ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[04 - 12 - 05, 03:37 م]ـ
قال البخاري: ((باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال)). (1)
حدثنا عبدالله بن مسلمة، حدثنا ابن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل، قال: ((كنا نفرح يوم الجمعة))، قلت لسهل: ولم؟ قال: ((كانت لنا عجوز ترسل إلي بُضاعة – نخل المدينة (2) – فتأخذ من أصول السِّلق فتطرحه في قِدر وتُكَرْكِر (3) حبّات من شعير، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا، ونسلم عليها، فتقدِّمه إلينا؛ فنفرح من أجله، وما كنا نَقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة)).
حدثنا ابن مقاتل، أخبرنا عبدالله، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –:
((يا عائشة! هذا جبريل يَقرأ عليكِ السلام))، قالت: قلت: وعليه السلام ورحمة الله. (4)
قال العيني: ((أي: في بيان جواز تسليم الرجال إلى آخره، ولكن بشرط أمن الفتنة)). (6)
وقال ابن حجر: ((أشار بهذه الترجمة إلى رد ما أخرجه عبدالرزاق (7)، عن معمر، عن يحيى ابن أبي كثير: ((بلغني أنه يُكره أن يسلم الرجال على النساء والنساء على الرجال)) وهو مقطوع أو معضل. (8)
والمراد بجوازه أن يكون عند أمن الفتنة.
وذكر في الباب حديثين يؤخذ الجواز منهما، وورد فيه حديث ليس على
شرطه، وهو حديث أسماء بنت يزيد:
((مر علي النبي – صلى الله عليه وسلم – في نسوة؛ فسلم علينا)).
حسنه الترمذي، وليس على شرط البخاري فاكتفى بما هو على شرطه، وله شاهد من حديث [جرير] عند أحمد)). (9)
وقال الحليمي: ((كان النبي – صلى الله عليه وسلم – للعصمة مؤمناً من الفتنة، فمن وثق من نفسه بالسلامة فليسلم، وإلا فليصمت)). (10)
وقال عمرو بن حريث – رضي الله عنه –: ((يسلم الرجال على النساء، ولا يسلم النساء على الرجال)). (11)
قلت: يردّ هذا حديث أم هانئ:
((ذهبت إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عام الفتح، فوجدته يغتسل، وفاطمة ابنته تستره بثوب، قالت: فسلمت عليه)) الحديث. (12)
وأيضاً فإن في حديث عائشة المتقدِّم سلام جبريل على عائشة، ولا يُعترض بأنه الملائكة لا يقال لهم رجال ولا نساء (13)؛ لأن جبريل كان يأتي النبي – صلى الله عليه وسلم – على صورة رجل، كما قال – صلى الله عليه وسلم –:
((يتمثل لي الملك رجلاً)). (14)
وقال ربيعة:
((لا يسلم الرجال على النساء، ولا النساء على الرجال)). (15)
فقال النووي: ((وهذا غلط)). (16)
قلت: وهو كما قال النووي.
وقال الكوفيون: ((لا يشرع للنساء ابتداء السلام على الرجال؛ لأنهن منعن من الأذان والإقامة والجهر بالقراءة، ويستثنى المحرم فيجوز لها السلام على محرمها)). (17)
قلت: هذا قياس مع وجود نص؛ فهو قياس فاسد، ونحوه قول ابن الجوزي: ((إذا خرجت المرأة لم تسلم على الرجل أصلاً)). (18)
نقله ابن مفلح، ثم قال: ((وعلى هذا لا يرد عليها، ويتوجه احتمال عكسه مع عدم محرم، وهو مذهب الكوفيين)). (19)
*وفرّق مالك وأحمد بين العجوز وغيرها:
فقد قال يحيى بن يحيى الليثي (20)، وأبومصعب الزهري (21)، وسويد بن سعيد (22):
((سُئل مالك: هل يُسلَّم على المرأة (23)؟ فقال: أما المتجالة (24) فلا أكره ذلك وأما الشابة فلا أحب ذلك (35))).
وقال المهلب: ((وحجة مالك حديث سهل في الباب؛ فإن الرجال الذي كانوا يزورونها وتطعمهم لم يكونوا من محارمها)). (26)
((وقال ابن منصور لأبي عبدالله:
التسليم على النساء؟
قال: إذا كانت عجوزاً فلا بأس.
وقال حرب لأحمد:
الرجل يسلم على النساء؟
قال: إن كن عجائز فلا بأس.
وقال صالح:
سألت أبي: يُسلَّم على المرأة؟
قال: أما الكبيرة فلا بأس، وأما الشابة فلا تستنطق)). (27)
فقال ابن مفلح: ((فظهر مما سبق أن كلام أحمد الفرق بين العجوز وغيرها)). (28)
وقال ابن القيم: ((الصواب في مسألة السلام على النساء: يسلم على العجوز وذوات المحارم غيرهن)). (29)
* وبهذا القول قال عطاء وقتادة:
قال قتادة: ((أما المرأة من القواعد فلا بأس أن يسلم عليها، وأما الشابة فلا)). (30)
¥