ـ[علي الفضلي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 10:43 م]ـ
الفائدة الحادية والسبعون بعد المائة: حكم إجابة الدعوة وشروطها.
في باب: لا يُرَدُّ من سأل بالله.
قال – رحمه الله تعالى -:
[قوله: (ومن دعاكم فأجيبوه). " من " شرطية للعموم، والظاهر أن المراد بالدعوة هنا الدعوة للإكرام، وليس المقصود بالدعوة هنا النداء.
وظاهر الحديث وجوب إجابة الدعوة في كل دعوة، وهو مذهب الظاهرية.
وجمهور أهل العلم: أنها مستحبة إلا دعوة العرس، فإنها واجبة لقوله - صلى الله عليه وسلم - فيها: (شر الطعام الوليمة، يدعي إليها من يأباها ويمنعها من يأتيها، ومن لم يجب فقد عصي الله ورسوله).
وسواء قيل بالوجوب أو الاستحباب،
فإنه يشترط لذلك شروط:
1.أن يكون الداعي ممن لا يجب هجره أو يسن.
2.ألا يكون هناك منكر في مكان الدعوة، فإن كان هناك منكر، فإن أمكنه إزالته وجب عليه الحضور لسببين:
إجابة الدعوة.
وتغيير المنكر.
وإن كان لا يمكنه إزالته حرم عليه الحضور، لأن حضوره يستلزم إثمه، وما استلزم الإثم، فهو إثم.
3. أن يكون الداعي مسلماً، وإلا لم تجب الإجابة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (حق المسلم على المسلم خمس .. )، وذكر منها: (إذا دعاك فأجبه)، قالوا: وهذا مقيد للعموم الوارد.
4. أن لا يكون كسبه حراماً، لأن إجابته تستلزم أن تأكل طعاماً حراماً، وهذا لا يجوز، وبه قال بعض أهل العلم.
وقال آخرون: ما كان محرماً لكسبه، فإنما إثمه على الكاسب لا على من أخذه بطريق مباح من الكاسب، بخلاف ما كان محرماً لعينه، كالخمر والمغصوب ونحوهما، وهذا القول وجيه قوي بدليل أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اشتري من يهودي طعاماً لأهله، وأكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر، وأجاب دعوة اليهودي، ومن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا ويأكلون السحت، وربما يقوّي هذا القول قوله - صلى الله عليه وسلم - في اللحم الذي تصدق به على بريرة: (هو لها صدقة ولنا منها هدية).
وعلى القول الأول، فإن الكراهة تقوي وتضعف حسب كثرة المال الحرام وقلته، فكلما كان الحرام أكثر كانت الكراهة أشد، وكلما قل كانت الكراهة أقل.
5. أن لا تتضمن الإجابة إسقاط واجب أو ما هو أوجب منها، فإن تضمنت ذلك حرمت الإجابة.
6. أن لا تتضمن ضرراً على المجيب، مثل أن تحتاج إجابة الدعوة إلى سفر أو مفارقة أهله المحتاجين إلى وجوده بينهم] اهـ.
الفائدة الثانية والسبعون بعد المائة: هل بطاقات الدعوة كالدعوة بالمشافهة؟
في باب: لا يُرَدُّ من سأل بالله.
قال – رحمه الله تعالى -:
[هل بطاقات الدعوة التي توزع كالدعوة بالمشافهة؟
الجواب: البطاقات ترسل إلى الناس و يمكن لا يدري لمن ذهب إليه! فهل نقول: إنه يجب على كل من وصله الكرت أن يجيب؟ أو نفصل: بين من يكون بينه وبين صاحب الكرت علاقة من قرابة أو صداقة، فيكون هذا دليل على أنه أراده بعينه، وبين عامة الناس؟ الظاهر الأخير، أن نفصل، لأنه أحيانا ما يتسنى أن يأتي إليك، وأحيانا يصعب عليه الاتصال عليك بالهاتف وما أشبه ذلك.
الحاصل أنه إذا كان بينك وبينه علاقة، تعرف أنّ الرجل قصدك بعينك فأجب، أما إذا كان فقط كروت توزع، الظاهر أنه لا يجب] اهـ.
الفائدة الثالثة والسبعون بعد المائة: فائدة مكافأة من كافأك.
في باب: لا يُرَدُّ من سأل بالله.
قال – رحمه الله تعالى -:
[قوله: (من صنع إليكم معروفاً، فكافئوه). المعروف: الإحسان فمن أحسن إليك بهدية أو غيرها، فكافئه، فإذا أحسن إليك بإنجاز معاملة وكان عمله زائداً عن الواجب عليه، فكافئه، وهكذا، ولكن إذا كان كبير الشأن ولم تجر العادة بمكافأته، فلا يمكن أن تكافئه، كالملك والرئيس .. مثلاً إذا أعطاك هدية، فمثل هذا يدعى له، لأنك لو كافأته لرأي أن في ذلك غضاً من حقه فتكون مسيئاً له، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن تكافئه لإحسانه.
وللمكافأة فائدتان:
1 - تشجيع ذوي المعروف على فعل المعروف.
¥