تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أنه قد تواتر النهي عن بيع الخمر وعن ثمنه، فقد ثبت في الصحيحين من حديث جابر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أنه سمع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول:" إن الله حرم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام"، وروى البخاري وغيره عن عائشة رضى الله عنها أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال:"حرمت التجارة في الخمر"، وروى أحمد وغيره عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال:" إن الخمر حرام شراؤها وثمنها"، وقد ثبت من طرق أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعن بائع الخمر ومبتاعها، فقد روى الترمذي-واللفظ له- وابن ماجه من حديث أنس ابن مالك 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أنه قال:" لعن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الخمر عشرة: عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له" وروي هذا من حديث ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم بألفاظ أخرى مقاربة، والأحاديث في الباب كثيرة معلومة.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:" فأما تحريم بيع الخمر، فيدخل فيه تحريم بيع كل مسكر، مائعاً كان، أو جامداً، عصيراً، أو مطبوخاً "اهـ وقاله غيره من الأئمة، وهو الذي تدل عليه الأحاديث والنصوص.

ويدخل في التحريم أيضاً ما كان خمراً صرفاً،وما كان ممزوجاً بشئ غيره كهذه العطورات التي دخل في تركيبها بعض المسكرات، فالمسكر ما لم يستحل إلى غيره من المباحات فحكمه حكم الخمر في كل شئ سواء كان قليلاً أو كثيراً، فقد ثبت من طرق في السنن وغيرها أن الرسول قال:"ما أسكر كثيره فقليله حرام "، وهذا أمر واضح لمن تجرد عن الهوى، والله المستعان.

الدليل الثالث

أن الرسول قد لعن الخمر بعينها، كما قد روى أحمد وغيره من حديث ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال:" لعن الله الخمر وعاصرها و معتصرها …الحديث" وفي بعض الروايات عن ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - فوعاً:"لعنت الخمر بعينها"، وما لعنه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فلا يسوغ لمسلم أن ينتفع به ببيع أو شراء أو استعمال أو اقتناء، وهذه العطورات التي فيها مسكر لها نصيب من هذا أيضاً.

وقد قال الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - –كما في صحيح مسلم وغيره عن عمران بن حصين - للناقة التي لعنتها صاحبتها:" خذوا ما عليها و دعوها فإنها ملعونة " وفي رواية " لا تصحبنا ناقة عليها لعنة "، وفي حديث جابر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عند مسلم أيضاً أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال لمن لعن بعيره:" انزل عنه فلا تصحبنا بملعون"، فأمر بعدم اصطحاب من لُعِن.

قال ابن حبان رحمه الله تعالى عن هذه الأحاديث: "أمْر المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بتسييب الراحلة التي لعنت أمرٌ أضمر فيه سببه، وهو حقيقة استجابة الدعاء للاعن، فمتى علم استجابة الدعاء من لاعن ما راحلة له أمرناه بتسييبها، ولا سبيل إلى علم هذا لانقطاع الوحي، فلا يجوز استعمال هذا الفعل لأحدٍ أبداً "اهـ

فإذا كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال هذا وأمر بعدم اصطحاب من لعن و هو مباح الأصل، وفيما لعنه غيره ممن لا يأتيه وحي ولا يأتي بشرع، فكيف يكون الأمر فيما لعنه هو - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأتاه في ذلك الوحي من السماء؟!.

فالخمر ملعونة على لسان من لا ينطق عن الهوى،وكيف تطيب نفس المسلم بالتعطر مما لعنه نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟!.

الدليل الرابع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير