كان بعد رحلة الطائف خرج ? إلى الطائف فردّه أهل الطائف، فلمّا ردّه أهل الطائف رجع إلى مكّة، فلمّا رجع إلى مكّة منعته قريش من أن يدخلها، فدخلها ? في جوار المُطْعِم بن عديّ، كان كافراً ومات على الكفر، وكان للمُطعِم أبناء فتقلّدوا سيوفهم، ودخل ? مكّة في جوار المُطعِم وطاف بالبيت يحرسه أبناء المُطْعِم، بعد هذه الحادثة أكرمه الله برحلة الإسراء والمعراج: قارِن ما بين رحلة الطائف وتوابعها، ورحلة الإسراء والمعراج وتوابعها ......
في رحلة الطائف: ذهب إلى الطائف مشياً على الأقدام. وفي رحلة الإسراء والمعراج: رَكِبَ ? البُراق.
في رحلة الطائف: كان معه زيد بن حارثة، أحد مواليه. وفي رحلة الإسراء والمعراج: كان معه جبريل ?.
في رحلة الطائف: صدّه أهل الطائف. وفي رحلة الإسراء والمعراج: استقبله الأنبياء في بيت المقدس.
في رحلة الطائف: وهو راجع، ردّه أهل مكّة. وفي رحلة الإسراء والمعراج: استقبلته الملائكة في السماء.
في رحلة الطائف: رجع يطوف باليت، معه حراسه. وفي رحلة الإسراء والمعراج: رأى البيت المعمور في أمن وكرامة وعزّ من الله.
فانظر الفرق بين الحالتين حتى تعلم مكانة النبي ? عند ربّه، فلمّا صبر على الأُولى من أجل الله عوّضه الله بالثانية إكراماً له-صلوات الله وسلامه عليه-.
? قيل للشافعي-رحمه الله-:أَيُّهم أفضل للرجل، يُمَكَّن أم يُبْتَلى؟
قال: سبحان الله .. لن يُمَكَّن حتى يُبْتَلى.
? في هذه الرحلة في الإسراء والمعراج قُدِّم له ? لبن وخمر، وجاء في بعض الروايات العسل، فاختار اللبن فنودِي: هُدِيت واخترت الفطرة، وهُدِيَت أمتك.
- اللبن الذي يأخذه الجنين من بطن أمه هو الغذاء الوحيد الذي لا تدخل فيه صنعة بني آدم، فليس لبنِي آدم فضل في اللبن الذي يخرج من ثدي المرأة، ولا الذي يخرج من ضَرْع الشاة أو من ذوات الحليب.
?قصة الغرانيق: وهي قصة باطلة، وقد ذكرها بعض المفسِّرين، والمفسّرون ينقلون عن ابن عباس ? نقلاً غير صحيح، وهم يزعمون الذين ينقلون القصة، وهي: أن النبي ? حينما قرأ:?أفرأيتم اللات والعزّى?ومناةَ الثالثة الأخرى?أن الشيطان أَلْبَسَ على النبي ?،فألقى في قلبه أن يقول بعد الآية: (تلك الغرانيق العُلَى*وإن شفاعتهنّ لتُرْتَجَى) (تلك أي الأصنام، والغرانيق هي الطيور) يزعمون أن النبي ? اعترف بشفاعة آلِهَتِهِم.
-وقيل في هذه القصّة المزعومة المكذوبة: إن النبي ? لم يقلْها، وإنما الشيطان قلّد النبي ? فقال: (تلك الغرانيق العُلَى*وإن شفاعتهنّ لتُرْتَجَى) فظنّ المؤمنون والكافرون أن النبي هو الذي قالها، فلمّا سجد سجدوا فرحاً.
-ويزعمون كذلك: أنه لمّا جاء المساء جاء جبريل ? إلى النبي ? فقال:"اقرأ عليَّ ما أقرأتك".فيقولون: إن النبي ? قرأها {?أفرأيتم اللات والعزّى?ومناةَ الثالثة الأخرى?تلك الغرانيق العلى*وإن شفاعتهن لتُرتجى} قال الشيخ-حفظه الله-: [والله إن المجنون لا يصدق بهذا] ثم إنه غضب جبريل فقال:"ما هكذا أقرأتك إيّاها".
فأنزل الله جلّ وعلا على قولهم قوله تعالى في سورة الحجّ آية (52):?وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلاّ إذا تمنّى ألقى الشيطان في أُمنِيّتِه فينسخ الله ما يُلقي الشيطان ثمّ يُحْكِمُ الله آياته والله عليم حكيم?وقول الله في الإسراء:?لتفتري علينا غيره وإذاً لاتخذوك خليلاً?هذه هي قصة الغرانيق.
? الكلام في هذه القصة من حيث المتن ومن حيث السند: هذه القصة وردت في أكثر كتب التفسير، لكن علماء الأمّة من أهل السنة ?-ورحمهم وجزاهم عن السنة خيراً-ردُّوا هذه القصة شكلاً وموضوعاً كما يقول المعاصرون، وردُّوها سنداً ومتناً، اللهمّ إلاّ من كان من الحافظ ابن حجر-رحمه الله تعالى-فهو يقول: إنها من المرسَل المقبول، لكنه لا يقول-رحمه الله-أن النبي ? قالها، لكن يصحّح سنداً مرسلاً، يقول: (إن الشيطان قالها في سَكَتَات ِ النبي ?) وهو أيضاً يقول: إن القصة من حيث السند المرسل بهذه الطريقة يُحتجّ بها، وقد عاتب العلماء كثيراً الحافظَ ابن حجر-رحمه الله-على قوله هذا، وأمّا علماء الأمّة قاطبة فقد ردُّوها متناً وسنداً، وهي لا يمكن أن تصحّ شرعاً؛ لأن الله يقول عن إبليس:?إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكلون?فإذا كان إبليس بنصّ القرآن ليس له سلطان على أهل الإيمان، فمَن أشرف أهل الإيمان؟ هو نبيّنا ?،فكيف يتسلّط على سيّد الأوّلين والآخرين ?،ويعجز على أن يتسلّط على غيره؟!
ثم كيف يُصَدّقُ الوحي إذا قلنا: إنه أي الشيطان قابل لأن يدخل في سكتات النبي ? فيقلّدُ أمره؟! وممّن اجتهد من العلماء، وألَّفَ فيها رسالة جامعة نافعة، هو العلاّمة الألباني-رحمه الله تعالى-في رسالة أسماها:? نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق ?.
وكذلك العلامة الشنقيطي-رحمه الله-في أضواء البيان ذكرها في سورة الحج وفنّدَها تفنيداً جيداً، وكذلك الشوكاني-رحمه الله-وأبو بكر بن العربي، والقرطبي،
وغيرهم من أئمة المسلمين-رحمهم الله-سَلَفاً وخَلَفاً.
* أعمام النبي ? (عشرة):
أدرك منهم بعثة النبي ? أربعة، أسلم منهم اثنان وكفر اثنان.
الذين كفرا هم: أبو طالب-أبو لهب، واختلفت حالهم:
فأبو لهب كان شديد العداوة مع كفره، وأبو طالب كان شديد النصرة مع كفره، وكلاهما في النار، إلاّ أن أبا طالب يُخفّف عنه؛ لشفاعة النبي ? له.
وأما المسلمان من أعمامه، هم: العبّاس-وحمزة.
وحمزة أفضل من العبّاس، وقد سمّاه النبي ? كما رواه الطبراني بسند صحيح سمّاه:"سيّد الشهداء".
¥