تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويكون ظالماً: إذا اعتقد أن الحكم بما أنزل الله أحسن الأحكام، وأنه أنفع للعباد والبلاد، وأنه الواجب تطبيقه، ولكن حمله البغض والحقد للمحكوم عليه حتى حكم بغير ما أنزل الله، فهو ظالم.

ويكون فاسقاً: إذا كان حكمه بغير ما أنزل الله لهوي في نفسه مع اعتقاده أن حكم الله هو الحق، لكن حكم بغيره لهوي في نفسه، أي محبة لما حكم به لا كراهية لحكم الله ولا ليضر أحداً به، مثل: أن يحكم لشخص لرشوة رُشِيَ إياها، أو لكونه قريباً أو صديقاً، أو يطلب من ورائه حاجة، وما أشبه ذلك مع اعتقاده بأن حكم الله هو الأمثل والواجب اتباعه، فهذا فاسق، وإن كان أيضاً ظالماً، لكن وصف الفسق في حقه أولي من وصف الظلم.

أما بالنسبة لمن وضع قوانين تشريعية مع علمه بحكم الله وبمخالفة هذه القوانين لحكم الله، فهذا قد بدل الشريعة بهذه القوانين، فهو كافر لأنه لم يرغب بهذا القانون عن شريعة الله إلا وهو يعتقد أنه خير للعباد والبلاد من شريعة الله، وعندما نقول بأنه كافر، فنعني بذلك أن هذا الفعل يوصل إلى الكفر.

ولكن قد يكون الواضع له معذوراً، مثل أن يغرر به كأن يقال: إن هذا لا يخالف الإسلام، أو هذا من المصالح المرسلة، أو هذا مما رده الإسلام إلى الناس.

فيوجد بعض العلماء وإن كانوا مخطئين يقولون: إن مسألة المعاملات لا تعلق لها بالشرع، بل ترجع إلى ما يصلح الاقتصاد في كل زمان بحسبه، فإذا اقتضي الحال أن نضع بنوكاً للربا أو ضرائب على الناس، فهذا لا شيء فيه!

وهذا لا شك في خطئه، فإن كانوا مجتهدين غفر الله لهم، وإلا، فهم على خطر عظيم، واللائق بهؤلاء أن يلقبوا بأنهم من علماء الدولة لا علماء الملة.

ومما لا شك فيه أن الشرع جاء بتنظيم العبادات التي بين الإنسان وربه والمعاملات التي بين الإنسان مع الخلق في العقود والأنكحة والمواريث وغيرها، فالشرع كامل من جميع الوجوه، قال تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم)} [المائدة: 3].

وكيف يقال: إن المعاملات لا تعلق لها بالشرع وأطول آية في القرآن نزلت في المعاملات، ولولا نظام الشرع في المعاملات لفسد الناس؟!] اهـ.

يتبع ...

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[30 - 07 - 08, 05:55 م]ـ

الفائدة الرابعة والعشرون بعد المائة: صد تستعمل لازمة، وتستعمل متعدية.

في باب: قول تعالى: (ألم تر الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً) [النساء: 60] الآيات.

قال – رحمه الله تعالى – في قوله تعالى (( ... رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا)):

[وكلمة " صد " تستعمل لازمة، أي: يوصف بها الشخص ولا يتعداه إلى غيره، ومصدرها صدود، كما في هذه الآية، ومتعدية، أي: صد غيره، ومصدرها صد، كما في قوله تعالى: (وصدوكم عن المسجد الحرام) [الفتح: 25]] اهـ.

الفائدة والخامسة والعشرون بعد المائة: قاعدة في التفسير.

في باب: قول تعالى: (ألم تر الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك .... ).

قال – رحمه الله تعالى – في قوله تعالى ((وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا)):

[قوله: (وقل لهم في أنفسهم بليغاً). اختلف المفسرون فيها على ثلاثة أقوال:

الأول: أن الجار والمجرور في أنفسهم متعلق ببليغ، أي قل لهم قولا بليغاً في أنفسهم، أي: يبلغ في أنفسهم مبلغاً مؤثراً.

الثاني: أن المعني: انصحهم سراً في أنفسهم.

الثالث: أن المعني: قل لهم في أنفسهم (أي: في شأنهم وحالهم) قولاً بليغاً في قلوبهم يؤثر عليها، والصحيح أن الآية تشمل المعاني الثلاثة، لأن اللفظ صالح لها جميعاً، ولا منافاة بينها، وهذه قاعدة في التفسير ينبغي التنبه لها، وهي أن المعاني المحتملة للآية والتي قال بها أهل العلم إذا كانت الآية تحتملها وليس بينها تعارض: فإنه يؤخذ بجميع المعاني] اهـ.

الفائدة السادسة والعشرون بعد المائة: صفات القول البليغ.

في باب: قول تعالى: (ألم تر الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك .... ).

قال – رحمه الله تعالى -:

[وبلاغة القول تكون في أمور:

الأول: هيئة المتكلم بأن يكون إلقاؤه على وجه مؤثر.

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب، احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش، يقول: صبَّحكم ومَسَّاكم.

الثاني: أن تكون ألفاظه جزلة مترابطة محدودة الموضوع.

الثالث: أن يبلغ من الفصاحة غايتها بحسب الإمكان، بأن يكون كلامه: سليم التركيب، موافقاً للغة العربية، مطابقاً لمقتضى الحال] اهـ.

الفائدة السابعة والعشرون بعد المائة: الهوى قسمان: هوى الضلال، وهوى الإيمان.

في باب: قول تعالى: (ألم تر الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك .... ).

قال –رحمه الله تعالى- في حديث ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)):

قوله: " حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ". الهوي بالقصر هو: الميل، وبالمد هو: الريح، والمراد الأول.

و" حتى ": للغاية، والذي جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - هو القرآن والسنة.

وإذا كان هواه تبعاً لما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، لزم من ذلك أن يوافقه تصديقاً بالأخبار، وامتثالاً للأوامر، واجتناباً للنواهي.

واعلم أن أكثر ما يطلق الهوى على هوى الضلال لا على هوى الإيمان، قال تعالى: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه) [الجاثية: 23]، وقال تعالى: (واتبعوا أهواءهم) [محمد: 14]، وغيرها من الآيات الدالة على ذم من اتبع هواه، ولكن إذا كان الهوى تبعاً لما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان محموداً، وهو من كمال الإيمان.

وقد سبق بيان أن مَن اعتقد أن حكم غير الله مساو لحكم الله، أو أحسن، أو أنه يجوز التحاكم إلى غير الله، فهو كافر.

وأما مَن لم يكن هواه تبعاً لما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن كان كارهاً له، فهو كافر، وإن لم يكن كارهاً ولكن آثر محبة الدنيا على ذلك، فليس بكافر، لكن يكون ناقص الإيمان] اهـ.

يتبع ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير