ولا يشره في الفاقة، ولا ينقاد للهوى، ولا يجمع في الغضب، ولا يمرح في الولاية،
ولا يتمنى مالا يجد، ولا يكتنز إذا وجد، ولا يدخل في دعوى، ولا يشارك في مراء،
ولا يُدلي بحجة حتى يرى قاضياً، ولا يشكو الوجع إلا عند من يرجو عنده البرء،
ولا يمدح أحداً إلا بما فيه، لأن من مدح رجلاً بما ليس فيه فقد بالغ في هجائه،
ومن قبل المدح بما لم يفعله فقد استهدف للسخرية.
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[09 - 05 - 05, 12:58 ص]ـ
- بالعقل تحيا النفوس -
العاقل لا يقاتل من غير عُدة، ولا يخاصم بغير حجة،
ولا يصارع بغير قوة، لأن بالعقل تحيا النفوس.
- من شِيَم الحمقى -
من علامات الحمق التي يجب للعاقل تفقدها ممن خفي عليه أمره:
سرعة الجواب، وترك التثبت، والإفراط في الضحك، وكثرة الالتفات، والوقيعة في الأخيار، والاختلاط بالأشرار،
والأحمق إذا أعرضت عنه اغتم، وإن أقبلت عليه اغترّ، وإن حَلُمت عنه جهل عليك،
وإن جهلت عليه حلم عنك، وإن أسأت إليه أحسن إليك،
وإن أحسنت إليه أساء إليك، وإذا ظلمته انتصفت منه، ويظلمك إذا أنصفته.
ومن شيم الأحمق العجلة، والخفة، والعجز، والفجور، والجهل، والمقت، والوهن، والمهابة، والتعرض، والتحاسد،
والظلم، والخيانة، والغفلة، والسهو، والغي، والفحش، والفخر،
والخيلاء، والعدوان، والبغضاء،
وإن من أعظم أمارات الحمق في الأحمق لسانه، فإنه يكون قلبه في طرف لسانه،
وما خطر على قلبه نطق به لسانه، والأحمق يتكلم في ساعة بكلام يعجز عنه سحبان وائل،
ويتكلم في الساعة الأخرى بكلام لا يعجز عنه باقل،
والعاقل يجب عليه مجانبة من هذا نعته، ومخالطة من هذه صفته، فإنهم يجترئون على من عاشرهم،
ألا ترى الزُّط ليسوا بأشجع الناس، ولكنهم يجترئون على الأسد لكثرة ما يرونها.
والأحمق يتوهم أنه أعقل من رُكِّب فيه الروح، وأن الحمق قُسم على العالم غيره،
والأحمق مُبغض في الناس، مجهول في الدنيا، غير مرضي العمل،
ولا محمود الأمر عند الله وعند الصالحين،
كما أن العاقل محبّبٌ من الناس، مسوّدٌ في الدنيا،
مرضي العمل عند الله في الآخرة، وعند الصالحين في الدنيا.
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[09 - 05 - 05, 01:48 م]ـ
- مشاورة العاقل غنيمة -
إن من شيم العاقل عند النائبة تَنُوبه:
أن يشاور عاقلاً ناصحاً ذا رأي ثم يطيعه،
وليعترف للحق عند المشورة، ولا يتمادى في الباطل بل يقبل الحق ممن جاء به،
ولا يحقر الرأي الجليل إذا أتاه به الرجل الحقير،
لأن اللؤلؤة الخطيرة لا يشينها قلة خطر غائصها الذي استخرجها،
ثم ليستخر الله، وليمض فيما أشار عليه
- تفاوت المنازل والرتب -
الرجال ثلاثة:
حازم وأحزم منه وعاجز،
فالحازم من إذا نزل به الأمرلم يدهش له ولم يذهب قلبه شعاعاً؛ ولم تعْيَ به حيلته ومكيدته التي يرجو بها المخرج منه،
وأحزم من هذا المقدامُ ذو العدة الذي يعرف الابتلاء قبل وقوعه فيعظمه إعظاماً ويحتال له حيلته حتى كأنه قد لزمه فيحسم الداء قبل أن يبتلى به ويدفع الأمر قبل وقوعه،
وأما العاجز فهو في تردد وتمن وتوان حتى يهلك.
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[10 - 05 - 05, 12:59 م]ـ
- ضبط النفس عند النازلات دليل العقل -
أحمد الناس عقلاً من إذا نزلت به النازلات كان لنفسه أشد ضبطاً و أكثرهم استماعاً من أهل النصح؛
حتى ينجو من تلك النازلة بالحيلة والعقل والبحث والمشاورة،
فعظيم الذنب لا يقنط من الرحمة، ولا تدخلن عليك شيئاً من الهم والحزن فإنهما لا يردان شيئاً مقضياً،
إلا أنهما ينحلان الجسم ويشفيان العدو، والصبر عند نزول المصيبة عبادة.
- مَن عُدم العقل لا نظر له -
إثنان لا ينظران: الأعمى؛ والذي لا عقل له،
وكما أن الأعمى لا ينظر إلى السماء ونجومها ولا ينظر البعد من القرب،
كذلك الذي لا عقل له لا يعرف الحسن من القبيح، ولا المحسن من المسيء.
- الاستشارة تثري العقل -
اعرف أهل الدين والمروءة في كل كورة وقرية وقبيلة، فيكونوا هم إخوانك وأعوانك وبطانتك وثقاتك،
ولا يقذفن في روعك أنك إن استشرت الرجال ظهر للناس منك الحاجة إلى رأي غيرك،
فإنك لست تريد الرأي للإفتخار به ولكن تريده للإنتفاع به،
ولو أنك مع ذلك أردت الذكر كان أحسن الذكرين وأفضلهما عند أهل الفضل أن يقال:
لا يتفرد برأيه دون استشارة ذوي الرأي.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[10 - 05 - 05, 01:56 م]ـ
- فائدة - ((قال أبو حاتم: لستُ أحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم خبراً صحيحاً في العقل، لأنّ أبانَ بن أبي عياش، وسلمه بن وَرْدَانَ، وعُمْير بن عمران، وعليَّ ابن زيد، والحسن بن دينار، وعبَّاد بن كثير، وميسرة عبد ربه، وداود ابن المحبر، ومنصور بن صفر وذويهم، ليسوا ممن أحتج بأخبارهم، فأخرّجَ ما عندهم من الأحاديث في العقل)) روضة العقلاء: ابن حبان البستي ت354.
((أحاديث العقل كلها كذب، كقوله: " لما خلق الله العقل، قال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، فقال: ما خلقتُ خلقاً أكرم عليَّ مِنْك، بك آخذ وبك أعطي.
وحديث: " لكل شيء معدن ومعدن التقوى قلوب العاقلين ".
وحديث: " إنّ الرجل ليكون من أهل الصلاة والجهاد، وما يجزى إلا على قدر عقله ". قال الخطيب: حدثنا الصوري، قال: سمعت الحافظ عبد الغني بن سعيد يقول: قال الدارقطني: إنّ كتاب العقل وضعة أربعة: أولهم ميسرة بن عبد ربه، ثم سرقه منه داود بن المحبر، فَرَكَّبَهُ بأسانيد غير أسانيد ميسرة، وسرقه عبد العزيز بن أبي رجاء، فركبه بأسانيد أُخَر، ثم سرقه سليمان بن عيسى السجزي، فأتى بأسانيد أُخَر.
وقال أبو الفتح الأزدي: لا يصح في العقل حديث، قاله: أبو جعفر العقيلي، وأبو حاتم بن حبان والله أعلم)) المنار المنيف: ابن قيم الجوزية ت751.
¥