وَبِهَذَا؛ يَسْتَطِيْعُ الحَافِظُ أنَّ يَقْطَعَ بِأنَّهُ في حَقِيْقَةِ الأمْرِ لَمْ يَحْفَظْ مِنْ «سُنَنِ ابنِ مَاجَه» إلَّا نِصْفَ العُشْرِ تَقْرِيْبًا، أمَّا إذَا حَذَفْنَا المُكَرَّرَاتِ مِنْهُ فَلرُبَّما نَقَصَ العَدَدُ أيْضًا!
* * *
ومِنْ بَقَايَا البَشَائِرِ المَرْضِيَّةِ، مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الحَقَائِقُ العِلْمِيَّةُ في تَقْرِيْبِ أحَادِيْثِ المُسْنَدِ الأحْمَدِيِّ، يُوَضِّحُهُ مَا يَلي:
أنَّ أحَادِيْثَ «مُسْنَدِ الإمَامِ أحمَدَ» فِيْمَا قِيَلَ: أنَّهَا تَجَاوَزَتْ سَبْعًا وعِشْرِيْنَ ألْفًا وسَبْعَمائَةٍ وتِسْعَةً وثَلاثِيْنَ حَدِيْثًا تَقْرِيبًا (27739)، كَمَا جَاءَ ذَلِكَ في طَبْعَةِ مُؤسَّسَةِ الرِّسَالَةِ، وهَذَا بالنَّظَرِ إلى الأحَادِيْثِ المُكَرَّرَةِ، أمَّا أعْدَادُهَا بدُوْنِ المُكَرَّرِ، فَهِي (9886) حَدِيْثًا.
ثُمَّ إذَا نَظَرْنَا إلى حَقِيْقَةِ زَوَائِدِ «مُسْنَدِ الإمَامِ أحمَدَ» على «الصَّحِيْحَيْنِ»، و «السُّنَنِ الأرْبَعِ» (والدَّارمِيِّ)، فإنَّا نَجِدُهَا قَرِيْبًا مِنْ (3752) حَدِيْثًا، كَمَا جَاءَ ذَلِكَ محرَّرًا في قَوْلِ الشَّيْخِ صَالحٍ الشَّاميِّ حَفِظَهُ الله، الأمْرُ الَّذِي يَجْعَلُ طَالِبَ العِلْمِ يَقِفُ ضَرُوْرَةً على أكْثَرِ أحَادِيْثِ «الصَّحِيْحَيْنِ» و «السُّنَنِ الأرْبَعِ».
وَبِهَذَا؛ يَسْتَطِيْعُ الحَافِظُ أنَّ يَقْطَعَ بِأنَّهُ في حَقِيْقَةِ الأمْرِ لَمْ يَحْفَظْ مِنْ «مُسْنَدِ الإمَامِ أحمَدَ» إلَّا سُبْعَهُ على التَّقْرِيْبِ، أمَّا إذَا حَذَفْنَا المُكَرَّرَاتِ مِنْهُ فَلرُبَّما نَقَصَ العَدَدُ أيْضًا!
* * *
وكَذَا مِنْ تَتِمَّاتِ البَشَائِرِ المَرْضِيَّةِ: أنَّ أحَادِيْثَ «مُوَطَّأ الإمَامِ مَالِكٍ» فِيْمَا قِيَلَ: أنَّهَا لا تَتَجَاوَزُ ألْفَيْنَ حَدِيْثٍ (2000)، كَمَا جَاءَ ذَلِكَ في طَبْعَةِ الرِّسَالَةِ نَاشِرُوْنَ.
ثُمَّ إذَا نَظَرْنَا إلى حَقِيْقَةِ زَوَائِدِ «مُوَطَّأ الإمَامِ مَالِكٍ» على «الصَّحِيْحَيْنِ»، و «السُّنَنِ الأرْبَعِ»، فإنَّا نَجِدُهَا قَرِيْبًا مِنْ (134) حَدِيْثًا، كَمَا جَاءَ ذَلِكَ في نُسْخَةِ الشَّيْخِ يَحْيَى اليَحْيَى، الأمْرُ الَّذِي يَجْعَلُ طَالِبَ العِلْمِ يَقِفُ ضَرُوْرَةً على أكْثَرِ أحَادِيْثِ «الصَّحِيْحَيْنِ»، و «السُّنَنِ الأرْبَعِ».
ومَهْما يَكُنْ مِنْ تَقْرِيْبٍ وتَسْهِيْلٍ؛ إلَّا أنَّ الحَقِيْقَةَ مَا زَالَتْ قَائِمَةً هُنَا: وهِيَ أنَّ حِفْظَ الطَّالِبِ لأحَادِيْثِ الكُتُبِ السِّتَّةِ لم يَكُنْ في حَقِيْقَتِهِ إلَّا قَرِيْبًا مِنْ سُبُعِ مَجْمُوْعِ الأحَادِيْثِ، يُوَضِّحُهُ الحِسَابُ الآتي:
مَجْمُوْعُ أحَادِيْثِ الكُتُبِ السِّتَّةِ بالمُكَرَّرِ: قَرِيْبًا مِنْ (34649) حَدِيْثًا.
