[ما هو حد الإسراف المنهي عنه شرعا]
ـ[إبراهيم المصري]ــــــــ[03 - 06 - 05, 03:20 ص]ـ
السلام عليكم
عندي سؤال أرجوا من الأخوة المشاركة للضرورة, فالأمر ملتبس علي.
ما هو حد الإسراف المنهي عنه شرعا؟
هل يختلف هذا الحد من شخص لشخص, وما الدليل علي هذا التفريق؟
لو أن رجلا يمتلك مليار دولار مثلا, هل يجوز له أن يشتري سيارة بعشرة ملايين؟ أم أن هذا من الإسراف, مع ذكر الدليل.
الحقيقة أني طالعت عدة تفاسير فلم أجد ذكر للتفريق بين الاشخاص في حد الإسراف, كم أني وجدت كلاما للقرطبي يقول فيه أن من كان عنده مال كثير و اراد ان يشتري بيتا كبيرا مثلا فالحكم في ذلك علي قولين: الكراهة والتحريم واختار الأول. فالذي التبس علي ان الله نهي عن الاسراف والبخل وأمر بالتوسط سواء كان المنفق كثير المال او قليل, وهذا الوسط يرجع فيه الي العرف والعادة, ثم اني وجدت بعض العلماء قد علق الحكم بمناط اخر الا وهو غني الشخص او فقره.
هذا ولا يزال عندي في هذه المسالة كلام كثير لاني الي الان لم استطع ان اضبط المسالة بحدها الصحيح.
ارجوا المشاركة للاهمية بارك الله في الجميع.
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[03 - 06 - 05, 07:16 ص]ـ
والله أعلم أن الإسراف هو
مايفحش في النفس
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[04 - 06 - 05, 11:17 ص]ـ
أخي إبراهيم
أجيبك ببيت من نظم شيخنا محمد العثيمين رحمه الله حيث قال في منظومته في القواعد الفقهية والأصول:
وكل ما أتى ولم يحدد بالشرع كالحرز فبالعرف احدد
فمادام أن الإسراف لم يحدد في الشرع فالمرجع فيه إلى العرف والله تعالى أعلم
ـ[عبد الرحمن بن علي]ــــــــ[04 - 06 - 05, 01:36 م]ـ
مجموع فتاوى ومقالات_الجزء الرابع
أما موضوع هذا اللقاء وهو الكلام على (الاستهلاك)، وما يترتب على الوقوع فيه من التبذير، والإسراف، فكلمتي هنا أقول: قد أنزل الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم آيات فيها ذكر الإسراف والتبذير، والنهي عنهما، والثناء على المقتصدين والمستقيمين في تصرفاتهم في آكلهم وشربهم وسائر نفقاتهم.
فلا إسراف ولا تبذير، ولا بخل ولا تقتير، ولا غلو ولا جفاء. هكذا شرع الله بالتوسط في الأمور كلها، ومن ذلك النهي عن الغلو، فالعباد منهيون عنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين.
والله سبحانه وتعالى يقول: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ونهيه سبحانه لهم هو نهي لنا أيضا، والجفاء والتقصير منهي عنهما، بل يجب أن نؤدي الواجبات وندع المحرمات ونسارع في الخيرات من غير غلو ولا جفاء.
والغلو هو: الزيادة فيما شرع الله، مثل الذي لا يكفيه الوضوء الشرعي، بل يزيد ويسرف في الماء، فلا يكتفي بغسل يديه ورجليه ثلاثا بل يزيد على ذلك، فهذا نوع من الغلو فيما شرع الله، وهكذا في الأذان، وهكذا في الإقامة، وهكذا في الصوم إلى غير ذلك.
فالزيادة في الشرع تسمى غلوا وإفراطا وبدعة، والتقصير في الصلاة بالنقص وعدم الكمال يسمى جفاء وتفريطا. وهكذا النقص في الصوم أن لا يحفظه من المعاصي كالغيبة والنميمة وسيئ الكلام والفعال حال صومه، فهذا جفاء في الصوم ونقص.
ومن الغلو في الصيام: كونه لا يتكلم أو لا يجالس الناس فهذا غلو.
ولكن نصلي كما شرع الله، ونصوم كما شرع الله، ونبتعد عما حرم الله، وهكذا في النفقات لا إسراف ولا تبذير ولا بخل ولا تقتير، ولكن بين ذلك خير الأمور أوسطها، كما قال سبحانه وتعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا فالشرع جاء بالتوسط في الأمور كلها، وعدم الغلو، وعدم الجفاء، وعدم التشدد. قال الله سبحانه: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ أمر الله سبحانه بأخذ الزينة لما فيها من ستر العورات، ولما فيها من الجمال كما قال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا الريش: ما يتجمل به الإنسان، فالله خلق لنا شيئا نستر به العورات، ثيابا تستر العورات، وخلق لنا ثيابا جميلة وهي الرياش فوق ذلك للتجمل بين العباد، ثم قال: وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ لباس التقوى: الإيمان بالله، وتقوى الله: بطاعته واتباع ما يرضيه، والكف عن محارمه، هذا اللباس الأعظم، وهذا هو لباس التقوى.
ثم قال سبحانه وتعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا أمر بالأكل والشرب لما فيهما من حفظ الصحة والسلامة، وقوام البنية؛ لأن ترك الأكل والشرب يفضي إلى الموت، وذلك لا يجوز، بل يجب الأكل والشرب بقدر ما يحفظ الصحة، ويكون الإنسان متوسطا في ذلك حتى يحفظ الصحة، وتستقيم حاله، فلا يصرف فيؤدي ذلك إلى التخمة والأمراض، والأوجاع المتنوعة، ولا يقصر فيضر بصحته، ولكن بين ذلك، ولهذا قال: وَلَا تُسْرِفُوا
وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه
وهذا الحديث الصحيح يدل على أن الإسراف في الأكل والتوسع فيه أمر غير مرغوب فيه، بل وخطير، بحسب ابن آدم ما يقيم صحته، ويقيم صلبه من اللقيمات التي تناسبه صباحا ومساء، وفي غير ذلك من الأوقات التي يحتاج فيها إلى الطعام والشراب.
فإن كان لا بد ولا محالة من الزيادة فلا يصرف، فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس والراحة، للقراءة والتهليل والنشاط الاجتماعي، ومخاطبة الناس، إلى غير ذلك، والإسراف هو الزيادة، وهو في الأكل يؤدي إلى التخمة، وهو في الملابس يفضي إلى إضاعة المال، وعدم الاهتمام بحفظه، وفي الكلام يفضي إلى ما لا تحمد عقباه، أو إلى ما حرم الله من الكلام.
¥