في باب: قول الله تعالى: {فلما آتاهما صالحاً جعلاً له شركاء فيما آتاهما} [الأعراف: 190].
قال – رحمه الله تعالى -:
[فإن قيل: هذا الولد الذي آتاهما الله عز وجل كان واحداً، فكيف جعلا في هذا الولد الواحد شركاً بل شركاء؟
فالجواب أن نقول هذا على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن يعتقدا أن الذي أتي بهذه الولد هو الولي الفلاني والصالح ونحو ذلك، فهذا شرك أكبر لأنهما أضافا الخلق إلى غير الله.
ومن هذا أيضا ما يوجد عند بعض الأمم الإسلامية الآن، فتجد المرأة التي لا يأتيها الولد تأتي إلى قبر الولي الفلاني، كما يزعمون أنه ولي الله والله أعلم بولايته، فتقول: يا سيدي فلان! ارزقني ولداً.
الوجه الثاني: أن يضيف سلامة المولود ووقايته إلى الأطباء وإرشاداتهم وإلى القوابل وما أشبه ذلك، فيقولون –مثلاً-: سَلِم هذا الولد من الطلق، لأن القابلة امرأة متقنة جيدة، فهنا أضاف النعمة إلى غير الله، وهذا نوع من الشرك ولا يصل إلى حد الشرك الأكبر، لأنه أضاف النعمة إلى السبب ونسي المسبِّب وهو الله عز وجل.
الوجه الثالث: أن لا يشرك من ناحية الربوبية، بل يؤمن أن هذا الولد خرج سالماً بفضل الله ورحمته، ولكن يشرك من ناحية العبودية، فيقدم محبته على محبة الله ورسوله ويلهيه عن طاعة الله ورسوله، قال تعالى: {إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم} [التغابن: 15]، فكيف تجعل هذا الولد نداً لله في المحبة وربما قدمت محبته على محبة الله، والله هو المتفضل عليك به؟!
وفي قوله: {فلما آتاهما} نقد لاذع أن يجعلا في هذا الولد شريكاً مع الله، مع أن الله هو المتفضل به، ثم قال: {فتعالى الله عما يشركون}، أي: ترفع وتقدس عما يشركون به من هذه الأصنام وغيرها] اهـ.
الفائدة الثامنة والخمسون بعد المائة: أقسام الإلحاد في صفات الله عزوجل.
في باب: قول الله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه} الآية [الأعراف: 180].
قال –رحمه الله تعالى-:
[والإلحاد في أسماء الله: الميل بها عما يجب فيها، وهو أنواع:
الأول: أن ينكر شيئاً من الأسماء أو مما دلت عليه من الصفات أو الأحكام، ووجه كونه إلحاداً أنه مال بها عما يجب لها، إذ الواجب إثباتها وإثبات ما تتضمنه من الصفات والأحكام.
الثاني: أن يثبت لله أسماء لم يسم الله بها نفسه، كقوله الفلاسفة في الله: إنه علة فاعلة في هذا الكون تفعل، وهذا الكون معلول لها، وليس هناك إله.
وبعضهم يسميه العقل الفعال، فالذي يدير هذا الكون هو العقل الفعال، وكذلك النصاري يسمون الله أباً وهذا إلحاد.
الثالث: أن يجعلها دالة على التشبيه، فيقول: الله سميع بصير قدير، والإنسان سميع بصير قدير، اتفقت هذه الأسماء، فيلزم أن تتفق المسميات، ويكون الله سبحانه وتعالى مماثلاً للخلق، فيُتَدرج بتوافق الأسماء إلى التوافق بالصفات.
ووجه الإلحاد: أن أسماءه دالة على معان لائقة بالله لا يمكن أن تكون مشابهة لما تدل عليه من المعاني في المخلوق.
الرابع: أن يشتق من هذه الأسماء أسماء للأصنام، كتسمية اللات من الإله أو من الله، والعزى من العزيز، ومناة من المنان حتى يلقوا عليها شيئاً من الألوهية ليبرروا ما هم عليه] اهـ.
الفائدة التاسعة والخمسون بعد المائة: قول بعض الناس وخاصة النساء: (واعِزّالِي) هل هو شرك؟
في باب: قول الله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه} الآية [الأعراف: 180].
قال – رحمه الله تعالى -:
[فيه كلمة مشهورة يقولها النساء عندنا إذا أصيبت بشيء وهي: (واعِزّالِي)، هل هي تندب العُزّى التي هي الصنم،أو تقول: (واعزالي) من التعزية، يعني تطلب العزاء وهو الصبر والتقوية؟ هذا هو المقصود، ولهذا لو تسأل التي تقول هذا، قالت: معناه أنني أُصبت، وأسأل الله أن يثبتي على هذه المصيبة ويقويني عليها؛ يمكن ما تعرف أن هناك شيئا يُسمى العزى.
وهذه بعض الناس قال: يجب إنكارها، لأن ظاهر اللفظ أنها تندب العُزى، وهذا شرك لو كان هذا هو المقصود، لكننا نعلم علم اليقين أنها ما تريد هذا] اهـ.
الفائدة الستون بعد المائة: آيات الله تعالى: تعريفها وأقسامها وأقسام الإلحاد فيها.
¥