تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الطرطوشي في " الحوادثِ والبدعِ " (73 – 74): " وأما من تعلق بفعلِ أهلِ القيروان فهذا غبي يستدعي الأدب دون المراجعةِ.

فنقولُ لهولاءِ الأغبياءِ: إن مالكَ بنَ أنسٍ رأى إجماعَ أهلِ المدينةِ حجةً، فردَّهُ عليه سائرُ فقهاءِ الأمصارِ، وهذا هو بلدُ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وعرصة الوحي، ودار النبوة، ومعدن العلم، فكيف بالقيروان ".ا. هـ.

فهاتان القاعدتان لا بد منهما لأن مستند المتعلقين بالتلقين على الحديثِ الواردِ، وعمل بلادِ الشامِ بهِ.

نصُ الحديث وتخريجهُ:

عن أبي أمامةَ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: " إذا مات الرجل فدفنتموه فليقم أحدكم عند رأسه فليقل: " يا فلان ابن فلانة! "، فإنه سيسمع، فليقل: " يا فلان ابن فلانة! "، فإنه سيستوي قاعداً "، فليقل: " يا فلان ابن فلانة! "، فإنه سيقولُ له: " أرشدني رحمك الله! "، فليقل: " اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور. فإن منكراً ونكيراً عند ذلك كل واحد يأخذ بيد صاحبه ويقول: " قم، ما تصنعُ عند رجلٍ لقن حجته؟ "، فيكونُ اللهُ حجيجهما دونه.

قال العلامةُ الألباني في " الضعيفةِ " (599): " منكرٌ: أخرجهُ القاضي الخلعي في " الفوائدِ " (55/ 2) عن أبي الدرداء هاشم بنِ محمدٍ الأنصاري: ثنا عتبةُ بنُ السكنِ، عن أبي زكريا، عن جابرِ بنِ سعيدٍ الأزدي قال: " دخلتُ على أبي أمامةَ الباهلي وهو في النزعِ، فقال لي: " يا ابا سعيدٍ إذا أنا متُ فاصنعوا بي كما أمر رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أن نصنعَ بموتانا فإنه قال: " فذكرهُ ... "

قلتُ: وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جداً، لم أعرف أحداً منهم غيرَ عتبةَ بنِ السكن، قال الدارقطني: " متروكُ الحديثِ "، وقال البيهقي: " واهٍ منسوبٌ إلى الوضعِ ".

والحديثُ أورده الهيثمي (3/ 45) عن سعيدِ بنِ عبدِ اللهِ الأزدي قال: " شهدتُ أبا أمامةَ ... الحديث. وقال: " رواهُ الطبراني في " الكبيرِ " وفي إسنادهِ جماعةٌ لم أعرفهم ".

قلتُ: فاختلف اسم الرواي عن أبي أمامةَ ففي روايةِ الخلعي أنهُ جابرُ بنُ سعيدٍ الأزدي، وفي روايةِ الطبراني أنه سعيدُ بنُ عبدِ اللهِ الأزدي، وهذا أوردهُ ابنُ أبي حاتمٍ (2/ 1/76) فقال: " سعيدٌ الأزدي " لم ينسبهُ لأبيهِ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو في عداد المجهولين، فالعجبُ من قولِ الحافظِ في " التلخيصِ " (5/ 243) بعد أن عزاهُ للطبراني: " وإسنادهُ صالحٌ، وقد قواهُ الضياءُ في " أحكامهِ "، وأخرجهُ عبدُ العزيزِفي " الشافي "، والرواي عن أبي أمامةَ سعيدٌ الأزدي بَيَّضَ له ابنُ أبي حاتمٍ "!

فأنى لهذا الإسنادِ الصلاح والقوة وفيه هذا الرجلُ المجهولُ؟ بل فيه جماعةٌ آخرون مثلهُ في الجهالةِ كما يشيرُ إلى ذلك كلامُ الهيثمي السابقِ، وهذا كلهُ إذا لم يكن في إسنادِ الطبراني عتبةُ بنُ السكنِ المتهم، وإلا فقد سقط الإسنادُ بسببهِ من أصلهِ! وقد قال النووي في " المجموعِ " بعد أن عزاهُ للطبراني: " وإسنادهُ ضعيفٌ. وقال ابنُ الصلاحِ: " ليس إسنادهُ بالقائمِ ".

وكذلك ضعفهُ الحافظُ العراقي في " تخريجِ الإحياءِ " (4/ 420)، وقال ابنُ القيمِ في " الزادِ " (1/ 206): " لا يصحُ رفعهُ ".

واعلم أنه ليس للحديثِ ما يشهدُ له، وكل ما ذكرهُ البعضُ إنما هو أثرٌ موقوفٌ على بعضِ التابعين الشاميين لا يصلحُ شاهداً للمرفوعِ بل هو يُعِلُّهُ، وينزلُ به من الرفعِ إلى الوقفِ ... وجملةُ القولِ أن الحديثَ منكرٌ عندي إن لم يكن موضوعاً ... ".ا. هـ.

فهذا هو حالُ الحديثِ من كلامِ العلامةِ الألباني رحمهُ اللهُ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير