تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المسألة الرابعة: قوله: (ولهذا فإن سلفنا الصالح لم يبوبوا للسدل ولم يطلبوا له دليلاً لأن الأصل لا يطلب له دليل، ولم يقل أحد من السلف الصالح: إنه لا دليل على السدل ولم يقل أحد منهم بكراهة السدل، ولهذا لم يأت فيه خلاف وإنما بوبوا للقبض وطلبوا له الأدلة واختلفوا فيه بين كراهته ومنعه وإباحته وندبه)

التعقيب: قلت: من هو السلف الصالح وما هو تعريفه؟ السلف الصالح لا يطلق إلا على القرون المفضلة الذين شهد لهم الرسول ? بالأفضلية والصلاح، وأما غيرهم فلا، وإنما نرجوا لهم الصلاح والرحمة والمغفرة وأما قوله: أنهم لم يبوبوا للسدل ولم يطلبوا له دليلاً: لا شك أن ذلك لعلمهم بأنه ما أنزل الله به من سلطان، ومثل هذا لا يحتاج إلى تبويب ولا إلى طلب دليل، إذ هو معدوم والمعدوم لا وجود له، ولا يرى، ولله در القائل: كما تقدم

وما للسدل من أثر ضعيف ... يكافح إن ألم به الأعادي

فما للسدل فضل بعد هذا ... عليه سوى الشذوذ والانفراد

فأهل القبض أبهى الخلق نوراً ... وأقربهم إلى مجُري الأيادي

به ألقى الإله ولا أبالي ... وإن سلقوا بألسنة حداد

وألغي ما سواه ولست أصغي ... لمانع الاقتداء بخير هادي

فذا فعل النبي فلا تدعه ... لإرضاء الصديق ولا المعادي، (1)

قال أبو مدين أيضاً: ذكر ابن السبكي في الطبقات في ترجمة الغزالي أن سدل اليدين عادة أهل البدع، وفي رحلة أبي سالم العياشي أنه عادة الروافض. (2)

المسألة الخامسة:

قوله {أن سنة القبض لم تصح عن النبي ? صراحة لا قولاً ولا فعلاً ولا تقريراً، إذ حديث صحيح في باب القبض حلقت به عنقا مغرب إذ لا يوجد صحابي قال: إن النبي ? كان يضع في الصلاة والإسناد إلى الصحابي صحيح}

التعقيب: قلت: هذه مكابرة، وقلب للحقائق، وأي صحة بعد ما في البخاري، ومسلم، ومالك في الموطأ، وأصحاب السنن، وغيرهم، من فعل النبي ? وقوله، وتقريره كما تقدم ذلك عن النبي ? والصحابة والتابعين ومن بعدهم من السلف والخلف. قال ابن عبد البر: وما روي عن بعض التابعين في هذا الباب ليس بخلاف: لأنه لم يثبت عن واحد منهم كراهية ولو ثبت ذلك، ما كانت فيه حجة: لأن الجحة في السنة لمن اتبعها، ومن خالفها فهو محجوج بها، ولا سيما سنة لم يثبت عن واحد من الصحابة خلافها، (1)

السادسة: تجاهله: لأقوال علماء المذهب المالكي في سنية قبض اليدين في الصلاة، لا غرابة فيه لأنه: قد تجاهل ما هو أعظم من ذلك كما تقدم تجاهله للأحاديث الصحيحة وأقوال الصحابة والتابعين والجمهور، والظاهر أنه لا يدري عن مذهب المالكيين الذين يدافع عنهم هل هو القبض أو السدل، وليعلم أن مذهب المالكيين وعلى رأسهم شيخهم وإمامهم مالك بن أنس إمام دار الهجرة هو القبض في الصلاة كما دونه في موطئه الذي جلس في تأليفه أربعين سنة أو أكثر فقال فيه: باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، وقد تقدم أسماء بعض علماء المالكية وأعيان المذهب الذين صرحوا بسنية القبض في الصلاة: منهم ابن عبد البر، وابن العربي، واللخمي، والقاضي عبد الوهاب، وابن الحاجب، وابن الحاج، وشراح مختصر خليل: البناني والحطاب والمواق والدسوقي، والدرديري، والشبرخيتي، وعبد الباقي، والخرشي، وغيرهم كلهم ينص على سنية القبض في الصلاة إذا فعله استناناً وكذلك ابن رشد عده من فضائل الصلاة،وتبعه القاضي عياض في قواعده، والقرافي في الذخيرة، وعلي الأجهوري، والعدوي، والأمير في مجموعه، وابن جزي وغيرهم من الذين اعتمدوا سنية القبض في القيام في الصلاة مذهباً، (1) قال العلامة محمد أبو مدين الشنقيطي: بعد أن نقل عن فقهاء المذهب المالكي سنية القبض في الصلاة، وقد تلخص من أقوال فقهاء المذهب وأساطينه أن السدل بدعة، وأن وضع اليدين نحو الصدر في الصلاة فريضة كانت أو نافلة ليس فيه إلا السنية، حتى على رواية ابن القاسم، إلا إذا قصد الاعتماد. وقليل من يقصده حتى لا يكاد يوجد، وبما قررناه لم تبق شبهة لمن يُصِرُّ على السدل إلا الاعتياد والغلو في تعظيم من صلى بالسدل غلواً لم يأذن الله فيه، (2)

ومن قصيدة محمد عبد الرحمن بن فتى السابقة، قال:

وفي ما في الموطأ وهو نص ... صريح ما يرد أخا العناد

وفي نص المدونة احتجاج ... لأهل القبض دون السدل باد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير