وهذا نهي تحريم، والسلام لا يحتاج إلى سلام، هو نفسه عز وجل سلام سالم من كل نقص ومن كل عيب.] اهـ
الفائدة الثالثة والستون بعد المائة: معنى قولنا: السلام عليكم.
في باب: لا يقال: السلام على الله.
قال – رحمه الله تعالى -:
[قول الإنسان: "السلام عليكم" خبر بمعني الدعاء، وله معنيان:
1 - اسم السلام عليك، أي: عليك بركاته باسمه.
2 - السلامة من الله عليك، فهو سلام بمعني تسليم، ككلام بمعني تكليم] اهـ
الفائدة الرابعة والستون بعد المائة: جواز السلام على الملائكة.
في باب: لا يقال: السلام على الله.
قال – رحمه الله تعالى -:
[وفيه* دليل على جواز السلام على الملائكة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنه، ولأنه عليه الصلاة والسلام لما أخبر عائشة أن جبريل يسلم عليها قالت: " عليه السلام "] اهـ
*أي: في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام).
الفائدة الخامسة والستون بعد المائة: علة النهي عن تعليق الدعاء بالمشيئة.
في باب: قول: اللهم اغفر لي إن شئت. في حديث أبي هريرة مرفوعا (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة، فإن الله لا مكره له).
ولمسلم: " وليعظّم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه).
قال – رحمه الله تعالى -:
[قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يقل أحدكم). لا ناهية بدليل جزم الفعل بعدها.
قوله: (اللهم اغفر لي ... ، اللهم ارحمني ... ). ففي الجملة الأولى: (اغفر لي) النجاة من المكروه، وفي الثانية: (ارحمني).الوصول إلى المطلوب، فيكون هذا الدعاء شاملاً لكل ما فيه حصول المطلوب وزوال المكروه.
قوله: (ليعزم المسألة). اللام لام الأمر، ومعني عزم المسألة: أن لا يكون في تردد بل يعزم بدون تردد ولا تعليق. و (المسألة): السؤال، أي: ليعزم في سؤاله فلا يكون متردداً بقوله: إن شئت.
قوله: (فإن الله لا مكره له). تعليل للنهي عن قول: (اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت)، أي: لا أحد يكرهه على ما يريد فيمنعه منه، أو ما لا يريد فيلزمه بفعله، لأن الأمر كله لله وحده.
والمحظور في هذا التعليق من وجوه ثلاثة:
الأول: أنه يُشعر بأن الله له مكره على الشيء وأن وراءه من يستطيع أن يمنعه، فكأن الداعي بهذه الكيفية يقول: أنا لا أكرهك، إن شئت فاغفر وإن شئت فلا تغفر!.
الثاني: أن قول القائل: " إن شئت " كأنه يرى أن هذا أمر عظيم على الله فقد لا يشاؤه لكونه عظيماً عنده، ونظير ذلك أن تقول لشخص من الناس- والمثال للصورة بالصورة لا للحقيقة بالحقيقة-، أعطني مليون ريال إن شئت، فإنك إذا قلت له ذلك، ربما يكون الشيء عظيماً يتثاقله، فقولك: إن شئت، لأجل أن تهون عليه المسألة، فالله عز وجل لا يحتاج أن تقول له: إن شئت، لأنه سبحانه وتعالى لا يتعاظمه شيء أعطاه، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه).
قوله: " وليعظم الرغبة "، أي: ليسأل ما شاء من قليل وكثير ولا يقل: هذا كثير لا أسأل الله إياه، ولهذا قال: (فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه)، أي: لا يكون الشيء عظيماً عنده حتى يمنعه ويبخل به - سبحانه وتعالى- كل شيء يعطيه، فإنه ليس عظيماً عنده، فالله عز وجل يبعث الخلق بكلمة واحدة، وهذا أمر عظيم، لكنه يسير عليه، قال تعالى: {قل بلي وربي لتبعثن ثم لتنبئن بما عملتم وذلك على الله يسير} [التغابن: 7] وليس بعظيم، فكل ما يعطيه الله عز وجل لأحد من خلقه فليس بعظيم يتعاظمه، أي: لا يكون الشيء عظيماً عنده حتى لا يعطيه، بل كل شيء عنده هين.
¥