تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[نقد جميل لكتاب الخلافات السياسية بين الصحابة]

ـ[أحمد بن موسى]ــــــــ[31 - 05 - 05, 11:01 م]ـ

هذا نقد مركز وموضوعي لكتاب الخلافات السياسية بين الصحابة الذي دارت حوله المناظرة في هذا المنتدى الطيب، وقد أعجبني في النقد ذكره للإيجابيات والسلبيات ومناقشته لأدلة يعترف بها الخصم وتفريفه بين الرأي المدعم بالحقيقة وهو للدكتور سعيد بن ناصر الغامدي أخذته من موقعه آفاق فكرية أرجو أن يكون فيه إضاف فكرية لكم.

الخلافات السياسية بين الصحابة رضي الله عنهم

اسم الكتاب: " الخلافات السياسية بين الصحابة رضي الله عنهم "

(قراءة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ)

المؤلف: محمد بن المختار الشنقيطي.

تقديم: أ. راشد الغنوشي.

الناشر: الراية للتنمية الفكرية.

الطبعة: الأولى 1424 - 2004

" الخلافات السياسية بين الصحابة " قراءة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ، كتاب مثل هذا الكتاب لا يليق لمكانته الإستعجال في الطرح والسطحية في العرض، وهو رغم حجمه البسيط (240 صفحة من الحجم الصغير) إلا أن مجمل الأفكار التي يشتمل عليها جديدةٌ على أوساط الفكر الإسلامي الحديث، وقد أتقن مؤلفه الأستاذ / محمد بن المختار الشنقيطي في عرض قضية طالما كانت محل جدلٍ كبيرٍ ونزاع و هي الخلافات السياسية بين الصحابة أو كما تُسمى " الفتنة " وتوابعها التي لا تزال تؤثر في واقعنا اليومي.

يرفع الكاتب إهداء بحثه إلى [الذين يؤثرون المبدأ على الأشخاص، والوحي على التاريخ]، وهو شعار في حد ذاته مبدع، ويبدو أن هذه المقولات الرائعة هي أبرز ما يميز هذا الكتاب، إذ أسعفت الكاتب خلفيته الأدبية في صوغ عبارات تطرب سامعها بلاغةً ومعنى.

وقد ذلل لإهدائه السابق يقول [ .. مع الإعتراف بفضل السابقين ومكانتهم في حدود ما تسمح به المبادئ التي استمدوا منها ذلك الفضل وتلك المكانة]، ويلاحظ أن الكاتب برفعه أمثال هذه الشعارات الموضوعية والتي يصعب ردها يستهوي بذلك طائفةً من القراء التحليليين وذوي التفضيل العقلاني، وعلى العموم فالكتاب إجمالاً جهدٌ كبير -خصوصاً في الناحية التوثيقية منه- بذله الكاتب في حالة استثنائية مشبعة بالكراهة لمنهج أهل الحديث أو كما يطلق عليهم " النصوصيون "، وفي طياته رد اعتبار عصري لمناهج الأوليين وطرائق استنباطاتهم.

من المآخذ على هذا الكتاب وأمثاله الروح الغريبة التي أصبحت تُلمس بشكلٍ كبير في واقع الدراسات التاريخية الإسلامية، وهي روح التشكيك في المسلمات التاريخية للأمة، واتهام إجماعها وحصيلتها التراكمية، فمن المستبعد بجلاء أن يطبق مؤرخو الإسلام في قرون على السياق العام لبعض القضايا، ثم يأتي الباحث المتأخر-أياً كان- بمعلومات واستنتاجات تنقض كثيراً من ذلك الإجماع، في إعلانٍ صريح أن خبايا الأيام وأسباب الحوادث كُشفت أسرارها للباحث الجليل بعد أربعة عشر قرناً من وقوعها، على أن الكتاب ليس كله كذلك فهو في مجمله دراسة تاريخية استنباطية لعبر وفوائد من الصراع الذي دار بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع إبداء وجهات نظر في الحوادث، وهو مدعمٌ بشواهد حديثية وأقوالٍ لشيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه [منهاج السنة النبوية]، ومن الإنصاف القول أن الكتاب على صغر حجمه (240 صفحة) إلا أنه جمع نوادر في عالم التآليف المماثلة، محاججة حديثية على نمط كتب الجرح والتعديل ومقايسة واقعية تنطبق مع رؤى كثير من التوفيقيين، واستخراج رؤى مدفونة لأعلام كابن تيمية، خلطةٌ عجيبة تنبأ عن باحث موسوعي أصيل ومتابع جيد لمخرجات الفكر الحديث.