وبدُوْنِ المُكَرَّرِ: قَرِيْبًا مِنْ (5754) حَدِيْثًا، أيْ: بمُعَدَّلِ سُدُسِ المَجْمُوْعِ تَقْرِيْبًا!
هَذَا إذَا عَلِمْنَا أنَّ الحَافِظَ للكُتُبِ السِّتَّةِ في حَقِيْقَةِ الأمْرِ لم يَحْفَظْ إلَّا الأصُولَ، ومَا جَاءَ فِيْهَا بِطَرِيْقِ التَّكْرَارِ والاتِّفَاقِ فَهُوَ زِيَادَةٌ لَهُ في الحِفْظِ والتَّذْكِيْرِ لمَا مَضَى، الأمْرُ الَّذِي سَيَزِيْدُ الحَافِظَ تَرْسِيْخًا لمَحْفُوْظَاتِهِ، وتَذْكِيْرًا لمُطَالَعَاتِهِ.
* * *
ومِنْ أوَاخِرِ البَشَائِرِ لا آخِرَهَا؛ مَا ذَكَرَهُ وحَرَّرَهُ شَيْخُنَا صَالحُ بنُ أحمَدَ الشَّامِيُّ حَفِظَهُ الله: وهُوَ أنَّ مَجْمُوْعَ أحَادِيْثِ الكُتُبِ التِّسْعَةِ (الصَّحِيْحَيْنِ والسُّنَنِ الأرْبَعِ وسُنَنِ الدَّارمِيِّ والمُوَطَّأ والمُسْنَدِ)، بالمُكَرَّرِ: هُوَ اثْنَانِ وسُتُّوْنَ ألْفٍ وتِسْعِمائَةٍ وسَبْعَةٌ وثَلاثُوْنَ حَدِيْثًا تَقْرِيبًا، (62937).
وعَدَدُهَا بغَيْرِ المُكَرَّرِ: هُوَ سِتَّةَ عَشَرَ ألْفٍ ومِئَتَانِ وتِسْعُوْنَ حَدِيْثًا، (16290)، أيْ: بمُعَدَّلِ رُبْعِ المَجْمُوْعِ تَقْرِيبًا. انْتَهى.
فالحَمْدُ لله رَبِّ العَالميْنَ، الَّذِي يَسَّر لَنَا الدِّيْنَ، ومَا جَعَلَ عَلَيْنَا في تَعَلُّمِهِ مِنْ حَرَجٍ!
فَائِدَةٌ عَزِيْزَةٌ: لَقَدْ بَاتَ مِنْ خَاصَّةِ النَّصِيحَةِ أنْ أذَكِّرَ نَفْسِي وطُلَّابَ العِلْمِ لاسِيَّما ممَّنْ رَامَ حِفْظَ السُّنَّةِ أنْ يُوَطِّنَ نَفْسَهُ على حِفْظِ «الصَّحِيْحَيْنَ»، فلا يَسْتَطِيْلَ مُدَّتَهُما ولا يَسْتَثْقِلَ حِفْظَهُما؛ لأنَّ عَلَيْهِما مَدَارُ أحَادِيْثِ كُتُبِ السُّنَّةِ في الجُمْلَةِ، لاسِيَّما في الأصُوْلِ، كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الحَافِظُ أبو عَبْدِ الله ابنُ الأخْرَمِ رَحِمَهُ الله.
بمَعْنَى: أنَّ الحَافِظَ «للصَّحِيْحَيْنَ» سَوْفَ يَسْهُلُ عَلَيْهِ كَثِيْرٌ مِنَ مَجَامِيْعِ أحَادِيْثِ كُتُبِ السُّنَّةِ السِّتَّةِ في غَيْرِهَا، والله تَعَالى أعْلَمُ.
* * *
وأخِيْرًا؛ فَمَنْ وَصَلَ بحِفْظِهِ إلى الكُتُبِ السِّتَّةِ؛ فَقَدْ فَازَ ورَبِّ الكَعْبَةِ بخَيْرِ الدَّارَيْنِ، وحَازَ رِضَا رَبِّ العَالمِيْنَ، وبَاتَ مِنْ وَرَثَةِ سَيِّدِ الأنْبِيَاءِ والمُرْسَلِيْنَ!
ولْيَهْنَئْهُ العِلْمُ والإيْمَانُ؛ حَيْثُ انْتَظَمَ اسْمُهُ في سِلْكِ حُفَّاظِ السُّنَّةِ، وانْخْرَطَ بنَفْسِهِ مَعَ زُمْرَةِ أهْلِ العِلمِ الرَّبَّانِيِّيْنَ ممَّنْ لَهُمْ قَدَمُ صِدْقٍ في العَالَمِيْنَ.
والحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على عَبْدِهِ ورَسُوْلِهِ الأمِيْنِ
وكَتَبهُ
ذِيابُ بنُ سَعد آل حَمْدانَ الغامديُّ
(6/ 10/1431)
الطائف المأنوس
[email protected]
¥