وعن ابن عيينة، عن أبي ذر قال: سألت عطاء عن السلام على النساء، فقال: ((إن كن شواب فلا)). (31)
* وأما مذهب الشافعية:
فقال النووي: ((قال أصحابنا: والمرأة مع المرأة كالرجل مع الرجل.
وأما المرأة مع الرجل، فقال الإمام أبوسعد المتولي: إن كانت زوجته أو جاريته أو محرماً من محارمه فهي معه كالرجل، فيستحب لكل واحد منها ابتداء الآخر بالسلام، ويجب على الآخر رد السلام.
وإن كانت أجنبية، فإن كانت جميلة يخاف الافتتان بها لم يسلم الرجل عليها ولو سلم لم يجز لها رد الجواب، ولم تسلم هي عليه ابتداءً، فإن سلمت لم تستحق جواباً، فإن أجابها كره له.
وإن كانت عجوزاً لا يفتتن بها جاز أن تسلم على الرجل، وعلى الرجل رد السلام عليها.
وإذا كانت النساء جمعاً فيسلم عليهن الرجل، أو كان الرجال جمعاً كثيراً فسلموا على المرأة الواحدة جاز، إذا لم يخف عليه ولا عليهن ولا عليها أو عليهم فتنة)). (32)
نقل كلام المتوليَّ ابنُ حجر، ثم قال: ((والفرق بين هذا وبين المالكية التفصيل في الشابة بين الجمال وعدمه، فإن الجمال مظنة الافتتان، بخلاف مطلق الشابة)). (33)
وقال النووي: ((وأما النساء فإن كن جميعاً سلم عليهن، وإن كانت واحدة سلم عليها النساء وزوجها وسيدها ومحرمها، سواء كانت جميلة أو غيرها، وأما الأجنبي فإن كانت عجوزاً لا تشتهى استحب السلام عليها، واستحب لها السلام عليه، ومن سلم منهما لزم الآخر رد السلام عليه.
وإن كانت شابة أو عجوزاً تُشتهى لم يسلم عليها الأجنبي، ولم تسلم عليه، ومن سلم منهما لم يستحق جواباً ويكره رد جوابه.
هذا مذهبنا ومذهب الجمهور)). (34)
وبوّب في رياض الصالحين لحديث سهل بن سعد وأم هانئ وأسماء بنت يزيد بقوله: ((باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه وعلى أجنبية وأجنبيات لا يخاف الفتنة بهن وسلامهن بهذا الشرط)). (35)
وقال سليمان البجيرمي: ((ولا يكره على جمع نسوة ولا على عجوز؛ لانتفاء الفتنة، بل يندب الابتداء منهن على غيرهن وعكسه، ويجب الرد كذلك، ويحرم من الشابة ابتداءً، ويكرهان عليها من الأجنبي ابتداءً ورداً)). (36)
وقال القليوبي: ((خرج جواب أنثى مشتهاة لرجل ليس بينهما نحو محرمية، فلا يجب بل يحرم عليها الرد، كالابتداء عليه، ويكره له الرد والابتداء عليها، ويجوز في نحو عجوز بلا كراهة، ويندب في نحو محرم)). (37)
وقال الآلوسي: ((في تحفتهم:
ويدخل في المسنون سلام امرأة على امرأة أو نحو محرم أو سيد أو زوج وكذا على أجنبي وهي عجوز لا تشتهى، ويلزمها في هذه الصورة رد سلام الرجل.
أما مشتهاة ليس معها امرأة أخرى فيحرم عليها رد سلام أجنبي، ومثله ابتداؤه، ويكره له رد سلامها، مثله ابتداؤه أيضاً، والفرق أن ردها وابتداءها يطمعه فيها أكثر بخلاف ابتداءه ورده، والخنثى مع رجل كامرأة ومع امرأة كرجل في النظر، فكذا هنا.
ولو سلم على جمع نسوة وجب رد إحداهن إذ لا يخشى فتنة حينئذ، ومن ثم حلت الخلوة بامرأتين)). (38)
*والراجح:
والراجح هو عدم جواز السلام عند خوف الفتنة عليه أو على المسَّلَّم عليها، أما عند أمن الفتنة فيجوز، وقد قال الحسن: ((كن النساء يسلمن على الرجال)). (39)
* وفي الباب حديثين:
الحديث الأول:عن بشر بن عون، قال: حدثنا بكار بن تميم، عن مكحول، عن واثلة _رضي الله عنه_، عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_:
((يسلم الرجال على النساء، ولا يسلم النساء على الرجال)). (40)
قال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_؛ قال أبو حاتم الرازي: بشار وبكار مجهولان (41))). (42)
وقال الذهبي: ((بكار بن تميم عن مكحول، وعنه بشر بن عون، وهذا سند نسخة باطلة)). (43)
وأقره ابن حجر. (44)
والحديث الثاني:
رواه أبو نعيم الأصبهاني، قال: حُدِّثت عن أبي طالب، قال: حدثنا علي بن عثمان النفيلي، قال: حدثنا هشام بن إسماعيل العطار، قال: حدثنا سهل بن هشام، عن إبراهيم بن أدهم، عن الزبيدي، عن عطاء الخراساني، يرفع الحديث:
((ليس للنساء سلام، ولا عليهن رد)). (45)
ولا يصح أيضاً؛ قال الألباني: ((وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه في أعلاه، وفي أدناه، على جهالة فيه وضعف.
¥