وقد قعد المؤلف لكتابة قواعد تستحق أن نتوقف عندها قليلاً فمنها:

v " صياغة الرأي طبقاً للوقائع، لا صياغة الواقع في قوالب الآراء ".

v " الفصل في الخلط الواقع بين المبادئ والأشخاص أي بين الوحي والتاريخ في المرجعية ".

v تبني فكرة "الإمكان التاريخي"، وهي أن الإحتمالات أمام البشر مفتوحة وأن الأفعال السابقة احتمال من الاحتمالات الكثيرة الباقية وبالتالي فإن إمكانية التغيير كانت متاحة.

النقطتين الأوليين واضحة وجلية، أما الثالثة فأعتقد أن قلم المراجعة أو التدقيق لا بد أن يعاود المرور عليها، إذ أننا بإقرار هذه المنهجية سندخل في دوامة التصحيح المزعوم أو التصويب لأحداث قدرية حصلت وشكلت ما بعدها وأقل ما فيها الدخول في عمل الشيطان تحت باب " لو ".

وفي بارقة منهجية أخرى أرسى المؤلف ضرورة الكف عن جعل مسألة ما شجر بين الصحابة مسألة إعتقادية، عليها تبعات المسائل الإعتقادية، وذلك اعتماداً على رأي ابن تيمية.

وختم المؤلف كتابه بالتحذير من التقابل في التطرف مع الطوائف الأخرى مستشهداً بمدرسة " التشيع السني " لآل معاوية ومن بعده مروان وتزكيته المطلقة له، وقد جعلها المؤلف مقابلة للتشيع العلوي المعروف، واعتبر من رموزها ابن العربي وابن عبد البر قديماً ومحب الدين الخطيب وأمثاله حديثاً، ويعجب المرء من تسمية مدرسة كهذه ابتداءاً، فالأقوال التي جمعها المؤلف من كتب [العواصم من القواصم]، ما كانت لتشكل مدرسة بالمعنى الدارج للمدرسة وما تستلزمه من الخلفية المشتركة ووسائل الإستنباط وأساليب الحكم والتحليل المتشابهة.

وختم المؤلف كتابه بملاحظات على منهج ابن تيمية، ولعل المبالغة وافت المؤلف حين أضفى لفظ كلمة " منهج " فما ثم اختلافٌ عن منهج الجمهور إلا في عدم تعريض ابن تيمية بمعاوية بن أبي سفيان في مسالة طلب الملك، وآحاد المسائل ما كانت يوماً ما منهجاً.

الكتاب وكما يظهر لقارئه حافلٌ بالعبارات والمصطلحات التي يحتاج بعضها إلى التدقيق ومراجعة النظر مع العلم بأن قضية التدقيق في المفاهيم والمصطلحات هي قاعدة استنتجها المؤلف، ونحن الآن نعيد الكرة في ملعبه - كما يقولون – ليدقق في المصطلحات التاليه:

v الردة السياسية.

v الموروث الجاهلي.

v داء التحسين.

v المثل والمثال.

v البدع السياسية.

وبالرغم مما سبق فإن قراءة هذا الكتاب ومدارسته من الضرورة بمكان لتحريك كوامن التاريخ وعبره ليكون – كما يقول المؤلف - حياً نابضاً ومانحاً للحكمة أيضاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير