و هذا النوع يراد به اللحم والأكل، كأن يحتاج رجل إلى اللحم فيذبح شاة ليأكل منها مثلاً، فهذا مباح، وتجري فيه الأحكام الخمسة، بحسب قصد الذابح، فإن قصد به إكرام اضيف فهو قربة مستحبة، وإن قصد به النفقة على العيال فهو واجب، وإن قصد الرياء والسمعة فهو حرام، وهذا القسم يشترط فيه أن يكون الذبح على صفة شرعية، ولعله من المناسب هنا أن نبين الصفة الشرعية للذبح، فنقول إن الصفة الشرعية للذبح يكتنفها جملة شروط، منها ما يرجع إلى الذابح (الفاعل للذبح)، ومنها ما يرجع إلى آلة الذبح، ومنها ما يرجع إلى صفة الذبح. فأما ما يرجع إلى الذابح فشرطان:ــ
· ـ الأول: التمييز والعقل، قال ابن قدامة في (المغني): " بلا خلاف نعلمه ".
· ـ الثاني: أن يكون مسلماً أو كتابياً ـ يهودياً أو نصرانياً ـ فأما حل ذبيحة أهل الكتاب فلقوله تعالى: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حلٌ لكم}، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (طعامهم: ذبائحهم) وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (لم يختلف السلف أن المراد بذلك الذبائح) ا. هـ.
· وأما ما يرجع إلى آلة الذبح فشرطان:ــ
· ـ الأول: كونها حادة، تنهر الدم بحدها لا بثقلها.
· ـ والثاني: كونها غير سن ولا ظفر.
· ودليل هذين الشرطين ما رواه الشيخان من حديث ابن خَدِيج أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال (ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سناً أو ظفراً، وسأحدثكم عن ذلك، أما السن فعظم، وأما الظفر فمدي الحبشة).
· وأما ما يتعلق بصفة الذبح فشرطان:ــ
· ـ الأول: ذكر اسم الله على الذبيحة، لقوله تعالى: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه}، ولحديث ابن خديج السابق.
· ـ الثاني: قطع الودجين – وهما الوريدان الغليظان اللذان على جانبي صفحتي العنق، وهما مجرى الدم، وقطع الودجين شرط إجزاء وصحة لحل الذبيحة.
ومن الكمال الواجب في الذكاة قطع المريء (وهو مجرى الطعام والشراب)، والحلقوم (وهو مجرى التنفس) لأن قطعها فيه إنهار للدم، وإزهاق للنفس، وإراحة للذبيحة، وهذا هو المقصود من حقيقة من الذبح.
· النوع الثاني: الذبح لغير الله تقربا، أي: يرجو نفعا، أو دفع ضر، كالذبح للجن تقربا إليهم أو تخلصا من شرهم، أو لكي يساعدونه فهذا النوع من الشرك الأكبر المخرج الملة عياذا بالله تعالى.، ومثله من يذبح عند عتبة بيته الجديد دفعا لأذى الجن وضررهم، فهذا من الشرك الأكبر.وكذا من يذبح عند بئر.
ومن الشرك الأكبر الذبح للسلطان عند طلعته ثم تترك هذه الذبائح، أما أن تذبح وتطبخ ويضيف بها فهذا جائز.
ومن الشرك الأكبر الذبح للأولياء والمشاهد والأضرحة وأصحاب القبور.
· النذر.
النذر عبادة عظيمة من العبادات التي لا يجوز صرفها لغير الله عزوجل، وصرفها لغير الله عزوجل شرك أكبر – عياذا بالله تعالى -، والدليل على أن النذر عبادة من الكتاب والسنة، من الكتاب: قوله تعالى: {يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً}،
وجه الدلالة من الآية أن الله أثنى عليهم لإيفائهم النذر وهذا يدل على أن الله يحب ذلك، وكل محبوب لله من الأعمال فهو عبادة. ويؤيد ذلك قوله: {وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً}.
ومن القرآن أيضا قوله تعالى: {وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه}.
تعليق الشيء بعلم الله دليل على أنه محل جزاء، إذ لا نعلم فائدة لهذا الإخبار بالعلم إلا لترتب الجزاء عليه، وترتب الجزاء عليه يدل على أنه من العبادة التي يجازى الإنسان عليها.
ومن أدلة القرآن: قوله تعالى: {وليوفوا نذورهم}، {وليوفوا نذورهم} أمر، والأمر بوفائه يدل على أنه عبادة، لأن العبادة ما أمر به شرعاً.
ومن السنة ما جاء في الصحيح – البخاري - عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من نذر أن يطيع الله، فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله، فلا يعصه".
النذر في اللغة: الإلزام والعهد.
واصطلاحاً: إلزام المكلف نفسه شيئاً لله عزوجل.
.*أقسام النذر:
¥