ـ[عيد فهمي]ــــــــ[18 - 02 - 08, 03:00 م]ـ
المؤاخذات على الرازي وعلى تصانيفه
أخذ كثير من أهل العلم على الرازي أنه أكثر من إيراد الشبه الشديدة والأدلة للخصوم، وقصَّر في حلها، ولم يجب عنها بطائل. حتى قال بعض المغاربة: يورد الشبه نقدًا، ويحلّها نسيئة.
وقال النجم الطُّوفِي في الإكسير في علم التفسير: ما رأيت في التفاسير أجمع لغالب علم التفسير من القرطبي، ومن تفسير الإمام فخر الدين إلا أنه كثير العيوب. وصنف سراج الدين السّرميَاحِي المغربي كتاب "المآخذ" في مجلدين بيّن فيهما ما في تفسير الفخر من الزيف والبُّهْرُج. وكان ينقم عليه كثيرًا ويقول: يورد شبه المخالفين في المذهب والدين على غاية ما يكون من التحقيق، ثم يورد مذهب أهل السنة والحق على غاية من الوهاء.
قال الطوفي: ولعمرى إن هذا دأبه في كتبه الكلامية والحكمية، حتى اتهمه بعض الناس، ولكنه خلاف ظاهر حاله؛ لأنه لو كان اختار قولا أو مذهبًا ما كان عنده من يخاف منه حتى يستر عنه، ولعل سببه أنه كان يستفرغ أقوالا في تقرير دليل الخصم، فإذا انتهى إلى تقرير دليل نفسه لا يبقى عنده شيء من القوى، ولا شك أن القوى النفسانية تابعة للقوى البدنية، وقد صرح في مقدمة نهاية العقول أنه مقرر مذهب خصمه تقريرًا لو أراد خصمه تقريره لم يقدر على الزيادة على ذلك.
قال تقي الدين ابن دقيق العيد: فخر الدين، وإن كان قد أكثر من إيراد شبه الفلاسفة وملأ بها كتبه، فإنه قد زلزل قواعدهم.
قال الصفدي: الأمر كما قال؛ لأنه إذا ذكر للفلاسفة أو غيرهم من خصومه شبهة ثم أخذ في نقضها؛ فإما أن يهدمها ويمحوها ويمحقها، وإما أن يزلزل أركانها، من ذلك أنه أتى إلى شبهة الفلاسفة في أن وجود الله -تعالى- عين ذاته، ولهم في ذلك شبه وحجج قوية مبنية على أصولهم التي قرأها فقال: هذا كله ما نعرفه، ولكن نحن نعلم قطعًا أن الله –تعالى- موجود، ونشك في ذاته؛ ما هي؟ فلو كان وجوده عين ذاته لما كنا نعلم وجوده من وجه ونجهله من وجه؛ إذ الشيء لا يكون في نفسه معلوما مجهولا.
وذكر ابن خليل السكوني في كتابه «الرد على الكشاف» أن الفخر الرازي قال في كتبه في الأصول: إن مذهب الجبر هو المذهب الصحيح. وقال بصحة الأعراض، ونفى صفات الله الحقيقية، وزعم أنها مجرد نسب وإضافات كقول الفلاسفة، وسلك طريق أرسطو في دليل التمانع، ونقل عن تلميذه التاج الأَرْمَوِي أنه بصر كلامه فهجره أهل مصر وهمُّوا به فاستتر، ونقلوا عنه أنه قال: عندي كذا وكذا مائة شبهة على القول بحدوث العالم، ومنها ما قاله شيخه ابن الخطيب في آخر الأربعين: والمتكلم يستدل على القدم بوجوب تأخر الفعل ولزوم أوليته، والفيلسوف يستدل على قدمه باستحالة تعطل الفاعل عن أفعاله. وقال في «شرح الأسماء الحسنى»: إن من أخّر عقاب الجانى مع علمه بأنه سيعاقبه فهو الحقود. وقد تُعقب بأن الحقود من أخَّر مع العجز أما مع القدرة فهو الحلم. والحقود إنما يعقل في حق المخلوق دون الخالق بالإجماع.
وذكر ابن الطباخ أن الفخر كان شيعيًّا يقدم محبة أهل البيت لمحبة الشيعة حتى قال في بعض تصانيفه: وكان عليّ شجاعا بخلاف غيره. وعاب عليه ابن الطباخ تصنيفه لتفسيره مفاتيح الغيب، والمختصرة في المنطق، والآيات البينات، وتقريره لتلامذته في وصفه بأنه الإمام المجتبى، أستاذ الدنيا، أفضل العالم، فخر بني آدم، حجة الله على الخلق، صدر صدور العرب والعجم.
ـ[أحمد أبو العباس]ــــــــ[18 - 02 - 08, 08:05 م]ـ
ألا يلاحظ فهمي أن ما ينقله من انتقادات على الرازي إنما هي انتقادات من الأشاعرة أنفسهم؟؟
فهم وإن انتقدوه في بعض المسائل إلا أنهم يوافقونه في مجمل الاعتقاد.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[19 - 02 - 08, 08:03 ص]ـ
السّرميَاحِي
الحمد لله وحده ...
بارك الله فيك.
وهذا تصحيف لم يمض على تصحيحه سوى نصف صفحة، وصوابه: الشارمساحي
فائدة:
شارمساح بالقرب من دمياط، وفي مشايخ السيوطي شارمساحي آخر متأخر قطعًا عن صاحبنا، قال السيوطي: (وأخذت الفرائض عن العلامة فرضي زمانه الشيخ شهاب الدين الشارمساحي الذي كان يقال: إنه بلغ السن العالية وجاوز المائة بكثير ... ).
وهذه النسبة من زيادات السيوطي في اللب.
وللموضوع صلة إن شاء الله.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[19 - 02 - 08, 10:38 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
وفي تاج العروس (6/ 506):
«[ش ر م س ح]
(شِرِمْساح) بكسر الشين والراء، وسكون الميم، ويقال فيه: شارمساح بزيادة الألف: (: ة بمصر)، وقد دخلتُها» اهـ.
وعلّق المحشّي عليه فقال: «ضبطت في معجم البلدان بالقلم بكسر الشين، وسكون الراء، وفتح الميم والسين» اهـ.
أقول: وفي دخول الزَّبيدي هذه القرية ما يرجّح ضبطَه.
وينظر معجم البلدان (3/ 308) ط. صادر.
ولعل سبب تكرار هذا التصحيف، أن النسبة وقعت مصحفة في ترجمة الرازي من اللسان (6/ 6) رقم6600 (!)
وكثير من آخر مشاركات أخينا عيد الأخيرة منقول من اللسان نصًّا.
ولكن ينبغي التنبه لأن في كلام الحافظ المنقول (أو من نقل هو عنهم) عدة أمور لا تسلّم، لعلي أعلق على بعضها.
¥