ـ[أبو البراء الجبرتي]ــــــــ[10 - 11 - 05, 09:10 م]ـ
بارك الله فيكم أجمعين ... للفائدة أنقل كلام الشيخ بن عثيمين رحمه الله في الحديث المدرج وكلامه في حديث أبي هريرة وغيره. فشرحه بسيط جداً ويسهل فهمه.
قال رحمه الله (في شرحه للبيقونية)
والُمدْرَجَاتُ في الحديثِ ما أتَتْ ** مِن بعضِ ألفاظِ الرُّوَاةِ اتّصلَتْ
والحديث المدرج هو: ما أدخله أحد الرواة في الحديث بدون بيان، ولهذا سُمي مدرجاً، لأنه أُدرج في الحديث دون أن يبين الحديث من هذا المدرج، فالمدرج إذاً ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلّم، ولكنه من كلام الرواة، ويأتي به الراوي أحياناً، إما تفسيراً لكلمة في الحديث، أو لغير ذلك من الأسباب.
ويكون الإدراج أحياناً:
* في أول الحديث.
* وأحياناً يكون في وسطه.
* وأحياناً يكون في آخره.
مثاله في أول الحديث: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (أسبغوا الوضوء، ويلٌ للأعقاب من النار) فالمرفوع هو قوله: «ويل للأعقاب من النار» وأما قوله (أسبغوا الوضوء) فهو من كلام أبي هريرة - رضي الله عنه - والذي يقرأ الحديث يظن أن الكل، هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلّم لأنه لم يُبين ذلك.
ومثال الإدراج في وسط الحديث: حديث الزهري عن عائشة - رضي الله عنها - في كيفية نزول الوحي - يعني أوّل ما أُوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلّم - فقالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلّم يتحنَّثُ في غار حراء الليالي ذوات العدد، والتحنُّث التعبد. . .) الحديث.
والذي يسمع هذا الحديث يظن أن التفسير من عائشة - رضي الله عنها - في قولها (والتحنث التعبد) والواقع أن التفسير من الزهري - رحمه الله - وهو الان مدرج في الحديث بدون بيان منه أنه مدرج، وهذا الإدراج يُراد به التفسير، والتفسير هنا لابد منه؛ لأن الحنث في الأصل هو الإثم، كما قال تعالى: {وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ}. [الواقعة: 46]. وإذا لم يُبين معنى التحنث لاشتبه بالإثم، ولكن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يتعبد، والتعبُّد مزيلٌ للحنث الذي هو الإثم، فهو من باب تسمية الشيء بضده.
مثال الإدراج في آخر الحديث: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «إن أمتي يُدعون يوم القيامة غُرًّا محجلين من أثر الوضوء، فمن استطاع منكم أن يُطيل غرته وتحجيله فليفعل»، فهذا الحديث إذا قرأته فإنك تظن أنه من قول الرسول صلى الله عليه وسلّم، ولكن الواقع أن الجملة الأخير ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلّم وهو قوله: (فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل) بل هي مدرجة من كلام أبي هريرة - رضي الله عنه - والذي من كلامه صلى الله عليه وسلّم: «إن أمتي يُدعون يوم القيامة غُرًّا محجلين من أثر الوضوء».
أما الجملة الأخيرة فقد أدرجها أبو هريرة - رضي الله عنه - تفقهاً منه في الحديث، ولهذا قال ابن القيم - رحمه الله - في النونية:
وأبو هريرة قال ذا من كيسه فغدا يميزه أولو العرفان
* ويعرف الإدراج بأمور:
1 - بالنص، حيث يأتي من طريق آخر ويُبين أنه مدرج.
2 باستحالة أن يكون النبي صلى الله عليه وسلّم قد قاله، وذلك لظهور خطأ فيه، أو قرينة تدل على أنه لا يمكن أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلّم.
3 - بنص من أحد الحفَّاظ الأئمة يبين فيه أن هذا مدرج.
* ما هو حكم الإدراج؟
نقول: إن كان يتغير المعنى بالإدراج فإنه لا يجوز إلا ببيانه.
وإن كان لا يتغير به المعنى مثل: حديث الزهري (والتحنُّث التعبُّد) فإنه لا بأس به، وذلك لأنه لا يعارض الحديث المرفوع، وإذا كان لا يعارضه فلا مانع من أن يُذكر على سبيل التفسير والإيضاح.
وإذا تبين الإدراج فإنه لا يكون حجة، لأنه ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلّم فلا يحتج به.
انتهى كلام الشيخ رحمه الله
أما إطالة الغرّة فليست بسنة، انظر إلى كلام ابن القيّم في نونيته رحمه الله.
وكذا وضوء أبي هريرة كان قد ... فازت به العضدان والساقان
وسواه أنكر ذا عليه قائلا ... ما الساق موضع حلية الانسان
ما ذاك الا موضع الكعبين والز ... ـدين لا الساقان والعضدان
وكذاك أهل الفقه مختلفون في ... هذا وفيه عندكم قولان
والراجح الأقوى انتهاء وضوئنا ... للمرفقين كذلك الكعبان
¥