تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[03 - 06 - 05, 01:11 ص]ـ

الأخ طلال-حفظك الله-

سؤالك:اليس هذا القياس الاولي من جنس التحسين والتقبيح الذي ذكره المعتزلة ?

يفهم منه ان 'التحسين والتقبيح العقليين"من منهج المعتزلة وحدهم .... والحقيقة ان هذا أخذ به شيخ الاسلام وابن القيم بل وكثير من الماتريدية كما هو موجود فى كتابات اصوليي الحنفية ..... ولم ينبذ هذا الاصل الا الاشاعرة بسبب انكارهم لصفة الحكمة وزعمهم ان الله تعالى يفعل وفق المشيئة وحدها .... بلا حكمة وهو يسمونها غرضا تمهيدا لنفيها. بل ان ابن تيمية يرى ان نفى تحسين العقل وتقبيحه بدعة.قال فى الفتاوى رادا على الاشاعرة:

"الخامس: الحجة أنهم نفوا التحسين والتقبيح العقلي وجعلوا أحكام الأفعال لا تتلقى إلا من الشرع فإنه بين بذلك تعظيمهم للشرع واتباعهم له وأنهم لا يعدلون عنه ليثبت بذلك تسننهم وهذا الأصل هو من الأصول المبتدعة في الإسلام لم يقل أحد من سلف الأمة وأئمتها أن العقل لا يحسن ولا يقبح أو أنه لا يعلم بالعقل حسن فعل ولا قبحه بل النزاع في ذلك حادث في حدوث المائة الثالثة ..... "

وقال فى المنهاج:

وكثير من أصحاب مالك والشافعي وأحمد يقولون بالتعليل والحكمة وبالتحسين والتقبيح العقلين كأبي بكر القفال وأبي علي بن أبي هريرة وغيرهم من أصحاب الشافعي وأبي الحسن التميمي وأبي الخطاب من أصحاب أحمد.

وقال فى المنهاج عن الحنفية:

وأما أبو حنيفة وأصحابه فيقولون بالتحسين والتقبيح وهو قول جمهور الطوائف من المسلمين وغيرهم.

وهذا نص مفصل وجامع للمسألة من "الرد على المنطقيين"قال رحمه الله:

واكثر الطوائف على اثبات الحسن والقبح العقليين لكن لا يثبتونه كما يثبته نفاة القدر من المعتزلة وغيرهم بل القائلون بالتحسين والتقبيح من اهل السنة والجماعة من السلف والخلف كمن يقول به من الطوائف الاربعة وغيرهم يثبتون القدر والصفات ونحوهما مما يخالف فيه المعتزلة اهل السنة ويقولون مع هذا باثبات الحسن والقبح العقليين وهذا قول الحنفية ونقلوه ايضا عن ابي حنيفة نفسه وهو قول كثير من المالكية والشافعية والحنبلية كأبي الحسن التميمي وابي الخطاب وغيرهما. من ائمة اصحاب احمد كأبي علي بن ابي هريرة و ابي بكر القفال الشاشي وغيرهما من الشافعية وكذلك من اصحاب مالك وكذلك اهل الحديث كأبي نضر السجزي وابي القاسم سعد بن علي الزنجاني وغيرهما

بل هؤلاء ذكروا ان نفي ذلك هو من البدع التي حدثت في الاسلام في زمن ابي الحسن الاشعري لما ناظر المعتزلة في القدر بطريق الجهم بن صفوان ونحوه من ائمة الجبر فاحتاج الى هذا النفي قالوا والا فنفي الحسن والقبح العقليين مطلقا لم يقله احد من سلف الامة ولا ائمتها بل ما يؤخذ من كلام الائمة والسلف في تعليل الاحكام وبيان حكمة الله في خلقه وامره وبيان ما فيما امر الله به من الحسن الذي يعلم بالعقل وما في مناهيه من القبح المعلوم بالعقل ينافي قول النفاة

والنفاة ليس لهم حجة في النفي اصلا وقد استقصى ابو الحسن الآمدي ما ذكروه من الحجج وبين انها عامتها فاسدة."

