[التكبير عند ختم المصحف الشريف مفهومه وأحكامه بين القراء والفقهاء]
ـ[إبراهيم الجوريشي]ــــــــ[01 - 06 - 05, 03:07 م]ـ
التكبير عند ختم المصحف الشريف
مفهومه وأحكامه بين القراء والفقهاء
(1من2)
بقلم: الدكتور محمد بن خالد منصور
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين،، وبعد،،
فإن من الدراسات المهمة التي تفتقر إليها البحوث العلمية: تلكم الدراسات التي تزاوج بين التخصصات المختلفة، والتي تبين القواسم المشتركة بينها، وتبين إسهام كل فن من هذه الفنون في جزئية من الجزئيات العلمية والبحثية.
وإن هذا النمط من الدراسات ذو أهمية بالغة في بيان الروابط بين العلوم الإسلامية من جانب، وبيان التكامل بينها من جانب آخر، وبيان إسهام كل فن منها في التقعيد والتفريع لأي مسألة من هذه المسائل.
وفي الوقت نفسه فإن الترابط بين الفنون والعلوم الإسلامية نتيجة طبيعية؛ لوحدة المصدر ووحدة الأدلة التي تُستقى منها الأحكام الشرعية بعامة.
وإن البحث الذي بين أيدينا محاولة لدراسة موضوع من الموضوعات العلمية له صلة بالقراءات القرآنية أولاً، وبالفقه الإسلامي ثانياً.
ويتحدد مجاله في التكبير – وهو قول القارئ: الله أكبر – الذي يصاحب قراءة المسلم القرآن بالترتيب، من أول المصحف إلى آخره، سواء أكبر في بداية كل سورة على رواية ابن كثير، ومن آخر سورة: " الضحى " إلى آخر سورة الناس، وهذا المقصود بعبارة: " عند ختم المصحف الشريف "، ذلك أن القارئ لو ابتدأ قراءته من سورة: " الضحى " دون أن يقرأ ماقبلها مرتباً، إن حكم التكبير لا ينسحب عليه عند القراء، وأن التكبير مقيد عند إرادة قراءة القرآن الكريم كاملاً مرتباً. وفيما يلي تفصيل الحديث عن التكبير وحكمه:
أولاً: مفهوم التكبير لغة:
أما التكبير في اللغة: فهو مصدر كَبّر، إذا قال: " الله أكبر "، ومعناه: الله أعظم من كل عظيم، والتكبير: التعظيم (1).
هذا كقولك: " بسمل، إذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم "، وحوقل، إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم "، وهكذا.
وفي معناه في الصلاة أو الأذان قولان: الأول: أن معناه الله كبير، والثاني: الله أكبر من كل شيء، أي: أعظم (2).
ثانياً: مفهوم التكبير عند ختم المصحف الشريف عند القراء:
وأما التكبير عند القراء: فهو عبارة عن قول: " الله أكبر " في بداية كل سورة ويسمى التكبير العام، أو من نهاية سورة: " الضحى " إلى آخر المصحف الشريف، ويسمى التكبير الخاص.
والتكبير عند القراء لا يؤتى به إلا إذا قرأ القارئ القرآن مرتبًا من أوله إلى آخره، والقراء يبحثون في مفهوم التكبير، وحكمه، وكيفية أدائه ضمن هذه الحالة فقط.
والتكبير عند ختم المصحف الشريف ليس من القرآن باتفاق القراء، وإنما هو ذكر جليل، أثبته الشرع على وجه التمييز بين سور القرآن، كما أثبت الاستعاذة في أول القراءة. ولذلك لم يرسم في جميع المصاحف المكية وغيرها (3)
ثالثاً: مفهوم التكبير عند ختم المصحف عند الفقهاء:
وأما مفهومه عند الفقهاء، فإني لم أجد من الفقهاء المتقدمين مَنْ نصّ على تعريفه، وبيان أحكامه بشكل منفصل، ومعنى التكبير عند الفقهاء لا يخرج عن المعنى الذي سبق بيانه للقراء في مفهوم التكبير عند ختم المصحف الشريف، على أن الفقهاء يكيفون مفهوم التكبير هذا بناء على تكييف القراء له بما ثبت عندهم رواية.
وعليه: فيقترح الباحث تعريفاً للتكبير عند الفقهاء هو: " ذكر مسنون مخصوص على هيئة مخصوصة، يؤتى به عند ختم المصحف الشريف".
أما القول: بأنه ذكر مخصوص؛ فلأن التكبير يكون على حسب ألفاظ محددة، سيأتي بيانها، وهي ذكر، وليست قرآنًا باتفاق العلماء.
أما تقييده بكونه مسنوناً: فلاتفاق العلماء على أنه سنة، ولم يقل أحد منهم بوجوبه.
وأما معنى القول بأنه: على هيئة مخصوصة، فيراد به: أنه يؤتى به على صورة ورد تحديدها من قبل الشرع، وقام بنقلها القراء جيلاً بعد جيل لطائفة مخصوصة من القراءة سيأتي بيانها.
¥