· الأول: النذر لغير الله، وهذا شرك أكبر مخرج عن الملة، لأن النذر عبادة، وصرف العبادة لغير الله شرك أكبر مثاله:كأن يقول: للولي الفلاني علَيّ نذر أن أذبح ذبيحة مثلا أو أن أمشي إليه أو أبيت عند قبره كذا وكذا من الليالي، كأن يقول: علي نذر لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب أن أذبح له خروفا مثلا، وهكذا.
· الثاني: النذر لله عزوجل، وهذا عبادة، وهو أنواع:
الأول: ما يجب الوفاء به، وهو نذر الطاعة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من نذر أن يطيع الله، فليطعه".
وهو قسمان:
الأول: نذر طاعة لله عز وجل خالص محض غير معلق بشيء. غير معلق بشرط، يلزم نفسه بطاعة ابتداء دون مشارطة.
والثاني: نذر طاعة معلق بشرط، بحصول مرغوب، أو دفع مرهوب وهذا يسمى نذر المجازاة أو نذر المعاوضة، أو نذر التعليق مثاله: إن نجحت فلله علي أن أصوم كذا وكذا.
وهذا النوع بنوعيه يجب الوفاء به، ولكن اختلف العلماء في ابتدائه، فجمهور أهل العلم أن ابتداء النذر بنوعيه مكروه، بل ذهب شيخ الإسلام إلى أن ابتداءه حرام، واستدلوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: [إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل].
والقول الثاني وهو الصحيح أن المكروه أو الحرام هو فقط النذر المعلق بشرط؛ وهو اختيار الصنعاني والشنقيطي بدليل ما جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: [لا تنذروا فإن النذر لا يأتي من القدر بشيء]، وفي رواية لمسلم [إن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئا لم يكن الله قدره له، ولكن النذر يوافق القدر فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج]. فهذه الرواية ظاهرة في أن المراد بالنذر المنهي عنه هو النذر الذي يريد العبد به أن ينفع نفسه بجلب نفع أو دفع ضر.
أما النذر الذي لا مشارطة فيه بل هو على وجه التقرب الخالص المحض فهذا مستحب ابتداؤه.
الثاني: ما يحرم الوفاء به، وهو نذر المعصية، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه"، وقوله: "فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله".
الثالث: ما يجري مجرى اليمين، وهو نذر المباح، فيخير بين فعله وكفارة اليمين، مثل لو نذر أن يلبس هذا الثوب، فإن شاء لبسه وإن شاء لم يلبسه، وكفر كفارة يمين.
الرابع: نذر اللجاج والغضب، وسمي بهذا الاسم، لأن اللجاج والغضب يحملان عليه غالباً، وليس بلازم أن يكون هناك لجاج وغضب، وهو الذي يقصد به معنى اليمين، الحث، أو المنع، أو التصديق، أو التكذيب.
مثل لو قال: حصل اليوم كذا وكذا، فقال الآخر: لم يحصل، فقال: إن كان حاصلاً، فعلي لله نذر أن أصوم سنة، فالغرض من هذا النذر التكذيب، فإذا تبين أنه حاصل، فالناذر مخير بين أن يصوم سنة، وبين أن يكفر كفارة يمين، لأنه إن صام فقد وفى بنذره، وإن لم يصم حنث، والحانث في اليمين يكفر كفارة يمين.
الخامس: نذر المكروه، فيكره الوفاء به، وعليه كفارة يمين.
السادس: النذر المطلق، وهو الذي ذكر فيه صيغة النذر، مثل أن يقول: لله علي نذر، فهذا كفارته كفارة يمين كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين".رواه الترمذي وصححه وابن ماجة، وضعفه الألباني في " الإرواء".
· المحبة والخوف والرجاء:
وهذه أركان العبادة، وبعضهم يقول: أركان العبادة القلبية، واجتماعها في قلب العبد لشيء ما فهذا دليل على أنه يعبد هذا الشيء، ولذلك لو تأملت حال القبوريين والوثنيين عند أوثانهم، تجدهم عند هذا الولي أو المقبور أو الصنم في منتهى الذل والخوف له، وفي منتهى المحبة له، وفي منتهى الرجاء له في توقع حصول المراد، وهذه هي أركان العبادة التي لا تجوز إلا لله وحده لا شريك له. وقد اجتمعت في قوله تعالى: ?أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا? الحب في قوله ?يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ? أي: لحبهم له -سبحانه وتعالى- ويرجون رحمته هذا الركن الثاني، ويخافون عذابه الركن الثالث، وهذه الأركان الثلاثة هي أركان التعبد القلبية، بمعنى أي عبادة تتقرب بها إلى الله -سبحانه وتعالى- لابد أن تكون قائمة على هذه الأركان الثلاثة
¥