الثّاني أنّها: طريقة في الدّين مخترعة تضاهي الشّريعة يقصد بالسّلوك عليها ما يقصد بالطّريقة الشّرعيّة.
وبهذا التّعريف تدخل العادات في البدع إذا ضاهت الطّريقة الشّرعيّة، كالنّاذر للصّيام قائماً لا يقعد متعرّضاً للشّمس لا يستظلّ، والاقتصار في المأكل والملبس على صنفٍ دون صنفٍ من غير علّةٍ.
واستدلّ القائلون بذمّ البدعة مطلقاً بأدلّةٍ منها
أ - أخبر اللّه أنّ الشّريعة قد كملت قبل وفاة الرّسول صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه
«اليومَ أَكْملتُ لكم دينَكم وأَتممتُ عليكم نِعْمتي ورضيتُ لكم الِإسلامَ دِيناً» فلا يتصوّر أن يجيء إنسان ويخترع فيها شيئاً، لأنّ الزّيادة عليها تعتبر استدراكاً على اللّه سبحانه وتعالى.
وتوحي بأنّ الشّريعة ناقصة، وهذا يخالف ما جاء في كتاب اللّه.
ب - وردت آيات قرآنيّة تذمّ المبتدعة في الجملة، من ذلك قوله تعالى: «وأَنَّ هذا صراطي مستقيماً فاتَّبِعوه ولا تَتَّبِعُوا السُّبلَ فَتَفَرَّقَ بكم عن سبيلِهِ».
ج - كلّ ما ورد من أحاديث عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في البدعة جاء بذمّها، من ذلك حديث العرباض بن سارية: «وَعَظَنَا رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم موعظةً بليغةً، ذَرَفتْ منها العيونُ، وَوَجلَتْ منها القلوبُ.
فقال قائل: يا رسولَ اللّه كأنّها موعظةُ مودِّعٍ فما تَعْهَد إلينا.
فقال: أوصيكم بتقوى اللّه والسّمعِ والطّاعةِ لولاة الأمرِ، وإن كان عبداً حبشيّاً، فإنّه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديّين، تمسّكوا بها، وعضّوا عليها بالنّواجذ، وإيّاكم ومُحْدَثاتِ الأمورِ.
فإنَّ كلّ مُحْدَثَةٍ بِدعةٌ، وكلّ بدعةٍ ضلالة».
«د» أقوال الصّحابة في ذلك، من هذا ما روي عن مجاهدٍ قال: «دخلت مع عبد اللّه بن عمر مسجداً، وقد أذّن فيه، ونحن نريد أن نصلّي فيه، فثوّب المؤذّن، فخرج عبد اللّه بن عمر من المسجد، وقال:» اخرج بنا من عند هذا المبتدع «ولم يصلّ فيه.
+++الألفاظ ذات الصّلة+++
aa أ - المحدثات aa
4 - الحديث نقيض القديم، والحدوث: كون شيءٍ بعد أن لم يكن.
ومحدثات الأمور: ما ابتدعه أهل الأهواء من الأشياء الّتي كان السّلف الصّالح على غيرها.
وفي الحديث
" إيّاكم ومحدثات الأمور " والمحدثات جمع محدثةٍ بالفتح، وهي: ما لم يكن معروفاً في كتابٍ ولا سنّةٍ ولا إجماعٍ.
وعلى هذا المعنى تلتقي المحدثات مع البدعة على المعنى الثّاني.
aa ب - الفطرة aa
5 - الفطرة: الابتداء والاختراع.
وفطر اللّه الخلق: خلقهم وبدأهم، ويقال: أنا فطرت الشّيء أي: أوّل من ابتدأه.
وعلى هذا الوجه يلتقي مع البدعة في بعض معانيها اللّغويّة.
aa ج - السّنّة aa
6 - السّنّة في اللّغة: الطّريقة، حسنةً كانت أو سيّئةً.
قال عليه الصلاة والسلام: " من سَنَّ سُنّةً حسنةً فله أجرُها وأجرُ من عَمِل بها إلى يوم القيامة، ومن سَنّ سنّةً سيّئةً فعليه وِزْرها وَوِزْرُ من عَمِل بها إلى يوم القيامة ".
وفي الاصطلاح: هي الطّريقة المسلوكة الجارية في الدّين المأثورة عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أو صحبه.
لقوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين من بعدي " وهي بهذا المعنى مقابلة للبدعة ومضادّة لها تماماً.
وللسّنّة إطلاقات أخرى شرعيّة اشتهرت بها، منها: أنّها تطلق على الشّريعة كلّها، كقولهمالأولى بالإمامة الأعلم بالسّنّة.
ومنها: ما هو أحد الأدلّة الأربعة الشّرعيّة، وهو ما صدر عن رسول اللّه - غير القرآن - من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ.
ومنها: ما يعمّ النّفل، وهو ما فعله خير من تركه من غير افتراضٍ ولا وجوبٍ.
aa د - المعصية aa
7 - العصيان: خلاف الطّاعة يقال: عصى العبد ربّه إذا خالف أمره، وعصى فلان أميره: إذا خالف أمره.
وشرعاً: عصيان أمر الشّارع قصداً، وهي ليست بمنزلةٍ واحدةٍ.
فهي إمّا كبائر وهي: ما يترتّب عليها حدّ، أو وعيد بالنّار أو اللّعنة أو الغضب، أو ما اتّفقت الشّرائع على تحريمه، على اختلافٍ بين العلماء في تحديدها.
¥