إذا تفرر هذا أمكن الجواب على سؤالك حسث تقول:

لكن قياس الاولية عند اهل السنة والجماعة ما اصله من كتاب او سنة ?

نقول اجمالا ....... فعلى فرض انه من الادلة العقلية وليس من الادلة النقلية .... فهو معتبر ... ولا يعتقد بأهل السنة انهم يلغون العقل كلية.بل هم يرفضون "الهوى "الذي يقدم الى الناس زورا على انه "عقل".والعقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح ...... كما أثبت ابن تيمية فى كتابه العظيم.

وقياس الاولى من صريح العقل بلا ريب ... لا يدفعه الا مكابر ...... وقد يسمى ايضا "القياس الجلي"ولا أذكر اين قرأت أو سمعت أن ابن حزم نفسه- رحمه الله- يأخذ به رغم انكاره الشديد للقياس كما هو معلوم.

ـ[عبد]ــــــــ[03 - 06 - 05, 04:00 ص]ـ

أخي طلال، فيما يتعلق بقياس الأولى ....

قال ابن تيمية في الفتاوى: (( ... ولكن يستعمل في ذلك قياس الأولى سواء كان تمثيلاً أو شمولاً كما قال تعالى: {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ} [النحل: 60] مثل أن نعلم أن كل كمال ثبت للممكن، أو المحدث لا نقص فيه بوجه من الوجوه: وهو ما كان كمالا للموجود غير مستلزم للعدم فالواجب القديم -[يقصد الله تعالى]- أولى به. وكل كمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه ثبت نوعه للمخلوق _ المربوب المعلول المدبر فإنما استفاده من خالقه وربه ومدبره ـ فهو أحق به منه. وأن كل نقص وعيب في نفسه ـ وهو ما تضمن سلب هذا الكمال إذا وجب نفيه عن شيء ما من أنواع المخلوقات والمحدثات والممكنات ـ فإنه يجب نفيه عن الرب تبارك وتعالى بطريق الأولى. وأنه أحق بالأمور الوجودية من كل موجود، أما الأمور العدمية فالممكن بها أحق ونحو ذلك)). أ. هـ.

وقال رحمه الله وجميع المسلمين: ((وإن استعملوا في ذلك [القياس]، استعملوا قياس الأولى، لم يستعملوا قياس شمول تستوى أفراده، ولا قياس تمثيل محض، فإن الرب ـ تعالى ـ لا مثيل له، ولا يجتمع هو وغيره تحت كلي تستوى أفراده، بل ما ثبت لغيره من كمال لا نقص فيه، فثبوته له بطريق الأولى. وما تنزه غيره عنه من النقائص، فتنزهه عنه بطريق الأولى؛ ولهذا كانت الأقيسة العقلية البرهانية المذكورة في القرآن من هذا الباب، كما يذكره في دلائل ربوبيته وإلهيته ووحدانيته وعلمه وقدرته وإمكان المعاد، وغير ذلك من المطالب العالية السنية، والمعالم الإلهية التي هي أشرف العلوم وأعظم ما تكمل به النفوس من المعارف، وإن كان كمالها لابد فيه من كمال علمها وقصدها جميعًا، فلابد من عبادة الله وحده، المتضمنة لمعرفته ومحبته والذل له)). أ. هـ.

قلت: وقوله: ((ولهذا كانت الأقيسة العقلية البرهانية المذكورة في القرآن من هذا الباب))، فيه جواب متعلق بسؤالك عن أصل قياس الأولى من كتاب الله عز وجل.

ولعلّك تذكر نقاشنا حول الفرق بين "الاستواء" و "الاستيلاء" وهذا متعلق بمقام الحديث هنا. إذ لما كان "الاستيلاء" ليس بصفة كمال لدلالته على نوع قهر مصحوب بصراع ومغالبة لنيل مطلوب عليه منافسة ونحوه، أقول لما كان "الاستيلاء" ليس بصفة كمال بهذا الاعتبار فإن نفيهاعن الله تعالى يكون حينئذٍ من باب أولى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير