تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جميع الأحكام من عبادات ومعاملات وحدود وغير ذلك بالمذاهب المدونة، وبناء هذا على مقدمتين إحداهما أن العمل بالكتاب والسنة لا يجوز إلا للمجتهدين،

والثانية أن المجتهدين معد ومون عدماً كلياً لا وجود لأحد منهم في الدنيا، وأنه بناء على هاتين المقدمتين: يمنع العمل بكتاب الله وسنة رسوله ? منعاً باتاً على جميع أهل الأرض ويستغنى عنها بالمذاهب المدونة، وزاد كثير منهم على هذا منع تقليد غير المذاهب الأربعة، وأن ذلك يلزم استمراره إلى آخر الزمان، فتأمل يا أخي رحمك الله كيف يسوغ لمسلم أن يقول بمنع الاهتداء بكتاب الله وسنة رسوله ? وعدم وجوب تعلمهما والعمل بهما استغناء عنهما بكلام رجال غير معصومين، ولا خلاف أنهم يخطئون، فإن كان قصدهم أن الكتاب والسنة لا حاجة إلى تعلمهما وأنهما يغني غيرهما عنهما، فذلك بهتان عظيم ومنكر من القول وزور، وإن كان قصدهم أن تعلمهما صعب لا يقدر عليه فهو أيضاً زعم باطل، لأن تعلم الكتاب والسنة أيسر من تعلم مسائل الآراء والاجتهاد المنتشرة مع كونها في غاية التعقيد والكثرة، والله يقول في سورة القمر عدة مرات ? وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ? (1) ويقول في سورة الدخان ? فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ? (2) ويقول في سورة مريم ? فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً? (1) فهو كتاب ميسر بتيسير الله لمن وفقه الله للعمل به، والله جل وعلا يقول ? وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ? (2)، فلا شك أن هذا القرآن العظيم: هو النور الذي أنزله الله إلى أرضه ليستضاء به فيعلم في ضوئه الحق من الباطل والحسن من القبيح والنافع من الضار والرشد من الغي، قال الله تعالى: ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً ? (3) وقال تعالى: ? قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ? (4) وقال تعالى: ? وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم ? (5) فالقرآن العظيم هو النور الذي أنزله الله ليستضاء به ويهتدى بهداه في أرضه فكيف ترضى لبصيرتك أن تعمى عن النور، فلا تكن خفاشي البصيرة، واحذر أن تكون ممن قيل فيهم،

خفافيش أعماها النهار بضوئه ... ووافقها قطع من الليل مظلم

مثل النهار يزيد أبصار الورى ... نوراً ويعمي أعين الخفاش.

قال تعالى ? يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ? (1) وقال تعالى ? أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ? (2) ولا شك أن من عميت بصيرته عن النور تخبط في الظلام، قال تعالى: ? وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ? (3) وبهذا تعلم أيها المسلم المنصف أنه يجب عليك الجد والاجتهاد في تعلم كتاب الله وسنة رسوله ? وبالوسائل النافعة المنتجة، والعمل بكل ما علمك الله منهما علماً صحيحاً، ولتعلم أن تعلم كتاب الله وسنة رسوله ? في هذا الزمان أيسر بكثير من القرون الأولى لسهولة معرفة جميع ما يتعلق بذلك من ناسخ ومنسوخ وعام وخاص ومطلق ومقيد ومجمل ومبين وأحوال الرجال من رواة الحديث والتمييز بين الصحيح والضعيف، لأن الجميع ضبط وأتقن ودون، فالجميع سهل التناول اليوم، فكل آية من كتاب الله قد علم ما جاء فيها عن النبي ? ثم عن الصحابة والتابعين وكبار المفسرين، وجميع الأحاديث الواردة عنه ? حفظت ودونت وعلمت أحوال متونها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير