا مات: المرحوم، فإنه حرام لأن هذا مضادة لله - سبحانه وتعالى ـ، وكذلك يحرم إظهار الجزع والحزن على موتهم بالإحداد أو غيره، لأن المؤمنين يفرحون بموتهم، بل لو كان عندهم القدرة والقوة لقاتلوهم حتى يكون الدين كله لله] اهـ.
الفائدة السابعة والثلاثون: من يقول: إن معنى كلمة التوحيد لا قادر على الاختراع إلا هو، ومن يعبد الأولياء، ويقول " لا إله إلا الله " أجهل من أبي جهل!
في باب: إنك لا تهدي من أحببت.
قال – رحمه الله تعالى – في المسألة الرابعة أن أبا جهل ومن معه يعرفون مراد النبي - صلى الله عليه وسلم ... -. قال:
[أبو جهل ومن معه يعرفون مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بقول: لا إله إلا الله، ولذا ثاروا وقالوا له: "أترغب عن ملة عبد المطلب؟ "، وهو أيضاً أبى أن يقولها لأنه يعرف مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكلمة، قال تعالى: {إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون} [الصافات: 36].
فالحاصل أن الذين يدعون أن معنى لا إله إلا الله، أي: لا قادر على الاختراع إلا هو، أو يقولونها وهم يعبدون غيره كالأولياء هم أجهل من أبي جهل] اهـ.
الفائدة الثامنة والثلاثون: أصحاب السوء أشد عداء من الجرب!
في باب: إنك لا تهدي من أحببت.
قال رحمه الله تعالى في المسألة الثامنة "مضرة أصحاب السوء على الإنسان " قال:
[المعنى أنه لولا هذان الرجلان، لربما وفق أبو طالب إلى قبول ما عرضه النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكن هؤلاء - والعياذ بالله - ذكراه نعرة الجاهلية.
ومضرة رفقاء السوء ليس خاصاً بالشرك، ولكن في جميع سلوك الإنسان، وقد شبه النبي - صلى الله عليه وسلم - جليس السوء بنافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، أو تجد منه رائحة كريهة، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "فأبواه يهوادنه أو ينصرانه أو يمجسانه"، وذلك لما بينهما من الصحبة والاختلاط، وكذلك روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بسند لا بأس به: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"، فالمهم أنه يجب على الإنسان أن يفكر في أصحابه: هل هم أصحاب سوء؟ فليبعد عنهم لأنهم أشد عداء من الجرب، أو هم أصحاب خير: يأمرونه بالمعروف، وينهونه عن المنكر، ويفتحون له أبواب الخير، فعليه بهم] اهـ.
الفائدة التاسعة والثلاثون والفائدة الأربعون: تعظيم الأسلاف يجب أن يكون على حسب ما تقتضيه الأدلة من الكتاب والسنة؛ ولا يجوز للإنسان أن يرى لمعظمي الكفار أيَّ قدر.
في باب: إنك لا تهدي من أحببت.
قال – رحمه الله تعالى – في المسألة التاسعة: "مضرة تعظيم الأسلاف والأكابر" قال:
[لأن أبا طالب اختار أن يكون على ملة عبد المطلب حين ذكروه بأسلافه مع مخالفته لشريعة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا ليس على إطلاقه، فتعظيمهم إن كانوا أهلاً لذلك فلا يضر، بل هو خير، فأسلافنا من صدر هذه الأمة لا شك أن تعظيمهم وإنزالهم منازلهم خير لا ضرر فيه.
وإن كان تعظيم الأكابر لما هم عليه من العلم والسن، فليس فيه مضرة، وإن كان تعظيمهم لما هم عليه من الباطل، فهو ضرر عظيم على دين المرء، فمثلاً: من يعظم أبا جهل لأنه سيد أهل الوادي، وكذلك عبد المطلب وغيره فهو ضرر عليه، ولا يجوز أن يرى الإنسان في نفسه لهؤلاء أي قدر، لأنهم أعداء الله - عز وجل ـ، وكذلك لا يعظم الرؤساء من الكفار في زمانه، فإن فيه مضرة لأنه قد يورث ما يضاد الإسلام، فيجب أن يكون التعظيم حسب ما تقتضيه الأدلة من الكتاب والسنة] اهـ.
الفائدة الحادية والأربعون: ذكرُ الشيخ لمتعصبة المذاهب والفرق، وثناؤه على كتاب " رفع الملام ".
في باب: إنك لا تهدي من أحببت.
قال – رحمه الله تعالى -:
[فالمبطلون يقولون في شبهتهم: إن أسلافهم على الحق وسيقتدون بهم، ويقولون: كيف نسفه أحلامهم، ونضلل ما هم عليه؟
وهذا يوجد في المتعصبين لمشايخهم وكبرائهم ومذاهبهم، حيث لا يقبلون قرآناً ولا سنة في معارضة الشيخ أو الإمام، حتى إن بعضهم يجعلهم معصومين، كالرافضة، والتيجانية، والقاديانية، وغيرهم، فهم يرون أن إمامهم لا يخطئ، والكتاب والسنة يمكن أن يخطئا!!.
فالواجب على المرء أن يكون تابعاً لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأما من خالفه من الكبراء والأئمة، فإنهم لا يحتج بهم على الكتاب والسنة، لكن يعتذر لهم عن مخالفة الكتاب والسنة إن كانوا أهلاً للاعتذار، بحيث لم يعرف عنهم معارضة للنصوص، فيعتذر لهم بما ذكره أهل العلم، ومن أحسن ما ألف كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية: "رفع الملام عن الأئمة الأعلام"، أما من يعرف بمعارضة الكتاب والسنة، فلا يعتذر له] اهـ.
يتبع ....
¥