تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

النوع الرابع: محبة طبيعية، التي لا يؤثرها المرء على محبة الله، فهذه لا تنافي محبة الله، كمحبة الزوجة، والولد، والمال، والطعام، والشراب، والملبس، والمركب، والمسكن.

ولهذا لما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - - كما في الصحيحين -: من أحب الناس إليك؟ قال: "عائشة". قيل: فمن الرجال؟ قال: "أبوها".

وأشرف هذه الأنواع القسم الأول.

و قسم المباح، إذا اقترن به ما يقتضى التعبد صار عبادة، فالإنسان يحب والده محبة إجلال وتعظيم، وإذا اقترن بها أن يتعبد لله بهذا الحب من أجل أن يقوم ببر والده صارت عبادة وكذلك يحب ولده محبة شفقة، وإذا اقترن بها ما يقتضي أن يقوم بأمر الله بإصلاح هذا الولد صارت عبادة.

وكذلك المحبة الطبيعية، كالأكل والشرب والملبس والمسكن إذا قصد بها الاستعانة على عبادة صارت عبادة، ولهذا " حبب للنبي - صلى الله عليه وسلم - النساء والطيب "، فحبب إليه النساء، لأن ذلك مقتضى الطبيعة ولما يترتب عليه من المصالح العظيمة، وحبب إليه الطيب، لأنه ينشط النفس ويريحها ويشرح الصدر، ولأن الطيبات للطيبين، والله طيب لا يقبل إلا طيباً.

... فهذه الأشياء إذا اتخذها الإنسان بقصد العبادة صارت عبادة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى "

ثانيا: الخوف:

الخوف عبادة عظيمة من العبادات، والدليل على أنه عبادة: قوله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه، فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، (آل عمران: الآية175).

قرأ ابن مسعود هذه الآية (يخوفكم أولياءه) لذا يقول ابن القيم رحمه الله (جميع المفسرين على أن معنى (يخوف أولياءه) أي: يخوفكم بأوليائه). لذلك جاء عن قتادة رحمه الله أنه قال: (إنما يحصل ذلك بتعظيم أولياء الشيطان في قلوبهم حتى يخافونهم).

فالله سبحانه وتعالى نهى عن خوف أولياء الشيطان وأمر بخوفه وحده.

وقوله {إن كنتم مؤمنين} هذا التعليق من جنس تعليق الشرط على جزائه، فإن كنتم حقاً مؤمنين فلا تخافوا إلا الله ولا تخشوا إلا الله سبحانه وتعالى.

ومن الأدلة قوله?إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ?.وهذا نفي واستثناء، و مجيء أداة الاستثناء بعد النفي يدل على الحصر والقصر، فإذن الآية دالة بظهور على أن الخشية يجب أن تكون في الله، وأن الله أثنى على أولئك بأنهم جعلوا خشيتهم في الله وحده دون ما سواه، والخشية أخصّ من الخوف.

قال الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى – في كتابيه: (مدارج السالكين) و (طريق الهجرتين) عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: (الخوف من الله هو عمل القلب).

والخوف ينقسم إلى أربعة أقسام:

القسم الأول: خوف العبادة: والتذلل والتعظيم والخضوع، وهو ما يسمى بخوف السر.

وهذا لا يصلح إلا لله – سبحانه -، فمن أشرك فيه مع الله غيره؛ فهو مشرك شركاً أكبر، وذلك مثل: مَن يخاف من الأصنام أو الأموات، أو من يزعمونهم أولياء ويعتقدون نفعهم وضرهم؛ كما يفعله بعض عباد القبور: يخاف من صاحب القبر أكثر مما يخاف الله. وهذا هو القسم الثاني:

القسم الثاني: الخوف الشركي: وهو خوف السر؛ والخوف الذي يجب إفراد الله جل وعلا به، ومن لم يفرد الله جل وعلا به فهو مشرك كافر هو نوع من أنواع الخوف وليس كل أنواع الخوف وهو خوف السر؛ وهو أن يخاف غير الله جل وعلا بما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا، وهو المسمى عند العلماء خوف السر؛ وهو أن يخاف أن يصيبه هذا المخوف منه، أن يصيبه ذلك الشيء بشيء في نفسه-يعني في نفس ذلك الخائف- كما يصيبه الله جل وعلا بأنواع المصائب من غير أسباب ظاهرة ولا شيء يمكن الاحتراز منه، فإن الله جل وعلا له الملكوت كله، وله الملك وهو على كل شيء قدير، بيده تصريف الأمر، يرسل ما يشاء من الخير، و يمسك ما يشاء من الخير، يرسل المصائب، وكل ذلك دون أسباب يعلمها العبد، وقد يكون لبعضها أسباب، لكن هو في الجملة من دون أسباب يمكن للعبد أن يعلمها, يموت هذا، ينقضي عمر ذاك، هذا يموت صغيرا، ذاك يموت كبيرا, هذا يأتيه مرض، وذاك يصيبه بلاء في ماله ونحو ذلك، الذي يفعل هذه الأشياء هو الله جل وعلا،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير