تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[وجدت أصلا لقول الناس عن لابس النظارة: له أربع عيون!]

ـ[أبو سليمان المحمد]ــــــــ[17 - 09 - 10, 07:54 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

وبعد:

فقد أرسلت مرة لبعض الإخوة رسالة جوال فيها السؤال التالي [على سبيل المزاح]:

س: هل كان في السلف من يعرف النظارة؟

-وكان الجواب: نعم جاء ذلك في كلام خالد بن معدان الحمصي رحمه الله [وهو تابعي، من رجال الصحيحين]: (ما من آدمي إلا وله أربعة أعين).

-وذلك بناء على ما اشتهر عندنا مذ كنا صغارا من وصف من يلبس النظارات بأنه (أبو أربعة عيون).

- والأثر المذكور رواه الخرائطي في اعتلال القلوب والبيهقي في القضاء والقدر546 من طريق الفريابي عن الثوري عن ثور عن خالد به. وهذا سند على رسم البخاري.

- وله طريق ثان عن الثوري عند الطبري في تفسيره، وثالث عنه أيضا في الحلية لأبي نعيم5/ 212.

- وله طريق آخر عن خالد بن معدان عند ابن الأعرابي في معجمه وابن عساكر في تاريخه18/ 145 - من طريق ابن الأعرابي-، وهذا لفظه:

(ما من آدمي إلا وله أربعة أعين: عينان في رأسه فيبصر بهما أمر الدنيا، وعينان في قلبه يبصر بهما أمر الآخرة، فإذا أراد الله بعبده خيرا فتح عينيه اللتين في قلبه ... ).

- ثم إنه خطر لي ما يمكن أن يستدل به على أن لذلك التعبير أصلا من حيث اللغة [حقيقة، لا من باب المزاح].

وهو ما في الحديث التالي:

- عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن صفوان بن عسال: {قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي.

قال له صاحبه: لا تقل نبي!

لو سمعك كان له أربعة أعين ... }.

رواه أبوداود الطيالسي وأحمد والترمذي والنسائي وروى ابن ماجه أصله وغيرهم / والحديث صححه الترمذي والحاكم وغيرهما

-وقد ضعفه البخاري و النسائي و العقيلي وابن الأخرم و ابن القيم وابن كثير والزيلعي والألباني ومحققوا طبعة الرسالة30/ 13 وغيرهم.

-ووجه الاستدلال من هذا الحديث: أن المراد من قوله: (صارت له أربعة أعين) أنه إن بلغ محمدا صلى الله عليه وسلم أننا نعتناه بالنبوة فسيكون سببا لسروره به وهو من أسباب قوة أعضائه حتى إن عينيه ستكونان كأربع عيون في القوة-أشار لنحو هذا السندي في حاشيتي المسند والنسائي، والمباركفوري في تحفة الأحوذي-. [ويحتمل أنه أراد بذلك أن كلامك هذا إن بلغه فسيكون سببا لقوة حجته علينا , لا أنه سيسر بذلك -ولم أر من ذكر هذا المعنى-]

ووجه الاستدلال به على مسألتنا هذه أنه كما كان وصف العينين بأنهما أربع بسبب ما طرأ عليها من مقو معنوي؛ فأولى منه أن توصف بأنها أربع إذا طرأ عليها مقو حسي. [ويشهد لأصل هذا المعنى ما يأتي عن حميد بن عبدالحميد]

ثلاث تنبيهات:

1/لم أتوسع في تخريج الحديث والأثر السابقين ولم ذكر أرقام الصفحات [وكذا ألتزم ذكرها فيما يأتي]؛ وذلك طلبا للعجلة لضيق الوقت وتمشيا مع أصل باب الملح (ومن أراد توثيق شئ منها فليعلمني كي أذكرها له-إن شاء الله-).

2/هكذا ورد الحديث في طائفة من المصادر (أربعة أعين)، وفي بعضها دون التاء المربوطة. [والكلام في هذه المسألة النحوية مشهور معروف]

3/لايخفى أن إطلاق هذه العبارة (أبو أربع عيون) إن كان المخبر عنه يكرهها فإنها تكون من الغيبة المحرمة، لما هو معلوم من أن ضابط الغيبة هو كراهة أخيك الغائب-كما في حديث العلاء عن أبيه عن أبي هريرة في مسلم-. [ولا ترد هنا مسألة التمييز في نحو: الأعمش والأعمى؛ لأن وصفه بعبارة (أبو أربع عيون) أمر زائد على مجرد التعريف بكونه لابسا للنظارة، فلا حاجة لوصفه بما يكره مع كون أصل التعريف به ممكن ومغن عن ذلك الوصف الفضلة. والله أعلم]

ثلاث لطائف:

1/ فيلابن الوردي –عند كلامه عن خروج يأجوج ومأجوج-: (وقيل: إن فيهم طائفة لكل منهم أربعة أعين؛ عينان في رأسه وعينان في صدره)!

2/ذكر الجاحظ في رسالته قول حميد بن عبد الحميد [الطوسي أبو المحمدين الثلاثة الشعراء، والد محمد أبي نصر الذي رثاه أبوتمام بمرثيته البديعة الشهيرة التي تقوم مقام النصر إذ فاته النصر] وهو يعدد ما امتاز به الترك على الخوارج في الحروب-في جوابه للمأمون-: (وللترك أربعة أعين: عينان في وجهه , وعينان في قفاه)!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير