تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[دراسة مختصرة لأقوال أهل العلم في حميد الطويل]

ـ[أبوعبدالله بن حمود]ــــــــ[06 - 06 - 05, 02:19 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، وبعد:

فهذه ترجمة مختصرة لحال حميد الطويل أعرض فيها لكلام أهل العلم فيه مدحاً وقدحاً، سائلاً الله عز وجل التوفيق والإعانة.

فهو حُُميد بن أبي حُميد الطويل، أبوعبيدة الخزاعي البصري، مولى طلحة الطلحات.

وثقه ابن سعد؛ ثم قال: (إلا أنه ربما دلس عن أنس بن مالك)، ويحيى بن معين، والعجلي، وأبوحاتم؛ وزاد: (لا بأس به)، وابن خراش؛ وزاد في موضع: (صدوق)؛ وفي موضع آخر: (في حديثه شئ، يقال: إن عامة حديثه عن أنس إنما سمعه من ثابت)، والنسائي، والذهبي؛ وزاد: (جليل يدلس)، وابن حجر؛ وزاد: (مدلس).

وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: (كان يدلس).

وقال ابن عدي: (له أحاديث كثيرة مستقيمة ... وقد حدث عنه الأئمة، وأما ما ذكر عنه أنه لم يسمع من أنس إلا مقدار ما ذكر وسمع الباقي من ثابت عنه فإن تلك الأحاديث يميزها من كان يتهمه أنها عن ثابت عنه لأنه قد روى عن أنس وقد روى عن ثابت عن أنس أحاديث فأكثر ما في بابه أن الذي رواه عن أنس البعض مما يدلسه عن أنس وقد سمعه من ثابت وقد دلس جماعة من الرواة عن مشايخ قد رأوهم).

وقال مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن سلمة: (عامة ما يروي حميد عن أنس سمعه من ثابت).

وقال البرديجي: (وأما حديث حميد فلا يحتج منه إلا بما قال: حدثنا أنس).

وقال الذهبي: (أجمعوا على الاحتجاج بحميد إذا قال: سمعت).

وقد ذكره ابن حجر في المرتبة الثالة من المدلسين - وهم الذين أكثروا من التدليس فلم يحتج الإئمة من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع -.

وقد اختلفت أقوال أهل العلم في عدة ماسمعه حميد من أنس t ؛ فقال عيسى بن عامر عن أبي داود عن شعبة: (كل شيء سمع حميد عن أنس خمسة أحاديث).

وقال أبوعبيدة الحداد عن شعبة: (لم يسمع حميد من أنس إلا أربعة وعشرين حديثاً والباقي سمعها من ثابت أو ثبته فيها ثابت).

وقال ابن حبان: (سمع من أنس بن مالك ثمانية عشر حديثا وسمع الباقي من ثابت فدلس عنه).

وقد طعن فيه أيضا بأمرين سوى التدليس:

أولهما: أن حديث أنس t قد اختلط عليه، قال الحميدي عن سفيان: (كان عندنا شُوَيْبٌّ بصري يقال له دُرُسْت فقال لي: إن حميداً قد اختلط عليه ما سمع من أنس ومن ثابت وقتادة عن أنس إلا شيء يسير، فكنت أقول له: أخبرني بما ثبت عن غير أنس، فأسأل حميداً عنها فيقول: سمعت أنساً).

ثانيهما: دخوله في أمر السلطان، قال عمر بن حفص الأشقر عن مكي بن إبراهيم: (مررت بحميد الطويل وعليه ثياب سود فقال لي أخي: ألا تسمع من حميد؟، فقلت: أسمع من الشرطي؟!).

وقال يوسف بن موسى عن يحيى بن يعلى المحاربي: (طرح زائدة حديث حميد الطويل).

قال ابن حجر: (إنما تركه زائدة لدخوله في شئ من أمر الخلفاء).

والذي يظهر - والله أعلم - أنه ثقة مطلقاً وأن تدليسه محتمل، وأن إلحاقه بالمرتبة الثانية - وهم الذين احتمل الأئمة تدليسهم وخرجوا لهم في الصحيح لإمامتهم وقلة تدليسهم في جنب ما روو؛ أو لكونهم لا يدلسون إلا عن ثقة - أشبه من إلحاقه بالمرتبة الثالثة؛ وذلك أنه إنما عرف بالتدليس عن أنس t ؛ وقد تقدم عن جمع من أهل العلم أن ما دلسه عن أنس t فهو مما سمعه من ثابت البُنَاني عنه؛ وثابت ثقة ()، ولذا قال العلائي: (على تقدير أن تكون () مراسيل قد تبين الواسطة فيها وهو ثقة محتج به).

وأما ما تقدم عن شعبة من أن حميداً لم يسمع من أنس t سوى خمسة أحاديث فقد قال ابن حجر: (ورواية عيسى بن عامر المتقدمة أن حميداً إنما سمع من أنس أحاديث قول باطل فقد صرح حميد بسماعه من أنس بشيء كثير وفي صحيح البخاري من ذلك جملة، وعيسى بن عامر ما عرفته).

وأما ما ثبت عن شعبة أنه لم يسمع من أنس t سوى أربعة وعشرين حديثاً فالظاهر أن شعبة إنما حكم بناء على ما ثبت عنده منها وذلك أنه شدد على حميد في السؤال عن سماعه من أنس فكان حميد يظهر له التشكك فيها فترك شعبة ما شك فيه، قال عفان عن حماد بن سلمة: (جاء شعبة إلى حميد فسأله عن حديث لأنس فحدثه به، فقال له شعبة: سمعته من أنس؟، قال: فيما أحسب، فقال شعبة بيده هكذا وأشار بأصابعه لا أريده ثم ولى، فلما ذهب قال حميد: سمعته من أنس كذا وكذا مرة ولكني أحببت أن أفسده عليه، وفي رواية أخرى: ولكنه شدد علي فأحببت أن أشدد عليه).

وقال يحيى بن أيوب عن معاذ بن معاذ: (كنا عند حميد الطويل فأتاه شعبة فقال: يا أباعبيدة حديث كذا وكذا تشك فيه؟، فقال: إنه ليعرض لي أحيانا، فانصرف شعبة، فقال حميد: ما أشك في شيء منها ولكنه غلام صَلِف أحببت أن أفسدها عليه).

ولحميد في الصحيحين اثنان وأربعون حديثاً من روايته عن أنس t أكثرها لم يصرح فيها بالسماع ().

وأما ما ذكر من أن حديث أنس t قد اختلط عليه فقد انفرد بذكر ذلك دُرُسْت قال ابن حجر: (وحكاية سفيان عن دُرُسْت ليست بشيء فإن دُرُسْت هالك).

وأما ترك مكي بن إبراهيم وزائدة حديثه فذاك لدخوله في شيء من أمور الخلفاء، وبمثل هذا لايقدح في الثقة، على أن لزائدة عن حميد في الستة خمسة أحاديث ثلاثة منها في البخاري ()، فلعله تركه أول الأمر ثم رجع.

كان مولده سنة ثمان وستين، واختلف في وفاته، فقيل: في جمادى الأولى سنة أربعين ()، وقيل: سنة اثنتين، قيل: سنة ثلاث وأربعين ومئة؛ وله خمس وسبعون سنة ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير