تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا يصح على إطلاقه بحال لمعارضته لآيات وأحاديث كثيرة من غير استناد إلى دليل، ومن المعلوم، أنه لا يصح تخصيص عمومات الكتاب والسنة إلا بدليل يرجع إليه، ومن المعلوم أيضاً أن عمومات الآيات والأحاديث، الدالة على حث جميع الناس على العمل بكتاب الله وسنة رسوله ?، أكثر من أن تحصى كقوله صلى الله وسلم (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي) (1) وقوله ? (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين) (1) الحديث. ونحو ذلك مما لا يحصى. فتخصيص تلك النصوص، بخصوص المجتهدين وتحريم الانتفاع بهدي الكتاب والسنة على غيرهم، تحريماً باتاً يحتاج إلى دليل من كتاب الله أو سنة رسوله ?، ولا يصح تخصيص تلك النصوص بآراء جماعات من المتأخرين المقرين على أنفسهم بأنهم من المقلدين ومعلوم أن المقلد الصرف، لا يجوز عده من العلماء ولا من ورثة الأنبياء، وقال صاحب مراقي السعود: في نشر البنود شرح مراقي السعود في شرحه لهذا البيت ما نصه: يحظل له: أي يمنع أن يعمل بمعنى النص من كتاب أو سنة وإن صح سندها لاحتمال عوارضه من نسخ وتقييد وتخصيص وغير ذلك من العوارض التي لا يضبطها إلا المجتهد فلا يخلصه من الله إلا تقليد مجتهد قاله القرافي، قال الشيخ محمد الأمين: وبه تعلم أنه لا مستند له ولا للقرافي الذي تبعه في منع جميع المسلمين غير المجتهدين من العمل بكتاب الله وسنة رسوله ? إلا مطلق احتمال العوارض التي تعرض لنصوص الكتاب والسنة من نسخ أو تقييد ونحو ذلك وهو مردود من وجهين،

الأول: أن الأصل السلامة من النسخ حتى يثبت ورود الناسخ والعام ظاهر في العموم حتى يثبت ورود المخصص، والمطلق ظاهر في الإطلاق حتى يثبت ورود المقيد، والنص يجب العمل به حتى يثبت النسخ بدليل شرعي، والظاهر يجب العمل به عموماً كان أو إطلاقاً أو غيرهما حتى يرد دليل صارف عنه إلى المحتمل المرجوح، ولا يخفى على عاقل أن القول بمنع العمل بكتاب الله وسنة رسوله ? اكتفاءً عنهما بالمذاهب المدونة وانتفاء الحاجة إلى تعلمهما لوجود ما يكفي عنهما من مذاهب الأئمة من أعظم الباطل وهو مخالف لكتاب الله وسنة رسوله ? وإجماع الصحابة، ومخالف لأقوال الأئمة الأربعة، فمرتكبه مخالف لله ولرسوله ? ولأصحابه رضي الله عنهم أجمعين وللأئمة الأربعة رحمهم الله جميعاً،

الوجه الثاني أن غير المجتهد إذا تعلم آيات القرآن أو بعض أحاديث النبي ? ليعمل بها تعلم ذلك النص العام أو المطلق، وتعلم معه مخصصه ومقيده إن كان مخصصاً أو مقيداً وتعلم ناسخه إن كان منسوخاً، وتعلم ذلك سهل جداً بسؤال العلماء العارفين به، ومراجعة كتب التفسير والحديث المعتد بها في ذلك، والصحابة كانوا في العصر الأول يتعلم أحدهم آية فيعمل بها، وحديثاً فيعمل به، ولا يمتنع من العمل بذلك حتى يحصل رتبة الاجتهاد المطلق، وربما عمل الإنسان بما علم فعلمه الله ما لم يكن يعلم كما يشير إليه قوله تعالى ? وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ ? (1)

وقوله تعالى ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ? (2) على القول: بأن الفرقان: هو العلم النافع الذي يفرق به بين الحق والباطل،

وقوله تعالى ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ? (3) وهذه التقوى التي دلت الآيات على أن الله يعلم صاحبها بسببها ما لم يكن يعلم لا تزيد على عمله بما علم من أمر الله، وعليه فهي عمل ببعض ما علم زاده الله علم ما لم يكن يعلم، فالقول بمنع العمل بما علم من الكتاب والسنة حتى يحصل رتبة الاجتهاد المطلق: هو عين السعي في حرمان جميع المسلمين من الانتفاع بنور القرآن حتى يحصلوا شرطاً مفقوداً في اعتقاد القائلين بذلك، فيجب على كل مسلم يخاف العرض على ربه يوم القيامة أن يتأمل فيه ليرى لنفسه المخرج من هذه الورطة العظمى والطامة الكبرى التي عمت جل بلاد المسلمين من المعمورة: وهي ادعاء الاستغناء عن كتاب الله وسنة رسوله ? استغناء تاماً في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير