تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كتحريم الأكل من شجرة واحدة، في الوقت الذي يباح فيه الأكل من عشرات الأشجار اهـ.

وإذ قد تقرر أن هذه الفعلة ذات أضرار صحية بعد دراسة متخصصة حديثة، وتبين بها عدم صحة دعوى عدم الضرر فيها، فيجب أن يعلم أن الشرع الحنيف قد حرم كل ما هو خطر على الصحة، وتطابقت أقوال العلماء على ذلك حتى كأنه لا خلاف في الجملة على ذلك، وإنما قد يوجد الخلاف في تحقق ضرر شيء معين أو عدم تحققه، وأما شيء حصل الاتفاق على ضرره أو أقرَّ بضرره العالم فلا يتصور القول بجوازه وحله في عامة مذاهب العلماء، وقد حكى الحافظ ابن حزم في مراتب الإجماع تحريم أكل السموم القاتلة.

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية التلازم بين الضرر والتحريم، فقال (مجموع الفتاوى 21/ 540): وأما مسالك الاعتبار بالأشباه والنظائر واجتهاد الرأي في الأصول الجوامع فمن وجوه كثيرة ننبه على بعضها فذكر الوجه الأول ثم قال:

وثانيها: أنها منفعة خالية عن مضرة فكانت مباحة كسائر ما نص على تحليله، وهذا الوصف قد دل على تعلق الحكم به النص وهو قوله ? وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ ?، فكل ما نفع فهو طيب، وكل ما ضر فهو خبيث، والمناسبة الواضحة لكل ذي لب أن النفع يناسب التحليل، والضرر يناسب التحريم والدوران، فإن التحريم يدور مع المضار وجودا في الميتة والدم ولحم الخنزير وذوات الأنياب والمخالب والخمر وغيرها مما يضر بأنفس الناس، وعدما في الأنعام والألبان وغيرها اهـ.

وقال ابن حزم في المحلى (6/ 95 - 96 مسألة رقم 1014): ولا يحل أكل السمّ القاتل ببطء أو تعجيل، ولا ما يؤذي من الأطعمة ولا الإكثار منه لقول الله تعالى ? وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ?، روينا من طريق سفيان بن عيينة عن زياد بن علاقة قال: سمعت أسامة بن شريك قال: شهدت رسول الله ? " تداووا عباد الله، فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل به دواء إلا الهرم " (5). ثم قال في بيان وجه الاستدلال: وأمره بالتداوي نهي عن تركه، وأكل المضر ترك للتداوي فهو منهي عنه اهـ.

وأقوال أهل العلم في أمثال ذلك معروفة مشهورة فلا نطيل بها المقام، بل فيما ذكرنا كفاية لوضوح المسألة.

هذا آخر ما حضرنا من وجوه التحريم وبه ينتهي الفصل الأول.


هوامش:
(1) كذا قال النووي رحمه الله تعالى، والذي في الحاوي حكاية ذلك عن بعض كتب الشافعي بصيغة التمريص، قال الماوردي في الحاوي (1/ 212): وهل يلزمه غسل ما حصل على الذكر من بلل الفرج؟ على وجهين من اختلافهم هل هو طاهر أو نجس:
أحدهما: وهو قول أبي العباس بن سريج أنه نجس يجب غسله كالبول.
والوجه الثاني: وقد حكى نصا عن الشافعي في بعض كتبه لأنه طاهر لا يجب غسله كالمني اهـ.
قال أبو عبد الباري: سياق الكلام يفيد أن الماوردي لم يقف على كلام الشافعي ولا نقل إليه من يوثق بنقله فحكاه بصيغة التمريض فينظر في ثبوت ذلك عن الشافعي قبل نسبة القول إليه.
ويؤيد نسبة القول بالنجاسة إلى الشافعي ما قاله العلامة العمراني اليمني الشافعي في كتابة البيان في مذهب الإمام الشافعي (1/ 426): واختلف أصحابنا في رطوبة فرج المرأة، فمنهم من قال: إنها طاهرة، ومنهم من قال: إنها نجسة وهو المنصوص، لأنها متولدة في محل النجاسة اهـ والله أعلم.
(2) انظر: صحيح ابن خزيمة (رقم 280) وسنن البيهقي (2/ 411) ومعاني الآثار للطحاوي (1/ 51).
(3) فائدة في أم حبين و ما قيل فيها
أم حبين تعيش في الصحاري الحارة الرملية والصخرية في مناطق الشرق الأوسط لغاية حدود الصين. وتتميز أم حبين برأسها الشبيه برأس الضفدع وأصابعها الطويلة التي تساعدها في المشي على الرمال وذيلها الملتف عند فزعها، وهي تقف دائماً مرفوعة الرأس، بحيث يرى بطنها مرفوعاً ومنتفخاً قليلاً، تبحث عن فرائسها وإذا رأت الطيور الجارحة تحوم في السماء تخفض جسمها ليلاصق الأرض فلا ترى ولا يرى ظلها في الأرض حيث يساعدها لون جسمها في الاختفاء عن أنظار الطيور. ودائماً ترفع ذيلها عمودياً (تشول بذيلها) عندما تجري سريعاً ثم تقف فجأة منتصبة تلتفت يميناً وشمالاً باحثة عن فرائسها.
ومعروف عنها أنها تستطيع أن تدفن نفسها في الرمال في أقل من خمس ثوان.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير